دور الأيتام المصرية.. أوكار تُنتهك في جنباتها براءة الطفولة
دور الأيتام المصرية.. أوكار تُنتهك في جنباتها براءة الطفولةدور الأيتام المصرية.. أوكار تُنتهك في جنباتها براءة الطفولة

دور الأيتام المصرية.. أوكار تُنتهك في جنباتها براءة الطفولة

تعمقت أزمات دار الأيتام المصرية واستفحلت شرورها مع تكشف مزيد من حفلات التعذيب والقهر والاضطهاد التي يمارسها القائمون على بعض الدور بحق أطفال أيتام لا ذنب لهم إلا أنهم وقعوا ضحايا لهذه الفئة من البشر، في ظل صمت رسمي وشلل برلماني يزيد من تبعات الأزمة ولا يحد منها.

وألقت قضية الطفل الذي قامت إحدى مشرفات دار الأيتام بتعذيبه من خلال صب الماء البارد عليه صباحاً في شتاء مصر القارس، بظلالها القاتمة على مصير الآلاف من الأيتام، مع عجز الحكومات عن الوفاء بالتزاماتها تجاه فئات عانت مرارة التهميش وضياع الحقوق.

ولم تكن قصة تعذيب هذا الطفل الأولى من نوعها في مصر، بل حلقة في سلسلة انتهاكات، تشمل الضرب والتعذيب والاغتصاب، يتعرض لها أطفال دور الأيتام الذين يعيشون مأساة حقيقية.

وشهدت الأعوام الماضية العديد من القضايا المأساوية في دور الأيتام، كان أبرزها اغتصاب مشرف بدار أيتام بالشرقية 3 أطفال في عمر الزهور إلى حانب وقوع 5 آخرين ضحايا تحرشه، فيما وضعت مشرفة بدار أيتام في "النزهة" الحذاء في فم أحد الأطفال لإجباره على السكوت، فضلاً عما يتعرض له عشرات الأطفال الآخرين من حفلات تعذيب وتنكيل.

وأغلقت السلطات المعنية 40 داراً للأيتام، من أصل 448 داراً منتشرة على مستوى مصر، فيما أكد خبراء وعاملون في مجال رعاية وحقوق الطفل بمصر أن ما يعلن من انتهاكات بحق هؤلاء الأطفال لا يمثل سوى 1% من الانتهاكات الحقيقية.

5 ملايين يتيم في مصر

ووفقا لأحدث التقارير غير الرسمية، فإن عدد الأيتام بمصر يتجاوز 5 ملايين طفل، حيث يتم التقاط ما يقرب من 43 ألف طفل سنوياً من مختلف أرجاء مصر، يتوفى ثلث هذا العدد قبل الوصول إلى دور الرعاية لعدة أسباب، أغلبها الحالة الصحية للطفل، إلى جانب تباطؤ أقسام الشرطة في القيام بالإجراءات المتبعة، والاتصال بالجمعيات المعنية في المنطقة لتسلُّم الطفل.

يضاف إلى ذلك تقاعس الجمعيات المعنية عن الحضور لتسلم الطفل قبل عرضه على الطبيب المختص للكشف عليه وتحديد عمره، بالإضافة إلى حرص هذه الأطراف على تطبيق الإجراءات المعقدة، أكبر من حرصهم على سلامة الطفل حديث الولادة.

وكانت الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن المصرية قد أشارت في تصريحات سابقة إلى أن 75% من دور رعاية الأيتام تستحق الإغلاق، وأن معظمها تحول إلى مشروعات تجارية؛ إذ يعمل عدد كبير من هذه الدور من خلال جمعيات تعتمد على التبرعات في المقام الأول، بل إن هناك جمعيات تأسست لهذا الغرض، دون تقديم خدمة حقيقية.

غياب الرقابة

وقال هاني هلال رئيس "المؤسسة المصرية للنهوض بالطفولة" إن هناك ارتفاعاً في معدلات الانتهاكات في مؤسسات دور الرعاية البديلة بشكل عام، ومن ضمنها مؤسسات رعاية الأيتام، في ظل غياب الرقابة من وزارة التضامن الاجتماعى.

وأوضح هلال في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" أن معايير الجودة لم تطبق داخل تلك المؤسسات، وغابت الأحكام الرادعة ضد من يقومون بتعذيب هؤلاء الأطفال، مشيراً إلى أن المشرفة التي قامت منذ أيام بتعذيب الطفل بالماء البارد، تم إخلاء سبيلها، بسبب عدم ثبوت أدلة ضدها.

وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمبنى تابع لجمعية دور الأورمان الخيرية، ويسمع به صوت صراخ طفل وهو يقول لأمه البديلة: "لا أريد الاستحمام بالماء البارد... لن أكرر ما فعلت".

وطالب بتطبيق إجراءات حماية الطفل، ومتابعة لمكان دور الأيتام والمشرفين، وتركيب الكاميرات، واتخاذ كافة الإجراءات الخاصة بحماية الطفل، محذراً من استمرار الوضع الحالي لدور رعاية الأيتام في مصر التي يمكن أن تفرغ قنابل موقوتة في المجتمع.

وأضاف أن الانتهاكات التي يتم الإعلان عنها لا تمثل سوى 1% من حجم الانتهاكات الحقيقية التي تحدث، مطالباً بتطبيق سياسات وإجراء الحماية المنصوص عليها في قانون حماية الطفل، كما يجب السماح لجمعيات الرقابية أن يكون لها إشراف مفاجئ على دور الرعاية.

وأكد هلال أن دور رعاية الأيتام بمصر ليست بحاجة إلى تطبيق تشريعات جديدة، وإنما بحاجة إلى تطبيق التشريعات الموجودة، مؤكدا أن قانون الطفل المصري من أفضل القوانين في الشرق الوسط، بشهادة الأمين العام للأمم المتحدة، ولكن تظل القوانين حبرا على ورق بسبب عدم تفعيلها.

مسكنات فوق الجروح

وقال محمود البدوري رئيس "الجمعية المصرية لمساعـدة الأحداث وحقوق الإنسان" فرع الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال DCI في مصر، إن الانتهاكات ضد الأطفال في دور الأيتام "إرث طويل"، على مدار سنوات، مضيفاً أن الجهات الرقابية لم تقم بدورها تجاه الأطفال ولم تضع حلولا سليمة لمشكلاتهم.

واعتبر في تصريحات لـ "إرم نيوز" أن السياسة المتبعة لتلك المشكلات هى وضع المسكنات فوق الجروح، مضيفاً أن سبب المشكلة عدم وجود معايير للمتعاملين مع الأطفال في هذه الدور، مطالباً بوضع معايير لضبط النفس وقياسات الثبات الانفعالي للمتعاملين مع الأطفال كل ستة أشهر، وذلك بسبب عدم ضمان الخلفية العلمية والثقافية لهؤلاء.

ووصف فكرة دور الأيتام في مصر بأنها أصبحت "سبّوبة كبيرة"، مشيرًا إلى أن هناك فئة كبرى أصبحت تتخذ هؤلاء الأطفال وسيلة لتحقيق ربح مادي سريع عن طريق استغلال أوضاعهم.

وخلال العام 2015، أغلقت وزارة التضامن الاجتماعي 40 دارا للأيتام بسبب مخالفات متنوعة، وفي أيلول/سبتمبر 2014، قضت محكمة مصرية بسجن مدير دور أيتام ثلاثة أعوام، للاعتداء بالضرب على 7 أطفال في رعايته وتعريض حياتهم للخطر.

وتقول جمعيات معنية بحقوق الأطفال إن دور الأيتام، التي عادة ما تشهد تعنيف الأطفال وإساءة معاملتهم، تعاني قلة في الموارد البشرية والمادية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com