هل يباشر إصلاحيو إيران في إصلاح علاقات بلادهم بالجيران العرب؟
هل يباشر إصلاحيو إيران في إصلاح علاقات بلادهم بالجيران العرب؟هل يباشر إصلاحيو إيران في إصلاح علاقات بلادهم بالجيران العرب؟

هل يباشر إصلاحيو إيران في إصلاح علاقات بلادهم بالجيران العرب؟

بعد سيطرة الإصلاحيين في إيران على البرلمان، وعلى مجلس خبراء النظام، يُطرح سؤال ملح، حول مدى تأثير هذا الوضع على علاقة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بجيرانها على الضفة العربية من الخليج، خصوصا المملكة العربية السعودية، التي تقود تحالفا واسعا ضد ما يوصف بمحاولات إيران زعزة أمن واستقرار دول في المنطقة.

هذا السؤال وغيره من الأسئلة محل نقاش وتداول نخب سياسية وثقافية ومحللين اقتصاديين، عرب وإيرانيين.

فثمة من يرى أن التصدي السعودي الصلب والحاسم لإيران في أكثر من موقع وعلى أكثر من جبهة، أهمها اليمن ولبنان، قد دفع صُنّاع الرأي العام الإيرانيين، وصُنّاع السياسية أيضا إلى إعادة ترتيب الأولويات والاستحقاقات الإيرانية، سواء على الصعيدي الداخلي أوالخارجي.

ولوحظ أن إطلاق الطاقة الاجتماعية لدى الإيرانيين وخصوصا الشباب باتجاه تعبير حر عن رغبتهم في الانفتاح على العالم، عوضا عن التخندق الايديولوجي المغلق، هو ما منح أصواتهم للاصلاحيين ضد المحافظين، وهو ما اتضح جليا في في نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة هذه.

وإذا كان الحراك السياسي الإيراني، والديناميكية التي يتمتع بها المجتمع الإيراني منحا في الانتخابات البرالمانية، التيار الاصلاحي بقيادة الرئيس حسن روحاني مكانة متفردة في صدارة المؤسسة التشريعية (مجلس الشورى) وفي صدارة مجلس خبراء القيادة ( ذي الطبيعة المعقدة ولكن المؤثرة في صوغ السياسات العليا بما فيها انتخاب المرشد الأعلى).

وإذا كانت هذه الانتخابات وجهت ضربة مؤلمة للمحافظين والأصوليين الذين كانوا يهيمنون على المجلسين، فإن بنية مؤسسات الحكم في إيران، والفلسفة البراغماتية شديدة التعقيد التي تحكم طبيعة العلاقات بين مؤسسات وأجنحة السلطة المختلفة، وتحكم رؤية إيران الخارجية، هذه البنية والفلسفة لا تكشفان أوراق اللعبة السياسية الإيرانية ببساطة، خصوصا فيما يتعلق بعلاقات طهران الخارجية، ومن يعود إلى فترة حكم الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي (1997-2005) وخطاب الانفتاح على العالم وحوار الحضارات، يفهم قواعد اللعبة السياسية في إيران التي تقول شيئا وتفعل في أغلب الأحيان شيئا آخر.

فهل تغيرت قواعد اللعبة هذه المرة؟ 

يرى محلل سياسي خليجي متابع للشأن الإيراني أن ثمة تغيرا هذه المرة، وذلك لأسباب عديدة؛ فجيل "ملالي" الثورة بات كبيرا في السن، وغير قادر على مواصلة الدفع بالأجندات والخطابات الأيديولوجية للثورة الاسلامية، كما كانت الحال في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، فأبرز رجلين في الثورة مؤثرين اليوم هما المرشد الأعلى على خامنئي (يبلغ من العمر 77 عاما ) وهاشمي رفسنجاني ( يبلغ من العمر 81 عاما).

لكن السبب الأهم هو ما فعلته سنوات الحصار الطويلة، والعزلة المرة التي عاشتها إيران بعيدا عن التطورات والتحولات التي شهدها العالم، خصوصا في قطاع الصناعة والتكنولوجيا الحديثة، فسنوات الحصار والعزلة قدمت للجيل الجديد من السياسيين الإيرانيين ( خصوصا الشباب الذين يشكلون أغلبية فريق عمل الرئيس روحاني) دروسا مهمة في طريقة الموازنة بين المصلحة الوطنية الإيرانية، وبين العقيدة التوسعية للثورة الخمينية، إذ إن هذه الأخيرة لم تقدم للإيرانيين سوى المزيد من الفقر والبؤس والتخلف، وتوجيه مصادر الدخل لتمويل جماعات وميليشيات مسلحة تخوض صراعات وحروبا لا علاقة للمجتمع الإيراني بها.

ويرى المحلل السياسي الخليجي أن إحكام الاصلاحيين قبضتهم على أهم ثلاث مؤسسات في إيران -وهي الرئاسة والبرلمان و مجلس خبراء القيادة- سيمكنهم دون شك، من إحداث التغيير الذي طالب به الناخب الإيراني، وفي مقدمته الإصلاح الاقتصادي ورفع منسوب الرفاه المعيشي الذي يترقبه الناخبون، غير أن إحداث التغيير الداخلي هذا مرتبط بإحداث تغيير في سياسة إيران الخارجية وعلاقاتها، على وجه الخصوص بالسعودية ودول الخليج الأخرى.

هنالك من يرى أن لاخيار أمام طهران للاستفادة من رفع العقوبات الاقتصادية وعودتها إلى المجتمع الدولي كدولة طبيعية، سوى أن تبدأ بتطبيع علاقتها أولا مع الرياض، وأن ثمة مؤشرات لدور وساطة عماني بين البلدين، غير أن هذا التغير الإيراني رهن بقدرة الرياض على مواصلة الضغط ومحاصرة التدخلات الإيرانية في دول المنطقة. 

المؤشرات الراهنة تشير إلى أن الرياض عازمة على مواصلة الضغط، ولعل رفع الدعم المالي عن الجيش اللبناني وعن لبنان، والتشديد على إقامة بعض العمالة اللبنانية في السعودية، وبعض دول الخليج هو رسالة حاسمة لإيران مفادها أن استخدامها حزب الله اللبناني بات ورقة منتهية الصلاحية ولا يمكن القبول بها بعد الآن.

محور الصراع السعودي الإيراني حاسم ومهم ليس لإيران والسعودية فحسب، ولكن لجميع دول المنطقة التي بات الاستقرار السياسي لبعضها، كالعراق وسوريا واليمن، مطلبا صعبا وشديد التعقيد، ومرتبطا بمحور العلاقة غير السوية مع الجمهورية الإيرانية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com