أزمة حادة بين القضاء والبرلمان في مصر وسط مطالب بـ"تدخل رئاسي"
أزمة حادة بين القضاء والبرلمان في مصر وسط مطالب بـ"تدخل رئاسي"أزمة حادة بين القضاء والبرلمان في مصر وسط مطالب بـ"تدخل رئاسي"

أزمة حادة بين القضاء والبرلمان في مصر وسط مطالب بـ"تدخل رئاسي"

يعيش البرلمان المصري، هذه الأيام، حالة من الجدل السياسي والقانوني  ومخاوف من حله، وذلك على خلفية قانون السلطات القضائية الذي يحاول النواب إقراره رغم الرفض القضائي له، ما خلق أزمة حادة بين الطرفين.

وترى السلطات القضائية الأربع في هذا القانون تدخلًا في استقلاليتها، وسيفتح بابًا كبيرًا لتدخل الجهات الأمنية والسيادية في تقييم القضاة، حتى يتبوأوا المناصب القيادية القضائية.

وينص القانون على إعطاء رئيس الجمهورية صلاحيات اختيار رئيس محكمة النقض، ورئيس مجلس القضاة الأعلى.

يقول خبراء إنه "وسط هذه المخاوف القضائية، تطل قضية حل البرلمان برأسها، كإجراء عقابي من القضاء، الأمر الذي ربما يؤدي للتوصل إلى تفاهمات بين الطرفين إلا إذا تمسك البرلمان بموقفه فيدفع القضاء تجاه رد يزيد الأزمة تعقيدًا، أو ربما يتدخل طرح ثالث يضعف موقف القضاء باعتبار حل البرلمان قرارًا سياديًا".

وأقام عدد من المحامين دعاوى قضائية أمام مجلس الدولة للمطالبة بإصدار حكم بوقف جلسات البرلمان والدعوة لإجراء استفتاء حول بقائه من عدمه، نتيجة "مخالفة المجلس للدستور وإخلاله بوظيفته التشريعية".

وذكرت الدعوى، التي أقامها 5 محامين أن البرلمان "دأب على مخالفة الدستور منذ اللحظة الأولى سواء فيما يتعلق بالجلسات الإجرائية، أو مناقشة القوانين التي ألزم الدستور مناقشتها في خلال 15 يومًا من انعقاده، كما أخل بوظيفته التشريعية فيما يتعلق بإلزام الدستور له بإصدار قانون للعدالة الانتقالية في دور الانعقاد الأول له وهو ما لم يحدث".

دعوى غير دستورية

لكن المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة السابق، قال لـ "إرم نيوز"، إن "دعوى حل البرلمان أمام مجلس الدولة غير دستورية، إذ أن مجلس الدولة لا يختص سوى بالمنازعات الإدارية وسيحكم في الدعوى بعدم الاختصاص"، لافتًا إلى أن "القرارات البرلمانية من أعمال السيادة والقضاء لا صلة له باختصاص أعمال السيادة".

وأضاف الجمل أن "المادة 137 من الدستور تنص على أحقية رئيس الجمهورية في حل البرلمان في حالة الضرورة وبقرار مسبب وبعد استفتاء الشعب، فيما تنص المادة 157 على أنه لرئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا".

من جانبه، قال الدكتور محمود كبيش عميد كلية حقوق القاهرة الأسبق، لـ"إرم نيوز"، إن "الدعاوى ليس لها علاقة بالقانون، وإن حل البرلمان  يتم عبر طريقة حددها الدستور وهي من أعمال السيادة".

وأضاف كبيش أن "الدعاوى التي أقامها بعض المحامين لحل البرلمان، دعاوى للشهرة وليس لها قيمة وتوضع تحت طائلة العبث على حد قوله".

إثارة الفتنة

ووصف اللواء يحيي الكدواني وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي، تلك الدعاوى بـ"الهراء"، معتبرًا أن "القصد منها إثارة الفتنة وتشوية صورة المجلس في الشارع المصري".

وأكد الكدواني في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "البرلمان الحالي منتخب بطريقة نزيهة وتحت رقابة قضائية ودولية".

تدخل رئاسي

من جانب آخر، رفض المحامي إيهاب الخولي عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، الربط بين الدعاوى المقامة وبين قانون السلطة القضائية الذي يناقشه البرلمان حاليًا، منوهًا إلى أن "بعض الأطراف القضائية تحاول الربط بين القضيتين لإثناء البرلمان عن مواصلة مناقشة القانون الجديد".

فيما استبعدت الدكتورة نهى بكر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في حديث لـ "إرم نيوز"، أن "تظهر ورقة حل المجلس مقابل قانون السلطات القضائية إلى العلن وإن كانت تلوح خلف الكواليس أو من خلال الإشارات"، مشيرة إلى أن "الموقف يحتاج تدخلاً رئاسيًا سريعًا لتدارك تفاقم الأزمة".

تدخل الأجهزة الأمنية

وأكد قضاة مصريون، اليوم الأحد، أنه "في حال تمرير القانون "سيفتح بابًا كبيرًا لتدخل الجهات الأمنية والسيادية في تقييم القضاة، حتى يتبوأوا المناصب القيادية القضائية، وهو ما يجعل السلطة القضائية غير مستقلة، وسيعمل البعض على إرضاء السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية".

وقال رئيس مجلس إدارة نادي هيئة النيابة الإدارية، المستشار عبدالله قنديل، إن "هذا القانون سيجعل رئيس الجمهورية، يلجأ لتقارير تعدها الجهات الأمنية والسيادية حول القضاة، وذلك عندما يباشر اختصاصه باختيار واحد من الثلاثة المرشحين من المجلس الأعلى للقضاة، وسيكون لديه مبرر أمني باستبعاد المرشحين الأول والثاني واختيار الثالث".

وأوضح قنديل في تصريحات تليفزيونية، أن "تدخل الأمن إضافة إلى قرار رئيس الجمهورية بالاختيار سيقدم صورة واضحة بتدخل السلطة التنفيذية في شؤون العدالة والقضاء، وهذا أمر مرفوض طبقًا للمعايير الثابتة في العالم، التي تؤكد استقلال السلطة القضائية في إطار الضمانات المقدمة للمواطنين".

وتساءل "كيف يأمن المواطن أمام قاض يتبع السلطة التنفيذية، وينتظر أن ترضى عنه السلطة التنفيذية حتى يتبوأ الصدارة؟!".

من جانبه، حذر القاضي باستئناف القاهرة، المستشار أحمد عبدالحميد، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، من أن هذا القانون "سيضع القضاة تحت يد التقارير الأمنية، وهذا أمر خطير، فالقاضي هو حامي العدالة ويجب أن يكون مستقلا، في حين أن هذه التقارير تؤثر بالفعل على استقلاله، لأن الأمر الخاص باختيار رئيس الجمهورية لقاض من 3 أسماء ليتبوأ المراكز القيادية بالسلطة القضائية، ستجعله معتمدًا على هذه التقارير، التي من المؤكد أن تتدخل فيها أمور شخصية وخاصة".

بدوره، أكد وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، على أنه "يجب أن يتم التوصل لحل مناسب للخروج من هذه الأزمة، مع الحفاظ على استقلال القضاء، وأيضًا حق البرلمان في القيام بدوره التشريعي".

ولفت إلى أن "الأمن في مصر لم يتدخل قبل ذلك بإعداد تقارير أمنية حول القضاة حتى يتبوأوا مراكز أو مناصب، والدليل على ذلك وجود قيادات كبرى منهم من تولى محكمة النقض أعلى سلطة قضائية، كانوا ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين".

فيما أشارت عضو اللجنة التشريعية سوزي ناشد، إلى أن "مشروع القانون الحالي لم يذكر أي تدخل بوجود تقارير أمنية في الاختيارات، لكن من الممكن أن يتواجد كعرف، مثلما يستخدم في اختيارات الأفراد لمناصب حساسة حتى تتوافر السلامة الأمنية"، لافتة إلى "ضرورة التوصل لحل وسط بين الطرفين، متوقعة تدخل رئيس الجمهورية كحكم بين السلطات".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com