لماذا تغض برلين الطرف عن عيوب الدوحة؟
لماذا تغض برلين الطرف عن عيوب الدوحة؟لماذا تغض برلين الطرف عن عيوب الدوحة؟

لماذا تغض برلين الطرف عن عيوب الدوحة؟

يتسم الموقف الألماني إزاء سلوك قطر بكثير من الحذر والقبول، وهو ما يطرح أسئلة عن سر هذا "الانسجام" بين دولة أوروبية ترفع شعار الحريات وحقوق الإنسان، وبين إمارة خليجية "متمرسة" في تجاهل تلك الحقوق.

وعادت هذه "العلاقة غير المتكافئة" بين برلين والدوحة إلى الواجهة مع تزايد الحديث، مؤخرًا، عن دمج أكبر مصرفين في ألمانيا، وهما دويتشه بنك (البنك الألماني) وكوميرتس بنك (بنك التجارة)، غير أن قطر تعترض على مثل هذا الاندماج، بالاستناد إلى الحصة التي تملكها فيه.

ووفقًا لتقرير نشرته إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، فإن العائلة الحاكمة في قطر تمتلك عن طريق هيئة الاستثمار القطرية السيادية أكثر من 6 بالمئة من أسهم بنك دويتشه، الذي يعد أكبر بنك ألماني، فيما تقدر ملكية القطاع الخاص القطري في البنك ذاته بنحو 3% من أسهمه.

ولا تقتصر المساهمة المالية القطرية في البنك الألماني الشهير، بل تمتد الاستثمارات القطرية لتشمل عصب الاقتصاد الألماني عبر شراء الدوحة، خلال السنوات السابقة، حصصًا في شركات عملاقة ذات سمعة عالمية، مثل شركة فولكسفاغن للسيارات، وعملاق الطاقة سيمنس، وشركة النقل البحري "هابك للويد"، وشركة البناء هوكتيف وسواها.

ووفقًا للمعلومات المتوفرة، فإن قطر تستثمر، على المستوى الرسمي، أكثر من 25 مليار يورو في ألمانيا، فضلًا عن الاستثمارات الخاصة التي تقدر كذلك بعدة مليارات.

وكان أمير قطر تميم بن حمد قد وعد خلال زيارته برلين خريفَ العام الماضي، بضخ 10 مليارات إضافية في الشركات الألمانية، وهو ما يجعل من الإمارة الخليجية الصغيرة أكبر مستثمر عربي وشرق أوسطي في ألمانيا.

ورغم أن قطر، بحسب خبراء، لم تجنِ أرباحًا تعادل قيمة هذه الاستثمارات الضخمة، وهو ما يؤكده تراجع قيمة اسهم بعض الشركات التي تستثمر فيها قطر، إلا أن هذه الأخيرة لا تطمح إلى الربح بقدر ما تسعى من وراء هذا الضخ المالي إلى إبراز عضلاتها من نافذة الاقتصاد، والحصول على مكاسب وامتيازات سياسية من دولة ذات ثقل اقتصادي وسياسي مثل ألمانيا.

ولعل أولى الثمار السياسية التي جنتها الدوحة من تلك الاستثمارات، هو شراء الصمت الألماني إزاء ملفات شائكة مثل قضية تمويل الدوحة للإرهاب، واحتضانها، بشكل معلن، جماعة الإخوان المسلمين، وهدر حقوق العمالة الوافدة...وغيرها من التجاوزات والانتهاكات التي لا تغض برلين عادةً الطرف عنها إذا ما تعلق الأمر بدولة أخرى.

ويقول تقرير لـ"دويتشه فيله" إن الأهمية السياسية  للاستثمارات القطرية في الشركات الألمانية تظهر على أكثر من صعيد، فعلى سبيل المثال عندما نشب الخلاف الخليجي الخليجي، أظهرت ألمانيا انحيازًا إلى جانب قطر، وإنها بشكل غير مباشر، مدت السوق القطرية بكل ما يلزم من مواد غذائية واستهلاكية.

وبينما يتم التشهير بسياسات السعودية في وسائل الإعلام ومراكز صنع القرار الألمانية بشكل شبه يومي، فإن الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في دولة قطر شبه غائب، خاصة تلك العمالة التي تعمل في مشاريع بناء ملاعب وتجهيزات كأس العالم، بحسب التقرير.

ولا يخلو سجل قطر، كذلك، بحسب خبراء، من اتهامات بدعم الحركات الإسلامية المتطرفة، وهو ما كشفت عنه تقارير استخبارية وإعلامية غربية، ورغم حساسية مثل هذا الملف للأوروبيين، بشكل عام، إلا أن برلين تتغاضى عن إثارة هذا السجل حينما يتعلق الأمر بالدوحة.

ومن هنا، فإن الخبراء يرون أن سر هذا السكوت الألماني يكمن في الاقتصاد، فالدوحة تضخ أموالًا هائلة لتنشيط الاقتصاد الألماني، فضلًا عن أن أغلب العقود الاستثمارية في قطر في مجال الإنشاءات والعمران والطاقة والنقل ترسو على شركات ألمانية.

ودأبت قطر في السنوات الأخيرة على ضخ استثمارات ضخمة في عدة دول، شرقًا وغربًا، وذلك بهدف التأثير على مواقفها، وشراء صمتها، تبعًا للمثل الشامي الشهير "طعمي التم، بتستحي العين"، فالسخاء تجاه الآخر يدفعه إلى التغاضي عن العيوب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com