السعودية تستذكر الماضي القريب في اليمن المضطرب
السعودية تستذكر الماضي القريب في اليمن المضطربالسعودية تستذكر الماضي القريب في اليمن المضطرب

السعودية تستذكر الماضي القريب في اليمن المضطرب

تراقب المملكة العربية السعودية الأحداث المتسارعة في اليمن بقلق كبير، بينما تبدو خياراتها المتاحة محدودة للغاية في مواجهة نزاع أهلي، لا يُعجب طرفاه المتنافسان، الرياض التي خبرتهما عن قرب بالأمس القريب.

وعزز من هذه الحقيقة، قرار السعودية بإغلاق سفارتها وإجلاء موظفيها من صنعاء التي غادرها الرئيس الشرعي وحكومته الشهر الماضي، في خطوة تُبعد السعودية أكثر عن الجار الجنوبي الذي طالما شكل هاجساً مقلقاً للرياض.

وسيكون على قادة السعودية التي اعتادت لعب دورها ونفوذها الواسع في المنطقة مهما كلفها ذلك، أن يحسموا خياراتهم سريعاً، قبل أن يخرج الصراع اليمني المرشح للاشتعال أكثر عن حدود السيطرة وتصل ناره إلى المملكة.

قاعدة اليمن

في العام 2009 تلقى ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن نايف، وكان حينها مساعداً لوالده في وزارة الداخلية، اتصالاً من شاب سعودي يقاتل في اليمن تحت إمرة تنظيم القاعدة هناك، ويريد تسليم نفسه.

وبالفعل وصل الشاب عبدالله عسيري إلى ديوان الأمير محمد الذي كان يتولى ملف التنظيم المتشدد، وبينما كان الأمير يسأله عن قادة التنظيم السعوديين الذين يعرفهم خلال فترة سجنهم في المملكة، فجر الشاب اليافع نفسه داخل الديوان.

نجا الأمير محمد من محاولة الاغتيال تلك، وخرج ببعض الجروح الخفيفة، لكنه أدرك أكثر حقيقة التنظيم الذي يمتلك عناصر يزرعون المتفجرات في أحشائهم لتجاوز القيود الأمنية وحواجز التفتيش، لتحقيق الهدف المنشود.

ويجد الأمير محمد بن نايف، نفسه اليوم في منصب رفيع يؤهله منفرداً أو المساهمة بشكل كبير في تحديد وجهة الرياض القادمة في اليمن، الذي يشكل فيه تنظيم القاعدة إلى جانب جماعة الحوثيين، أقوى تياران في البلاد، لكن كلاهما لا يعجب السعودية.

حرب الحوثيين

في العام 2009 ذاته، خاضت القوات المسلحة السعودية بكافة تشكيلاتها، حرباً حقيقية على جماعة الحوثيين، بعد أن اتهمتهم بالتسلل إلى داخل الأراضي السعودية والاعتداء على مخافر حدودية سعودية.

حلقت الطائرات السعودية في أجواء اليمن حينها، وقصفت مواقع الجماعة، وخسر الجيش عشرات الجنود والضباط في الحرب التي شهدت إخلاءً لقرى وتجمعات سكنية مدنية سعودية، لكن العدو الحوثي المدعوم من إيران استطاع الصمود إلى حد كبير في نهاية الحرب رغم الخسائر التي مني بها.

ومنذ ذلك الحين، تغيرت الإستراتيجية السعودية في حدودها الجنوبية مع اليمن البالغة 1800 كيلو متر، حيث عززت القوات السعودية وحرس الحدود من وجودهما في المنطقة الصحراوية التي تعد مراقبتها وضبطها بشكل جيد من الأمور المستحيلة.

تدخل لابد منه

تدرك السعودية جيداً أنها المعنية الأولى بما يجري في اليمن المجاور، وأن الحلفاء الخليجيون الذين وحدتهم الأزمة اليمنية، ينتظرون تصورها النهائي للتحرك المقبل أياً كان شكله، فالمملكة صاحبة المبادرة وذات الثقل السياسي والعسكري هي من سيقود هذا التحرك.

ويعزز من هذا التوجه، قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي لم يرقى لطموحات دول الخليج التي طالبت بأن يكون القرار الدولي تحت الفصل السابع الذي يتيح التدخل العسكري المباشر لإجبار أي طرف لا يلتزم به.

ويقول مراقبون للسياسة السعودية، إن الرياض التي سحبت دبلوماسييها من صنعاء قبل أيام، ولم تتحرك بالشكل المطلوب خلال الأشهر الأخيرة التي تقدم فيها الحوثيين بشكل لافت، مقبلة على اتخاذ قرار نهائي يضمن على الأقل وجود يمن لا يهدد المملكة بأي شكل من الأشكال.

البديل السعودي



تبحث الرياض عن طرف يمني قوي يمكن أن يقود اليمنيين لمواجهة فصيلان قويان لن ترضى السعودية بأن يحققا أي مكسب جديد أكثر مما أتاحت لهم الأشهر الماضية، وهي قادرة على دعم هذا الطرف بالشكل الذي يحتاجه لمواجهة تنظيم القاعدة من جهة، وجماعة الحوثيين من جهة أخرى.

ويقول محلل سياسي سعودي، إن قيادة المملكة تعرف اليمنيين بالأسماء، إنها علاقة قديمة حرصت السعودية على الحفاظ عليها لتبقى موجودة في أدق أزقة صنعاء، وبين خيم القبائل القوية.

وأضاف متحدثاً لشبكة "إرم" مشترطاً عدم ذكر اسمه، القادة الجدد في الرياض يصوغون تصورهم النهائي للتدخل في اليمن، لم يعد ترك الأحداث هناك تسير بمفردها مجدياً، كما أن المجتمع الدولي يثبت يوماً بعد آخر عجزه عن حسم الصراع رغم أنه يهدد مضيق باب المندب الاستراتيجي للتجارة العالمية.

ويقول مراقبون للشأن اليمني، إن الأغلبية الصامتة الممثلة بالعشائر اليمنية والقوى الليبرالية المستنيرة في اليمن، ستكون واحداً من الخيارات المحدودة للرياض، لاسيما وأن هذه القوى تحتاج لدعم سياسي واقتصادي وإعلامي وربما عسكري تمتلكه الرياض.

وسيساهم مثل هذا التوجه فيما لو اعتمدته الرياض، في صعود نجم هذه القوى بزمن قياسي يجعلها طرفاً فاعلاً في الأزمة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيين من جهة والقاعدة من الجهة الأخرى، خاصةً إذا ضمنت تلك القوى المبعثرة تحقيق مطالب التغيير التي رفعتها في وجه الرئيس السابق على عبدالله صالح.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com