المسرح السعودي.. تجارب خجولة وإهمال رسمي
المسرح السعودي.. تجارب خجولة وإهمال رسميالمسرح السعودي.. تجارب خجولة وإهمال رسمي

المسرح السعودي.. تجارب خجولة وإهمال رسمي

تبقى تجربة المسرح في المملكة العربية السعودية إحدى أفقر التجارب المسرحية في العالم العربي، إذ تأخر تأسيس هذا المسرح قرنًا بعد  تأسيس أول مسرح عربي في لبنان على يد مارون النقاش عام 1847، ليبقى مجرد تجربة خجولة يطالها الإهمال الرسمي والكثير من الرفض الشعبي، في ظل الموروث الثقافي المحافظ.

نشأة المسرح السعودي

يعيد بعض الباحثين نشأة المسرح السعودي إلى العام 1932، بالتزامن مع تأليف الكاتب حسين عبد الله سراج، لأول نص مسرحي في تاريخ المملكة، في حين يرى آخرون أن أولى التجارب المسرحية المحلية الجادة، ظهرت مع تأسيس المسرحي أحمد السباعي، لمسرح "دار قريش للتمثيل الإسلامي" في مكة المكرمة، مطلع الستينيات من القرن الماضي، وعرض مسرحية "صقر قريش" في ليلة الافتتاح.

وخلال حقبة التسعينيات من القرن الماضي، خرَّج المسرح السعودي عددًا من أبرز الممثلين في المملكة؛ منهم عبد الله السدحان، وناصر القصبي، وعبد الإله السناني، وراشد الشمراني، والراحلة بكر الشدي.

تجارب متواضعة

وتتالت التجارب المسرحية في المملكة على فترات زمنية متباعدة، لتتسم غالبيتها بأنها "متواضعة" كمسرحية "الحل المفقود" لعبد الرحمن المريخي، ومسرحية "حضارة الإسلام" لمحمد سليمان الشايقي، في ثمانينيات القرن الماضي.

ويرى الكثير من المسرحيين السعوديين، أن فن المسرح غائب في المملكة، ولا يمكن أن يطلق عليه اسم "المسرح السعودي" إذ لم ترقَ التجارب المسرحية المتواضعة لمستوى دول الجوار، أو التجارب العالمية.

إهمال رسمي

ولم يحظَ المسرح السعودي بالاهتمام الرسمي المطلوب، إذ بقيت التجارب المسرحية، عبارة عن جهود شخصية إلى ثمانينيات القرن الماضي، مع ظهور "الجمعية السعودية للثقافة والفنون" التي استمرت في إهمال المسرح، ولم تتمكن من رسم ملامح الشخصية المسرحية السعودية المتفردة.

وباستثناء بعض الفعاليات الرسمية، خلال أيام الأعياد، يغيب الدعم الحكومي لهذا النوع من الفنون، على غرار إهمال قطاع السينما.

وتحاول جمعية المسرحيين السعوديين، وضع الأسس لشخصية المسرح السعودي،  إلا أن الكثير من العقبات تطال مشروعها، في ظل الافتقار للدعم الرسمي، وعدم تبني وزارة الثقافة لتلك المبادرات، وغياب الترويج لها في القنوات الفضائية المحلية.

دعوات للتطوير

وبين الحين والآخر تلوح في الأفق دعوات للنهوض بالمسرح السعودي، وتطويره؛ وفي أحدث تلك الدعوات، طالبت الباحثة السعودية، تركية عواض الثبيتي، بمواجهة التحديات وإرساء هوية المسرح المحلي.

وجاءت دعوة الثبيتي عبر مداخلتها خلال فعاليات مؤتمر الأدباء السعوديين الخامس، الذي انطلقت فعالياته، مساء أمس السبت، إذ تقول الباحثة إن "دراسات الطلاب الذين يتوجهون للمسرح تُرفَض بحجج واهية؛ مثل عدم وجود متخصصين فيه، أو لعدم اهتمام الجامعات بمثل هذه الدراسات، أو لأن هناك أيادي تقوض هممهم، فيتقوض شكل من أشكال الإبداع السعودي كان من الممكن أن يكون بابًا لسد ثغرة من ثغرات النقد المسرحي الموضوعي بأقلام نقدية سعودية متخصصة".

ضعف الاستثمار

كما تصطدم دعوات تطوير المسرح السعودي، بضعف الاستثمارات الخاصة به، وغياب البنية التحتية، كالمسارح الخاصة، وضعف الدعم المادي؛ ما يقف حائلًا دون تحوّل حضور المسرح إلى ثقافة جمعية تستقطب شرائح المجتمع.

رفض شعبي

وتساهم العادات والموروث الثقافي الجمعي المغرق في محافظته والتزامه، في ضعف الإقبال على المسرح، إذ تصطدم دعوات تطوير المسرح بمخاوف شعبية من احتمال تحوّل فعالياته إلى باب للاختلاط بين الجنسَين.

كما يساهم الإقبال الكبير من قبل السعوديين على الخيارات الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، في تراجع الفنون المسرحية، وصعوبة تحول المسرح إلى طقس اعتيادي.

ولم تساهم المدارس الابتدائية في زرع ثقافة حضور المسرح لدى الطلاب، ما يثير حفيظة مثقفين سعوديين ممن يوجهون انتقاداتهم للمؤسسة التعليمية، وعدم قدرتها على مجاراة التجارب في الدول المتقدمة، التي تزرع في الطالب الاهتمام بالمسرح والفنون عمومًا في مراحل مبكرة من طفولته.

وما بين رفض شعبي وإهمال رسمي؛ تبقى تجربة المسرح في السعودية، إحدى أكثر التجارب المسرحية تأخرًا في العالم، في ظل انتقادات شعبية للقائمين على المسرح المحلي، تتهمهم بغياب جدية الطرح، وعدم احترام عقول الجمهور، بطرح نصوص مسرحية غير هادفة، وتتسم بـ "التهريج والابتذال".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com