تهدئة لا غالب ولا مغلوب في غزة
تهدئة لا غالب ولا مغلوب في غزةتهدئة لا غالب ولا مغلوب في غزة

تهدئة لا غالب ولا مغلوب في غزة

جهود عربية ودولية لتجسير الهوة بين الشروط الإسرائيلية والمطالب الفلسطينية

ذكرت مصادر فلسطينية وعربية، أن هناك جهودا تبذل للوصول إلى صيغة لا غالب ولا مغلوب كإطار لوقف إطلاق النار في غزة.



وقالت هذه المصادر إن هذه الصيغة رغم "طابعها الوسطي" ليست مرضية للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء، وذلك بسبب الخسائر الكبيرة التي لحقت بالجانبين، وبسبب إرتفاع سقف التوقعات التي حددها الطرفان كأهداف للمواجهة الحالية.

وقالت المصادر إن إسرائيل التي فوجئت بصلابة المقاومة الفلسطينية، كانت ترغب " في إتفاق تهدئة طويل المدى يقوم على تجريد حركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى من الامكانيات الصاروخية والأسلحة الثقيلة ومكونات تصنيع وتركيب المنصات التي تطلق منها، كما أنها أرادت التوصل إلى إتفاق برعاية وضمان إقليمي ودولي".

وأوضحت المصادر أن إسرائيل كانت مستعدة مقابل ذلك "للبحث في صيغ يتم بموجبها تخفيف الحصار عن غزة وفتح المعابر وضمان حركة التنقل للأشخاص والبضائع ضمن إتفاق تشارك فيه أو ترعاه أطراف إقليمية".

كما أن إسرائيل أبدت استعدادا "للافراج عن معتقلين لم تحدد عددهم ولا طبيعة محكومياتهم ولا زمن اعتقالهم".

وأوضحت المصادر أن إسرائيل وافقت أيضا على بحث التعاطي مع حكومة المصالحة الفلسطينية في إطار التهدئة وبعد التأكد من أن هذه التهدئة يمكن أن تغير المناخ السياسي في المنطقة.

وقالت المصادر إن العرض الاسرائيلي كان مبنيا على تصورات مختلفة لما آلت له العمليات العسكرية البرية والقصف الجوي العنيف، وأوضخت أن صمود المقاومة وتحقيقها لبعض الإنجازات الميدانية وخاصة إلحاقها خسائر عسكرية لم تكن إسرائيل تتوقعها، والتي تجاوزت 30 قتيلا وعشرات من جرحى قوات الإحتلال، فضلاً عن أسر جندي وحدوث حالة من الهلع بسبب الصواريخ الفلسطينية التي انهمرت على مناطق مختلفة في إسرائيل، وضع تل أبيب في موقف محرج داخليا وإقليميا.

وقالت إن تل ابيب تبدو "كبالع الموس" فهي لا تستطيع التراجع عن شروطها للتهدئة خوفا من انعكاسات ذلك على الداخل الإسرائيلي وبالخصوص على بقاء الائتلاف الحكومي الهش، كما أنها لا تستطيع المضي طويلا في حملة يبدو أنها محكومة بالفشل من الناحية العسكرية ".

وقالت إن رهان إسرائيل على أن الضربات الموجعة التي لحقت بقطاع غزة ستجبر حركة حماس على الرضوخ للمطالب الإسرائيلية بات رهانا خاسرا خاصة بعد أسر الجندي الإسرائيلي الذي أعاد لتل ابيب ذكريات جلعاد شاليط المرة.

وقالت المصادر إن إسرائيل كانت تراهن أيضا على العزلة التي تعيشها حركة حماس منذ إنتهاء حكم الإخوان في مصر وخروج حركة حماس من سوريا وهو ما أضر بعلاقاتها مع إيران التي كانت الداعم الأساسي للقوة العسكرية للحركة.

وأشارت هذه المصادر إلى أن الحركة بدت أقل عزلة مما كان متوقعا خاصة بعد المساندة القطرية والتركية لها، فضلاً عن دخول السلطة الفلسطينية على خط الاتصالات السياسية لإيصال مطالب حماس ورؤيتها للأطراف التي تتوسط لوقف إطلاق النار.

وقالت إن إسرائيل كانت تأمل أن تكون السلطة بديلا لحماس في مفاوضات التهدئة الجديدة إلا أن تطورات القتال في غزة أعاد لحركة حماس قوة سياسية كانت قد بدأت بفقدها.

حماس والشروط المستحيلة

بالمقابل، فإن التهدئة بالشروط السابقة التي كانت قد عقدتها في عام 2012 لم تعد ترضي حماس.

وأشارت المصادر الفلسطينة، إلى أنه بالرغم من أن حكومة الإخوان في مصر هي التي توسطت في تلك التهدئة، إلا أن حماس ترى الآن أن الأوضاع في مصر لم تعد مواتية كما هو الحال قبل عامين. فالتهدئة السابقة كانت تضمن للحركة عبورا آمنا لمصر وحركة إمداد تسلح مستمرة عبر الأنفاق أو حتى عبر طرق مباشرة وبرعاية من حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي.

وأشارت المصادر إلى أن الشروط السابقة لم تعد ملائمة في ظل الإجراءات الأمنية التي تتخذها الحكومة المصرية، وبالتالي فإن حماس تريد ثمنا للقبول بالوساطة المصرية، وهو التزام مصر بفتح المعابر والسماح بالمرور الحر عبر مصر وهو أمر بالغ الصعوبة بالنسبة لمصر التي تخشى أن يصبح ذلك ثغرة في جدار الأمن المصري وذلك في ظل التعاطف الذي تبديه حركة حماس مع جماعة الأخوان المسلمين وهي الجماعة التي تلعب دوراً أساسياً في زعزعة الاستقرار الأمني المصري.

بالإضافة إلى ذلك فإن حماس ترى أن لديها الفرصة لتعديل شروطها بشأن الحصار، بحيث أنها طالبت بإعادة فتح مطار غزة وتوسيع مدى الصيد مقابل شاطيء غزة فضلا عن تخفيف القيود على توريد البضائع عبر المعابر وتخفيف الحصار المالي على التحويلات التي ترد للقطاع لدفع رواتب الموظفين.

وترفض حماس بشكل قاطع أي محاولة لتجريدها من قدراتها الصاروخية، وتقول مصادرها إن ذلك يفقدها مشروعيتها السياسية كما أنه يحرمها من حق مقاومة المحتل الذي تكفله القوانين الدولية.

وتقول المصادر إنه بالرغم من الخسائر البشرية الباهظة التي تدفها غزة ثمنا للعدوان الإسرائيلي وبالرغم من الدمار الذي تلحقة الآلة الحربية الإسرائيلية، فإن حركة حماس لا يبدو أنها تشعر بضغط هذه الخسائر، ولا يوجد ما يشير إلى تململ شعبي في القطاع. بل إنها تخشى أن توافق على تهدئة لا تتضمن رفع الحصار بأن تفقد مكانتها، بحيث أصبح استمرار المواجهة والتمسك بالشروط هو المخرج الذي يضمن للحركة الاستمرار كرقم مهم في المعادلة الوطنية الفلسطينية والمعادلة الإقليمية أيضاً.

وبين مطالب إسرائيل التي بالغت فيها وبين شروط حماس التي تبدو مستحيلة وغير مقبولة لا من إسرائيل فقط بل من أطراف دولية وإقليمية تستمر لعبة عض الأصابع بإنتظار صيغة يقبل بها الطرفان وعلى قاعدة الفرقاء اللبنانين الشهيرة لا غالب ولا مغلوب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com