أثار اقتراح نيابي بتعديل مادة في الدستور الكويتي، يستهدف أسلمة القوانين وتوافقها مع الشريعة الإسلامية، جدلاً دستورياً حول إمكانية الدفع بهذا الاتجاه والموافقة على هذا الاقتراح بتعديل الدستور. وهو ما سبق أن تم رفضه في مجالس سابقة.
وتطرق الاقتراح الذي قدمه النائب المحسوب على التيار الإسلامي صالح المطيري، إلى المادة الـ 79 من الدستور الكويتي التي تنص على أنه ”لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدق عليه الأمير“، ليضيف إليها تعديلاً بعبارة ”وكان موافقاً للشريعة الإسلامية“.
وقال النائب المطيري ”إن هذا الاقتراح ليس إبراء للذمة لكنه محاولة لأن تكون المادة الـ 79 متوافقة مع الشريعة الإسلامية، محملاً النواب مسؤولياتهم لدعم المقترح والتوقيع عليه“.
يقول الله عز وجل : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران/ 19 .
تقدمنا بإقتراح بقانون من أجل تعديل المادة ٧٩ من الدستور .#وأهلها_مصلحون pic.twitter.com/YvpSWYUA1b
— د.صالح ذياب المطيري (@Dr_S_ALMutairi) March 21, 2021
وقوبل هذا الاقتراح بتعليقات متباينة من خبراء قانونيين، حيث قال الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي إن الاقتراح ”بحاجة إلى آلية متفق عليها لضبط من الذي يخالف أو لا يخالف الشريعة الإسلامية، ووفق أي رأي من الآراء الفقهية“.
وأضاف الفيلي أن ”الاقتراح يستدعي آلية ثقيلة بتعديل قائم على معيار يصعب ضبطه، وتعديل لا يوجد في القواعد القائمة ما يمنع أي عضو من الأعضاء من الأخذ بفكرته الموضوعية، فهو حين يوافق على مقترح أو قانون بشكل مشروع يمكنه أن يجتهد وفق هذه المعايير“، نقلاً عن صحيفة ”الراي“ الكويتية.
لسنا بحاجة الى تنقيح المادة ٧٩ من الدستور الكويتي و بحسب المادة ( الثانية ) من الدستور – دين الدولة الاسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع – نحن بحاجة لسن قوانين تزيد من حماية الأموال العامة و تحاسب العبث فيه ، و تحسين المستوى المعيشي للمواطنين في الوقت الحاضر #الكويت
— أ . يعقوب البلام (@bin_ballam86) March 21, 2021
كما أشار إلى أن اقتراح تعديل الدستور من الناحية الإجرائية ”يقدّم من ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة، أو من قبل الأمير، حيث تتوجب موافقة أغلبية الأعضاء، والأمير على تعديله من حيث المبدأ“.
كما أكد أستاذ القانون العام في كلية الحقوق الدكتور إبراهيم الحمود أن هذا الاقتراح يسمى ”تنقيح الدستور“، قائلاً ”يحتاج إلى أغلبية خاصة، ووجوب موافقة صريحة من الأمير على فكرة التنقيح أولاً ثم على التنقيح ثانياً“، لافتاً إلى أن موافقة الأمير ”إلزامية، واعتراضه يسمى اعتراضاً مطلقاً“.
وتوقع الحمود رفض هذا الاقتراح الذي تم رفضه سابقاً من قبل الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد بعد تقديمه من قبل عدد من النواب، حيث أكد آنذاك أن الأخذ بهذا المقترح من شأنه ”إثارة الخلافات السياسية وإثارة الفتن الطائفية المذهبية، ما يهدد الوحدة الوطنية“.
وكان للنائب والوزير السابق أحمد باقر رأي آخر حول هذا الاقتراح، حيث أبدى تأييده له، قائلاً ”تعديل المادة الـ 79 من الدستور يقوي من نص المادة الثانية من الدستور، ويعزز من المفهوم الوارد فيها، ويعبر عن ترجمة لما ورد في مذكرتها التفسيرية بتحميل مجلس الأمة أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك“.
الإفلاس السياسي
يؤدي للردح على المادة ٧٩ والمادة الثانية
في البلد فساد ما تشيله البعارين وهذا الفساد لن ينتهي بتغيير المادة ٧٩ من الدستور
فإن كنت مفلساً .. فالسكوت أولى من الترهات https://t.co/0cKROhrBqP
— المحامي / عبدالعزيز بومجداد (@azizBOMEJDAD) March 21, 2021
ورأى أن التعديل المقدم ”جيد ويحقق الغايات التي تم السعي لتحقيقها منذ مجالس سابقة وقوبلت بالرفض الحكومي“.
ولقي الاقتراح تفاعلاً من قبل نشطاء وأكاديميين تباينت ردود أفعالهم تجاهه، بين من ضم صوته لصوت النائب وطالبه بالمضي بهذا الاقتراح، وبين من انتقده وطالب بتسليط الاهتمام النيابي على سن القوانين التي تحمي الأموال العامة وتحسن من المستوى المعيشي للمواطنين.
ولا يعتبر الجدل حول تعديل المادة الـ 79 الأول في الكويت، حيث سبق أن تصاعد الجدل بين فريقين، أحدهما إسلامي يدعو إلى توافق القوانين مع الشريعة الإسلامية، وآخر ليبرالي يخشى من احتمال تحويل الكويت من دولة مدنية إلى دينية، على خلفية اقتراح نيابي مماثل عام 2017.
ويتسم نظام الحكم في الكويت بأنه نظام ”أميري ديمقراطي“ وفقاً للدستور الذي تم إقراره عام 1962، والذي يقول في المادة الرابعة منه إن الكويت ”إمارة وراثية في ذرية مبارك الصباح“، وإن ”نظام الحكم ديمقراطي، وتكون السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا“، بحسب المادة السادسة.
وتشير المادة الثانية إلى دين الدولة، حيث تنص على أن ”دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع“.