لماذا تحجب طهران وسائل الإعلام السعودية عن الإيرانيّين؟
لماذا تحجب طهران وسائل الإعلام السعودية عن الإيرانيّين؟لماذا تحجب طهران وسائل الإعلام السعودية عن الإيرانيّين؟

لماذا تحجب طهران وسائل الإعلام السعودية عن الإيرانيّين؟

حافظت المملكة العربية السعودية، شأن دول الخليج الخمس الأخرى، على إبقاء الشعب الإيراني خارج دائرة خلافاتها مع قادة طهران.

وظلت الرياض، حتى في أسوأ الظروف التي شهدتها علاقات البلدين، تنظر للإيرانيين كشعب صديق خاضع لتأثير الخطاب الرسمي لحكومات طهران المتعاقبة، محاولة في الوقت ذاته الوصول للإيرانيين بعدة طرق رغم العقبات التي يضعها القادة والمسؤولون الإيرانيون.

فعلى الرغم من أن العلاقة بين البلدين متوترة بشكل كبير حالياً، إلا أن الرسائل السعودية الموجهة للإيرانيين مازالت ناعمة، وتختلف كلياً عن الرسائل "شديدة اللهجة" التي تبعثها الرياض إلى طهران بسبب استمرارها في سياسة التدخل بدول المنطقة ودعم الميليشيات المسلحة فيها.

وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية، صالح آل الشيخ، انتقد السياسة الإيرانية، موجها في ذات الوقت رسالة ناعمة جديدة للشعب الإيراني، تضاف لخطاب سعودي رسمي طالما دعا إلى التمييز بين الإيرانيين وحكومتهم.

وقال آل الشيخ، في محاضرة ألقاها مؤخرا ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية الثقافي في العاصمة الرياض، "إن السعودية لا تعادي الشعب الإيراني، ولكن المواجهة مع نظام الخميني ومنهاجه، ومن الواجب أن نقوم بعزل الفكرة الخمينية ومن يمثلها عن باقي الشعب الإيراني".

 لكن وصول الخطاب السعودي الرسمي للشعب الإيراني، أصبح أصعب من أي وقت مضى، بما يبذله قادة إيران  من جهود كبيرة لمنع وصول أي خطاب سعودي ناعم للشعب الإيراني.

حجب "واس" محاولة إيرانية لمنع وصول "الخطاب السعودي الناعم"

وفي سياق ذلك، حجبت السلطات الإيرانية ، قبل نحو أسبوعين، موقع وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) الذي ينشر بعدة لغات، بينها الفارسية، لتنضم بذلك آخر وسيلة إعلامية سعودية إلى عشرات الصحف والمواقع الإلكترونية السعودية التي حجبتها طهران منذ سنوات.

الإعلامي السعودي ورئيس تحرير صحيفة "مكة" الإلكترونية، عبد الله الزهراني، يؤكد أن حجب موقع "واس" أمر متوقع، فقادة إيران حريصون على عدم وصول أي صوت سعودي لشعبهم، خشيةً من اهتزاز العقيدة السياسية الهشة التي رسختها إيران في عقول شعبها، لاسيما أن الخطاب السعودي يكشف للإيرانيين نتائج سياسة حكوماتهم في دول المنطقة وما تخلفه من مآس لا يعرفها الإيرانيون.

وقال الزهراني الذي تحجب طهران موقع صحيفته لـ "إرم نيوز"، سيبتكر الإيرانيون طرقاً مختلفة لتجاوز ذلك الحجب، كطبيعة بشرية تقوم على رغبة الإنسان الشديدة في حب المعرفة والاطلاع والوصول للممنوع.

أما أستاذ الإعلام والسياسة الخارجية بجامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور فيصل إدريس، فيرى أن إيران تكافح لفرض طوق حديدي على السعودية ومنع وصول صوتها للإيرانيين بسبب سياستها وخطابها "المناهض لفكر ثوري متطرف يعتنقه ملالي إيران".

وقال لـ "إرم نيوز"، إن الوسائل الإعلامية الإيرانية كانت ستنقل جزءاً مما تنشره "واس" لو لم يتم حجبها، لتحدث تأثيراً في الرأي العام الإيراني بصفتها وسائل إعلام محلية لها متابعوها التي يثقون بها.

مواقع التواصل الاجتماعي محجوبة منذ سبع سنوات

غير أن إدريس، قلل من محاولة قادة طهران عزل شعبهم عن باقي دول العالم، ساخراً من أسلوب الحجب الذي أصبح من مخلفات الماضي على حد وصفه، بعد أن أصبح الوصول لأي معلومة سهلا جداً ولا يمكن السيطرة عليه أو منعه في ظل هذا "الانفجار المعلوماتي والتقني"، حسب وصفه.

وإضافة لغالبية وسائل الإعلام السعودية التي تبث وتنشر باللغتين العربية أو الفارسية، تحجب إيران غالبية مواقع التواصل الاجتماعي، منذ نحو 7 سنوات، لكن ملايين الإيرانيين يستخدمون تلك المواقع عبر تطبيقات وبرامج خاصة تتيح لهم الولوج لتلك المواقع والاطلاع على ما يتم تداوله من خارج إيران حول مختلف القضايا، لاسيما ما يرتبط منها بسياسات إيران الخارجية، تحديدا تلك المتعلقة بدول المنطقة، كاليمن وسوريا والعراق.

ويرى خبراء الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، أن الرأي العام الإيراني تشكل في السنوات الماضية بالاعتماد على ما تبثه وسائل الإعلام الرسمية التي تدعم سياسة الحكومة، لكن هذا الرأي قد يتغير مع ارتفاع عدد رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إيران ومشاهدة الإيرانيين حقائق لا يعرفونها حول مختلف القضايا.

تسييس الحج

وتصور وسائل الإعلام الإيرانية الصراع في سوريا والعراق واليمن، على أنه حرب مع مجموعات "إرهابية" مسلحة مدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها، في محاولة لتجنيد الشباب وإرسالهم للقتال في تلك الدول، فيما تتجاهل نشر دعوات السعودية وحلفائها لطهران بالكف عن سياسة التدخل بدول المنطقة.

ولكن الدعوات الداخلية لوقف سياسة التدخل الخارجي وإرسال الشباب الإيرانيين للقتال في تلك الدول بدأت تزداد، مع مشاهدة الإيرانيين لمقاطع فيديو وصور وتدوينات توثق الكارثة الإنسانية في تلك البلدان بسبب مشاركة بلادهم في تلك الصراعات، وفقاً لتصريحات المعارضة الإيرانية في الخارج.

وقال الزهراني، حتى موسم الحج الذي كان فرصة للشعب الإيراني كي يخرج من العباءة الرسمية المفروضة عليه، ويطلع عن قرب على السعودية وشعبها وحكومتها وما تبذله لراحة حجاج بيت الله الحرام، سيسه قادة طهران، ومن ثم منعوا مواطنيهم من أداء الحج خوفاً من الاطلاع على ما هو مغاير لما تروجه لهم.

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com