صفارات الإنذار تدوي في عكا وحيفا ومحيطهما ومناطق عدة بالجليل الأعلى والغربي
استأنف الاتحاد الأفريقي جهوده لدفع ملف المصالحة الوطنية في ليبيا قدما، بعد فشل عقد مؤتمر سرت، إذ دعا هذه المرة أطراف النزاع إلى العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، للتحضير للقاء جامع على الأراضي الليبية، في محاولة لفحص قدرة التكتل على علاج أزمات دوله بعد فشله في النيجر والسودان، بحسب محللين سياسيين.
وأنهى وزير خارجية الكونغو برازفيل جان كلود جاكوسو المبعوث الأفريقي، زيارة عمل إلى طرابلس وبنغازي، تزامنت مع عدة أحداث سياسية وعسكرية، بعد قرار لمجلس النواب ضد المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة، وما تبعها من إجراءات ضد محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، إلى جانب التوتر الأمني في ضواحي العاصمة.
واتفقت الشخصيات التي التقاها المبعوث الأفريقي، على اعتبار المصالحة الوطنية خطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار الدائم.
وأعرب القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، عن تقديره لجهود جمهورية الكونغو- برازافيل، ومفوضية الاتحاد الأفريقي للوصول بشأن ليبيا، في حين شدد رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، على أهمية دور الاتحاد الأفريقي في تحقيق الاستقرار في البلاد.
وخلافا للعادة لم يعقد مبعوث الاتحاد الأفريقي لقاء مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، في حين وجه الدعوة للنائب بالمجلس الرئاسي موسى الكوني للمشاركة في المؤتمر المرتقب الذي سيجمع كافة الأطراف الليبية لدعم المصالحة في ليبيا.
وعرض الدبلوماسي الكونغولي على الليبيين مقترحا من رؤساء الاتحاد الأفريقي ورئيس اللجنة رفيعة المستوى التي يقودها رئيس الكونغو دنيس ساسو نغيسو لدعوة الأطراف المنخرطة في النزاع إلى أديس أبابا للتوقيع على ميثاق المصالحة الوطنية، بالإضافة إلى وثيقة العدالة الانتقالية ووثيقة التعويضات اللازمة والضرورية.
وكان ممثلو سيف الإسلام القذافي نجل الرئيس السابق انسحبوا من الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر المصالحة الوطنية في أواخر ديسمبر/ كانون الأول احتجاجا على رفض إطلاق سراح سجناء، قبل إعلان ممثلي القيادة العامة القرار ذاته.
وقبل تقديم استقالته في أبريل/ نيسان الماضي، في مجلس الأمن الدولي بنيويورك، أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبد الله باتيلي تأجيل مؤتمر المصالحة الوطنية حتى إشعار آخر والذي كان من المقرر عقده في الشهر ذاته المنصرم في مدينة سرت.
وفي تعليقه على ذلك، أكد الباحث السياسي إسلام الحاجي لـ"إرم نيوز"، ضرورة تقديم مبادرات قبل أي مؤتمر مصالحة.
وقال الحاجي إن "هناك شروطا يجب في البداية القيام بها منها الإفراج عن السجناء عقب الأحداث التي حصلت ما بعد ثورة فبراير، وجبر الضرر وتقديم التعويضات، إذ إن الكثير من الأشخاص فقدوا أرواحهم وأملاكهم، وأيضا رد المظالم إلى أهلها"، مضيفا: "من هنا يمكن الذهاب إلى المصالحة الوطنية".
لكن حاجي، يعتقد أن "المشكلة في تركيبة الاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء داخل هذه الهيئة، حيث توجد الكثير من الاختلافات داخله بين أنظمة حكم استبدادية في بعض البلدان، فيما تغيب التفاهمات حتى داخل الدولة الواحدة".
ويرى أن المشاكل التي يواجهها التكتل الأفريقي، تضعف من فرص إنجاح أي مصالحة تحت إشرافه، لافتا إلى الانقلابات التي شهدتها دول الساحل، وما تبعها من بروز تكتلات جديدة.
وشدد حاجي على أن "المصالحة يجب أن تعقد في ليبيا، وأن تكون الأطراف ليبية مع إشراف الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي".
بدوره، قال أستاذ العلاقات الدولية الدكتور مسعود السلامي، إن "الاتحاد الأفريقي هو الحاضر الغائب ودوره في حل الأزمة الليبية مفقود وعديم الجدوى"، وفق تعبيره.
وأضاف السلامي لـ"إرم نيوز"، أن "موضوع المصالحة يحتاج إلى إعادة ضبط؛ لأن السؤال هو مصالحة من مع من؟".
وتابع :" إذا المقصود هم الليبيون فهم متصالحون، أما إذا كان المقصود الأطراف السياسية المتصارعة، فإنها لا تحتاج إلى تدخل أي طرف للمصالحة بقدر ما تحتاج إلى إرادة داخلية ودولية لإزالة هذه الأجسام المهترئة التي سممت الحياة السياسية في ليبيا، وسوّدت حياة الليبيين".
وفي الوقت الذي أشار فيه المحلل السياسي إلى أن الاتحاد الأفريقي لم ينجح في حل مشكلتي النيجر والسودان، تساءل إن كان قادرا على الوصول إلى تسويات في ليبيا.
على العكس من ذلك، يؤيد المحلل السياسي النيجري عمر الأنصاري تكرار الاتحاد الأفريقي تحركاته لإحياء ملف المصالحة الوطنية في ليبيا بغض النظر عن الأوضاع الأمنية والسياسية.
وقال الأنصاري في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "تلك المؤتمرات مع تكرارها بين الأشقاء في الوطن قد يأتي يوما، ويقتنعون بأن لا وجود لهم إلا بالمصالحة الوطنية ووحدة الشعب لانتخاب حكومة موحدة تشمل الأطراف جميعها دون تحيز أو إقصاء أحد".
وأكد الباحث السياسي "حاجة ليبيا إلى المصالحة ليس بين جهات الوطن فحسب، وإنما بين قادة بعض القبائل ومكونات المجتمع على رأسها الطوارق والتبو، مع تحقيق التوازنات الجهوية في تسيير الشؤون الإدارية والسياسية".