الكويت بطريقها لحسم قضية البدون
تسير الكويت بخطى مسرعة لحسم قضية "البدون" لتنهي بذلك واحدة من أعقد قضايا البلد الخليجي الذي يتوسط اضطرابات إقليمية، ويخشى أن تجد لها طريقاً إليه عبر ملفات داخلية شائكة يعمل على حلها بتسارع كبير.
وسيكشف اجتماع الحكومة الكويتية الدوري، غداً الاثنين، التوجه الذي ستسير فيه البلاد خلال الفترة القادمة من أجل إنهاء ملف البدون بشكل نهائي، سواء بتوضيح آلية تطبيق خطة تستهدف منحهم جنسية جزر القمر، أو من خلال توطينهم في الكويت.
ويقول مراقب للشأن الكويتي إن اجتماع يوم غد، سيحدد مصير البدون في الكويت إلى حد كبير، حتى لو تجاهل المجتمعون بحث القضية، إذ يحمل ذلك مؤشراً قوياً على أن الكويت ماضية في تطبيق الخطة بهدوئها المعتاد، وبعيداً عن الضجيج الإعلامي.
لكنه أشار إلى أن احتمال أن تتراجع الكويت عن خيار جزر القمر، يبقى وارداً بعد أن حصلت القيادة في البلاد على مايمكن أن يتسبب به خيار جزر القمر، من خلال بالون اختبار أطلقته قبل أشهر وأعادت إطلاقه مرة أخرى الأسبوع الماضي قبل أن تنهال عليها ردود الفعل الغاضبة.
وطن جديد
ولم يعلق أي مسؤول كويتي بعدها على حديث الجراح، سواء بالتأكيد أو النفي، ليبقى مصير نحو 110 آلاف شخص من البدون مجهولاً، لاسيما وأن بينهم نحو 35 ألف شخص تقر الحكومة بأحقيتهم بالجنسية الكويتية، لكنها تتذرع بإجراءات روتينية لذلك.
لكن التعليقات الرافضة للتوجه الجديد كانت كافية، لاسيما وأنها شملت شخصيات توصف بالموالية للحكومة، ناهيك عن انتقادات دولية لهذا الاقتراح، فيما انتقدت المعارضة سعي الحكومة الجديد بشدة.
قرار الحسم
و تتصدر قضية "البدون" مجموعة ملفات تؤرق قيادة الكويت، كونها الأقدم في مجموعة قضايا بينها خلاف سياسي مستفحل بين الحكومة والمعارضة، وقضايا فساد كبرى متهم فيها مسؤولون وأعضاء في الأسرة الحاكمة، إضافة لانقسام محتمل بين سنة وشيعة البلاد تحت تأثير الصراع في المنطقة.
ويمثل تصريح اللواء الشيخ مازن الجراح، الأسبوع الماضي، أحدث مؤشرات التوجه الجدي للكويت لحسم قضية "البدون" عندما كشف عن تفاصيل دقيقة في خيار منحهم جنسية جزر القمر، تضمن ما ستقدمه الكويت لجزر القمر من منح مالية مقابل منح جنسيتها للبدون.
خيارات
ورغم الحديث عن اتفاق مع دولة جزر القمر لمنح بدون الكويت جنسيتها، إلا أنه يبقى خياراً يحتمل الرفض بعد أن علت أصوات كثيرة رافضة له، لكنه رفض مترافق مع الدعوات لتوطين البدون في الكويت بشكل نهائي.
وفي دعوة تمثل كثير من الآراء الكويتية الداعية لحل القضية، قال الكاتب الكويتي وليد إبراهيم الأحمد، في مقالة نشرتها صحيفة "الراي" "نقترح على الحكومة إذا فشل الحل الأخير أن يكون الاتفاق المقبل مع روسيا لكن عبر ترحيلهم مع أقرب صاروخ إلى سطح القمر!"
والكاتب الأحمد من دعاة تجنيس البدون، لكنه دعوته الساخرة تمثل تياراً في الكويت ينتقد عدم جدية حكومات الكويت المتعاقبة في المضي قدماً بحل لقضية البدون الذين يعيشون في بلد يمتلك برلماناً منتخباً وآليات دستورية تتيح له الكثير من القرارات الجوهرية.
الحل العاجل
ورغم أن للبدون هيئة حكومية مسؤولة عن حل قضيتهم، وهي الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع البدون، إلا أن فشله في إنهاء القضية طوال سنوات قد يجبر الكويت على اتخاذ قرار جماعي يشمل كل بدون الكويت.
ويمكن التنبؤ بأن الكويت ماضية في كشف خطوات تفصيلية دقيقة خلال الفترة القادمة لحل قضية البدون بشكل نهائي، لكن من الصعب تحديد اتجاه هذه الخطوات في ظل انقسام حول القضية، يقول أحد طرفاها إن عدم منح البدون جنسية الكويت تصرف عنصري لا إنساني، ويقول الآخر إنهم ليسوا كويتيين بالأساس.