نيويورك تايمز تتحدث عن تأثير محمد بن زايد.. لماذا الآن؟
نيويورك تايمز تتحدث عن تأثير محمد بن زايد.. لماذا الآن؟نيويورك تايمز تتحدث عن تأثير محمد بن زايد.. لماذا الآن؟

نيويورك تايمز تتحدث عن تأثير محمد بن زايد.. لماذا الآن؟

ذات مساء في شهر فبراير الماضي، وصل مراسل صحيفة نيويورك تايمز، ديفيد كيركباتريك، إلى مطار القاهرة لكنه مُنع من الدخول، وأعيد قبل ظهر اليوم التالي إلى لندن على متن طائرة تابعة لشرطة مصر للطيران.

ولم تكشف السلطات المصرية أسباب منع كيركباتريك من الدخول، لكنه كان يعرف الأسباب، فقد عاش في مصر من 2011 إلى 2015، وهي الفترة الصاخبة التي ألّف عنها كتابًا بعنوان "في أيدي العسكر"، أجزل فيه التقريظ للإخوان المسلمين والرئيس الأسبق محمد مرسي، بقدر ما أفاض في انتقاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والقيادات العربية التي دعمته.

ويبدو أن زوجة كيركباتريك، لورا برادفورد، كانت تعرف، أيضًا لماذا منعته مصر من دخول القاهرة، ولذلك غردّت على تويتر بالقول:"المصريون ما كانوا ليفعلوا ذلك دون تشجيع ترامب".

استهداف الأمير محمد بن سلمان

وخلال الأشهر الماضية التي أعقبت غضب كيركباتريك على السيسي وداعميه، العرب منهم، وكذلك الرئيس الأمريكي، لم يتوسع كثيرًا مراسل نيويورك تايمز في محاولات "الثأر"، لكن عندما كان ترامب يتعرض لضغوط الحزب الديمقراطي في الكونغرس بالتحقيقات بملف العلاقات مع الروس، لم يجد أفضل من استهداف ترامب (يوم 5 مارس الماضي ) من خلال صهره ومستشاره جاريد كوشنر، وتحديدًا من زاوية التشكيك بعلاقته (علاقة كوشنر) مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي كانت "نيويورك تايمز" شبه متفرغة لاستهدافة بقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

واليوم الأحد، قدّم كيركباتريك حلقة أخرى من ردّه "الثأري" على الذين يدعمون الرئيس المصري ويصنفون الإخوان المسلمين إرهابيين، وكذلك الذين يرون في ايران خطرًا يتهدد المنطقة، فتوقيت مثل هذه الرسالة، مناسب له تمامًا بعد أن نجحت السعودية في عقد ثلاث قمم: خليجية، وعربية، وإسلامية، وكانت في ذلك تعمّم رسالة مُركبّة، من نوع الرسائل التي تناهضها صحيفة "نيويورك تايمز" منذ تأسست.

حرفة إعلامية معروفة

مقالة أو تقرير كيركباتريك، اليوم، استهدف ائتلاف القوى الإقليمية الثلاث: السعودية، ومصر، والإمارات، باستخدام ما يسمى بـ "تلغيم البيئة القيادية بالحساسيات المصطعنة"، وهي حرفة إعلامية معروفة يتم فيها النيل من أحد الزعماء بإغداق المديح على قائد آخر حليف له، ويستحضر الصحفي كل مزايا هذا القائد وخصوصياته الإيجابية المعروفة، من أجل تصنيع مقارنة في غير مكانها أو زمانها ووفق معايير غير موضوعية.

كيركباتريك وهو الصحفي المحترف، يجيد بالتأكيد هذه اللعبة الإعلامية المعروفة، فهو من أجل الغضّ من طرف ولي العهد السعودي، أو الرئيس المصري، يستنطق كل الذين يعرفون عن قرب مآثر، وخصوصيات، وعناصر القوة الناعمة والخشنة، لولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد. ويجمع كل هذه الشواهد والاعتبارات المعروفة، ليخرج منها بالقول إن محمد بن زايد، هو الرجل الأقوى في الشرق الأوسط، وليس محمد بن سلمان... هي وجبة إعلامية مسمومة في حشوتها الداخلية، يجري تجريعها للقارئ بملعقة سكّر من المعلومات التي قد لا يعرفها الكثيرون.

وهنالك أكثر من 6 شخصيات سياسية، وعسكرية، ودبلوماسية، وبحثية، سجّل لها كيركباتريك ما تعرفه من الخصال القيادية الفذّة للشيخ محمد بن زايد.

واستعان بذلك ليخرج في عنوان تقريره بالقول:"أقوى قيادة عربية هي محمد بن زايد، وليس محمد بن سلمان".

وما فعله مراسل "نيويورك تايمز" هو أنه سجّل بعضًا من الألوان القوية في بورتريه قيادة بن زايد: يجمع الحرفة العسكرية مع العقلية السياسية الفذّة، وخريج ساندهيرست، ويجيد قيادة الهليكوبتر، ويصحب بها ضيوفه الكبار فوق أبوظبي ودبي ليشهدوا النهضة والتنمية الشاملة بكل ملامحها.

وصف ما يتمتع به من الجدّية، واحترام الوقت، والتواضع، قائلًا إنه لا يأتي قط متأخرًا عن مواعيده، بينما يحرص على سكب القهوة بنفسه لضيوفه، وكيف أنه نجح بجعل القوة العسكرية الإماراتية نموذجًا أسطوريًا، ووصفته قيادات عسكرية أمريكية بأنه "إسبارطة الصغيرة" إشارة لكفاءة بناء الكتلة الضاربة، مضيفًا إلى ذلك معلومات خاصة بأن الصناعة العسكرية الإماراتية التي أشرف بن زايد على بنائها وصلت في الكفاءة حدّ التفكير الأمريكي بشرائها واستخدامها.

وكان كيركباتريك حريصًا تمامًا على الدقة والموضوعية في بناء صورة الشيخ محمد بن زايد وهو يشرف على تصنيع القوة الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، للإمارات، ويعززها بشحنة انفتاح اجتماعي قلّ نظيره في الشرق الأوسط، وهو يتمثل بتشكيلة حكومية فيها عنصر نسائي ضارب، وحقائب وزارية للتسامح والسعادة، تؤكد منهجية الريادة في الانفتاح والتنمية، واستقطاب القيادات الدينية الأممية لتأصيل الحوار الإنساني في مواجهة الإرهاب.

سطوة الصوت الإماراتي في أذن ترامب

لكن كيركباتريك الذي لا يرضيه فعلًا أن يكون محمد بن زايد حليفًا موثوقًا للقيادتين السعودية والمصرية في الحرب على الإرهاب، ومواجهة الاختراقات الإيرانية، لم ينسَ التحذير من هذ الموقع القيادي العالمي الذي أحرزه بن زايد، إذ أصبح صاحب كلمة مسموعة جدًا في واشنطن، وفي أذن ترامب.

وأعطى مراسل "نيويورك تايمز" تفاصيل من قوة ولي عهد أبوظبي في أن يكون صاحب كلمة راجحة عند الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأتبع ذلك بالتحذير من أن هذه القوة الاستثنائية التي تحققت للإمارات تجعلها "فرانكشتاين" الذي يُفترض بواشنطن أن ترهبه وتعمل على تحجيمه.

نيويورك تايمز عُقدتها السعودية

في مقالة كيركباتريك هذه، أكثر من مُجرد توظيف حزمة تقريظ لهذا القائد، من أجل النيل من أشقائه وحلفائه، في نطاق تلغيم أجواء الثقة بينهم.

ففي تاريخ الصحيفة التي يعمل بها كيركباتريك، نهج موصول من العداء للدول الملكية عمومًا وللسعودية تحديدًا، يعرفه مؤرخو الإعلام، ويوثقون له تفاصيل موصولة منذ بداية تاريخ المملكة العربية السعودية.

فالصحيفة كتبت كثيرًا ضد السعودية وضد محمد بن سلمان، بحيث أصبحت موصوفة بأنها جريدة "عقدتها السعودية".

و"نيويورك تايمز" معروفة بأنها تقود في الولايات المتحدة تيار الليبرالية اليسارية الذي لا يُخفي عداءه المنهجي للأنظمة الملكية. وهي في ذلك كانت في طليعة المحرضين على الأنظمة التقليدية خلال فترة "الربيع العربي" التي كان فيها كيركباتريك مراسلًا في القاهرة لا يمّل من الإشادة بالإخوان المسلمين، ونظام مرسي.

وكما رأت نيويورك تايمز في الإخوان المسلمين أداة تنفيذية لبرنامج خلخلة الأنظمة التقليدية في الشرق الأوسط، كذلك تبنّت الشراكة الأمريكية مع إيران وكانت – وما زالت – تترحّم على عهد باراك أوباما في إبرامه للمعاهدة النووية مع إيران، بما كانت تستهدفه من وضع الشرق الأوسط تحت هيمنة ملالي قم وطهران.

و"كيركباتريك"، ابن هذه المدرسة الصحفية التي لا تُخفي عداءها للأنظمة الملكية في الشرق الأوسط، كان دقيقًا تمامًا برسم صورة للشيخ محمد بن زايد بأنه "يمتلك خاصية الإدهاش" في قوة الإرادة، ووضوح الرؤية، ومنهجية تصنيع القوة الناعمة والخشنة. وفي حديثه عن أوباما وإيران، وعن تلك الفترة العصيبة، ينقل كيركباتريك عن عرّاب التفاهم بين واشنطن وطهران في عهد أوباما، بن رودس، أن الشيخ محمد بن زايد كان "أكثر القيادات العربية شعورًا بخذلان أوباما". وسجّل هذه الملاحظة، وكان بإمكانه (لكنه لم يفعل) أن يضيف لها أن هذه القناعة هي واحدة من جملة قناعات ورؤى سياسية يتشارك بها بن زايد وبن سلمان، وتجعل علاقتهما أرضية وثيقة لشرق أوسط مواصفاته ليست هي التي تتمناها وتدعو لها نيويورك تايمز.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com