احتفاء قطر بزيارة وزيرها للأردن يسلط الضوء على "عزلة الدوحة"
احتفاء قطر بزيارة وزيرها للأردن يسلط الضوء على "عزلة الدوحة"احتفاء قطر بزيارة وزيرها للأردن يسلط الضوء على "عزلة الدوحة"

احتفاء قطر بزيارة وزيرها للأردن يسلط الضوء على "عزلة الدوحة"

عندما أعلنت أربع دول عربية، هي: المملكة العربية السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، مقاطعة دولة قطر عام 2017، بعد اتهامها بالتورط في دعم الإرهاب، كانت الدوحة حينئذ أحد الفاعلين في المنطقة، بتدخلات معلنة وخفية على أكثر من صعيد، وكانت كل العواصم العربية مفتوحة أمام مسؤوليها.

وحاولت قطر عشية إعلان المقاطعة وخلال الفترة التي تلت، المحافظة على زخم دورها الإقليمي والنفوذ الذي اكتسبته عبر سنوات من الإنفاق المالي الضخم والتجييش الإعلامي، والتحالفات العابرة للدول والمتجاوزة لسيادتها في حالات عديدة.

ورغم الجهود القطرية الحثيثة للمحافظة على مكاسب وضع ما قبل المقاطعة، إلا أن تأثير الأزمة بدأ يظهر للعيان مع مرور الوقت، وبشكل أكثر وضوحًا في المحيط العربي الذي أصبحت معظم دوله تبتعد تدريجيًّا عن الدوحة ومحورها.

المتغيرات التي فرضها استمرار المقاطعة تظهر جليًّا في احتفاء الآلة الإعلامية القطرية بأي استقبال رسمي عربي لأحد مسؤولي الدوحة، واعتباره "إنجازًا" ودليلاً على قوة العلاقة بهذه الدولة أو تلك.

ويرصد المتابعون للتطورات في المنطقة، كيف أن تصرفات الدوحة في الفترة التي سبقت الأزمة الخليجية، كانت أشبه بتصرفات "الوصي" على شعوب المنطقة، خاصة مع اندلاع انتفاضات ما سمي إعلاميًّا بـ"الربيع العربي".

ومن المؤشرات التي يشير إليها المتابعون، احتفال إعلام الدوحة وخاصة قناة الجزيرة "المبالغ فيه" خلال الأيام الماضية، بسماح الأردن لوزير قطري بزيارة عمّان واستقباله من طرف المسؤولين هناك.

وأفردت قناة الجزيرة، الأداة الإعلامية الأبرز للدوحة "الحدث" بتغطية خاصة، نقلت فيها تأكيد الوزير خالد بن حمد العطية، أن الزيارة كانت "إيجابية للغاية" وأن العلاقات بين البلدين قوية وتاريخية.

وأشارت المؤسسة الإعلامية القطرية إلى "أن زيارة العطية تحمل كثيرًا من الرسائل المشفرة والدلالات المهمة، وتدل على تطور متسارع في علاقات البلدين، بعد أن ظلت طيلة العامين الماضيين توصف بأنها علاقات ود مكتومة" دون أن تكشف عن طبيعة تلك الرسائل.

ونقلت الجزيرة عن مَن زعمت أنهم ساسة أردنيون، لم تذكرأسماءَهم، قولهم بـ"وجود تشابه كبير بين ما تتعرض له قطر والأردن، فالدوحة حوصرت جغرافيًّا، وحوصرت عمّان اقتصاديًّا لإرغامِها على تقديمِ تنازلات خطيرة على صعيدِ القضية الفلسطينية"، في حين أن كل المعطيات السياسية تؤكد العلاقة القوية للأردن بالدول التي تقاطع قطر والتنسيق المستمر معها في أهم الملفات الإقليمية.

ويقول المتابعون: "إن احتفال الإعلام القطري باستقبال العطية في الأردن يدل على حجم العزلة التي أصبحت تواجهها الدوحة، فمثل هذه الزيارات بين الدول العربية معتادة، ولا يرافقها كل هذا الزخم في الأحوال الطبيعية".

ويوضح هؤلاء كيف "يجوب وزراء ومسؤولو الدول المقاطِعة لقطر وغيرهم من المسؤولين العرب، أرجاء المنطقة بشكل روتيني، ودون أي تغطية إعلامية خاصة، كما هو معتاد في العلاقات الثنائية بين الدول العربية".

وواصلت الدوحة وإعلامها محاولة "إحداث اختراق في العلاقات العربية"، فبعد أنباء متضاربة حول رفض استقبال وزير خارجيتها في الخرطوم قبل أيام استقبلت باحتفاء شديد تصريحات لمسؤول بالخارجية السودانية عن ترتيبات لزيارة وفد من الدوحة، وهذا شاهد آخر على التحولات التي طالت وضع قطر، إذ كانت إلى وقت قريب تعتبِر السودان جزءًا من مجال نفوذها، مستغلة حضور جماعة الإخوان المسلمين الذي كان طاغيًا إبان حكم الرئيس المعزول عمر البشير.

وفي ذروة احتفاء إعلام الدوحة بالزيارة التي أعلن عنها المسؤول السوداني، واعتبارها ردًّا على أنباء رفض استقبال وزيرخارجيتها محمد بن عبد الرحمن التي تم نفيها، جرت الرياح بما لا تشتهي سفينة قطر، فأصدر المجلس العسكري الحاكم في الخرطوم بيانًا ألغى الزيارة "المفترضة" التي قال إنه لم يستشر فيها، وأقال مسؤولاً بارزًا في الخارجية على خلفية الجدل المثار حول الموضوع؛ ما ينبئ بتغير المزاج السياسي في السودان.

ملف آخر تتعرض فيه الدوحة لانتكاسة واضحة، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان استبق اجتماع "الحوار الإستراتيجي" بين واشنطن والدوحة، بمكالمة هاتفية مع قائد الجيش الليبي خلفة حفتر، الذي تناصبه قطر وتركيا العداء المكشوف. كان اتصال تأييد لحفتر وانتكاسة إستراتيجية لبرنامج قطر وتركيا في مشروع الإسلام السياسي.

إعلان البيت الأبيض عن مكالمة ترامب مع حفتر، يوم الاثنين ، صدر يوم الجمعة الماضي، متضمنًا، حسب البيان الرسمي، توصيفًا عالي الثقة من طرف ترامب لقائد الجيش الليبي، الذي يخوض معركة يراد لها أن تكون نهائية ضد ميليشيات الإخوان المسلمين، والإسلام السياسي التي تسيطر على طرابلس، وتتعامل مع فايز السراج على أنه رهينة بأيديها، بوظيفة رئيس الحكومة الليبية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com