معضلة "الدين والسياسة" تطارد جماعة الإخوان المسلمين في مصر
معضلة "الدين والسياسة" تطارد جماعة الإخوان المسلمين في مصرمعضلة "الدين والسياسة" تطارد جماعة الإخوان المسلمين في مصر

معضلة "الدين والسياسة" تطارد جماعة الإخوان المسلمين في مصر

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، اليوم، تقريرًا مطولًا عن وضع الإخوان المسلمين في مصر، وذلك تحت عنوان "الإخوان في مصر أمام معضلة.. الدين أم السياسة".

وقالت الصحيفة إن قرار حركة النهضة التونسية، التي وصفته بـ"الجريء"، بخصوص فصل السياسة عن الدين، أثار سؤال حول ما إذا كان الإخوان المسلمون في مصر سيتبعون نفس مسار النهضة.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن النقاد يعتقدون أن الأزمة الراهنة لجماعة الإخوان، منذ أن تم الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في عام 2013، قد تدفع قادتها للتفكير في اتخاذ خطوة مماثلة تفصل بين الدين والسياسة.

وأوضحت "واشنطن بوست" أن دعوات فصل الدين عن السياسة في جماعة الإخوان ليست جديدة، حيث أن العديد من الشخصيات الإسلامية، بما في ذلك محمد سليم العوا، وطارق البشري وعبد الله النفيسي، حثّوا جماعة الإخوان على ترك السياسة والتركيز على الدعوة والتربية.

وذكرت أنه في الوقت الذي يرى فيه بعض أعضاء الإخوان في المنفى أنهم يفكرون في فصل الأنشطة السياسية والدينية، إلا أن البعض الآخر يرفض هذه الفكرة باعتبارها غير واقعية.

وأيًا كانت نتائج مناقشة الإخوان المستمرة حول هذه القضية، على افتراض وجود مناقشات بالأساس، تواجه الجماعة العديد من العقبات التي تحول دون التوصل إلى قرار مماثل لقرار حركة النهضة.

ويرجع السبب الرئيسي وراء انفصال حزب الوسط عن الإخوان في عام 1996، إلى تحول الجماعة لكيان سياسي.

وقال أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، في حوار صحفي أُجري معه مؤخرًا، إن "نشاط الإخوان المسلمين ينبغي أن يقتصر على الدعوة الدينية فقط"، مشيرا إلى أن هناك عقبة رئيسية تواجه الإخوان، وهي ما أسماه "خلل تأسيسي".

غاية التأسيس

وأضاف: "لقد تصور حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، الجماعة ليس باعتبارها منظمة دينية أو واعظة فقط، ولكن أيضًا باعتبارها حركة سياسية، لذلك عرف جماعة الإخوان بأنها "جماعة سياسية"، وفي الواقع، كان الدافع الرئيسي وراء تأسيس البنا لجماعة الإخوان المسلمين عام 1928، بدلا من الانضمام إلى واحدة من العديد من الجماعات الإسلامية الموجودة في ذلك الوقت، هو تغيير النظام السياسي والاجتماعي إلى نظام إسلامي".

وأوضح "ماضي" أنه منذ الأربعينيات، تواجدت جماعة الإخوان في السياسة اليومية، ولم يكن مزج الدين والسياسة غريبًا على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، كما قد يبدو لمن هم خارج الجماعة، بل على العكس تمامًا؛ تباهت جماعة الإخوان بالخلط بين الدين والسياسة كجزء من أيديولوجيتها الشاملة.

واستشهد أبو العلا ماضي بما ذكره في كتابه "داخل جماعة الإخوان المسلمين: الدين، الهوية والسياسة"، بأن فكرة شمولية الإسلام هي فكرة راسخة في أيديولوجية الإخوان المسلمين، وتشكل جزءًا لا يتجزأ من هويتها الجماعية.

وانضمام الأعضاء لجماعة الإخوان المسلمين، ليس فقط بسبب طابعها الديني، ولكن أيضًا بسبب الأنشطة الاجتماعية والسياسية والتعليمية، حيث تُشكل السياسة المكون الأكبر من الحمض النووي لجماعة الإخوان المسلمين، ومن المستحيل إزالته دون تغيير طبيعة الجماعة نفسها.

الهيكل التنظيمي

العقبة الأخرى التي تواجه الجماعة هي الهيكل التنظيمي، فعادة ما يتم الثناء على هيكل الجماعة المتماسك والمنضبط، الذي مكنها من الصمود أمام التحولات السياسية في المجتمع المصري لعقود من الزمن، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي هذا الهيكل إلى نتائج عكسية.

وأوضح أنه بعد ثورة 25 يناير 2011، أنشأ الإخوان حزب الحرية والعدالة الذي كان كيانًا "إخوانيًا" بالأساس مع القليل من الأدلة على وجود أعضاء لا ينتمون للجماعة، واعتمد الحزب الناشئ بشكل كبير على تكتيكات هيكل وتوظيف وحشد جماعة الإخوان المسلمين.

وأكد "ماضي" أنه إذا قرر الإخوان التحول إلى جماعة دينية فقط، ستفقد الجماعة تميزها في السوق الديني، مضيفا: "عندما كتبتُ عن جماعة الإخوان المسلمين في عام 2007، رفض العديد من الأعضاء فكرة وجود الدور الديني فقط، وأعرب بعضهم عن امتعاضهم من فكرة فصل الدين عن السياسة واعتبروها شكلا من أشكال العلمانية، وانضم هؤلاء الأعضاء إلى جماعة الإخوان بسبب طابعها الشامل، ولذلك، فإن فصل الدين عن السياسة ينفّر كثيرا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وخاصة في المناطق الريفية".

العقبة الأخيرة التي تواجه جماعة الإخوان هي الرفض الشعبي لها، الذي أدى إلى  الإطاحة  بالرئيس محمد مرسي عام 2013، وما اعقب ذلك من أحداث سياسية، خلقت قطيعة بين قيادة الجماعة وقواعدها الشعبية، الأمر الذي أدى إلى خلافات وانقسامات كبيرة داخل جماعة الإخوان المسلمين.

ولأول مرة، أصبح لدى الجماعة مجموعتين من القادة، داخل وخارج مصر، يختلفون على كل شيء تقريبًا، من السياسة إلى التكتيكات، في ظل وجود مثل هذه البيئة العدائية والمثيرة للانقسام، فإن أي قرار بفصل الدين عن السياسة من شأنه خلق المزيد من الانقسامات والمشاكل.

ويؤكد أبو العلا ماضي على أن أي محاولة لفصل الدين عن السياسة تتطلب تغييرات أساسية داخل الجماعة، في البرامج الأيديولوجية والاجتماعية للإخوان المسلمين، وهو أمر من غير المحتمل أن يحدث في المستقبل المنظور.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com