الدمية الراقصة تثير جدلا في سوق عرائس المولد بمصر‎
الدمية الراقصة تثير جدلا في سوق عرائس المولد بمصر‎الدمية الراقصة تثير جدلا في سوق عرائس المولد بمصر‎

الدمية الراقصة تثير جدلا في سوق عرائس المولد بمصر‎

القاهرة- رغم أن عروس المولد النبوي تعد أحد الطقوس المعتادة منذ مئات السنين، للاحتفال السنوي بهذه المناسبة في مصر، إلا أنها باتت مثيرة للجدل خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بسبب الملابس التي ترتديها، لا سيما العام الجاري، بعد أن تم تصنيع عروس ترتدي زي "راقصة"، بعد أن كانت ترتدي حجابا في 2013، وزيا عسكريا في 2014.

وفي سوق "درب البرابرة"، وسط القاهرة، الذي يعد أحد أشهر أسواق عرائس المولد في البلاد، تظهر عروس ترتدي زي "راقصة"، ويطلق عليها معظم التجار اسم "صافيناز"، نسبة إلى الراقصة الأرمينية صوفينار، التي ذاع صيتها في مصر منذ الربع الثاني من العام الماضي، وحتى كتابة هذه السطور.

وقدمت الراقصة صوفينار إلى مصر عام 2010، غير أنها ذاع صيتها في البلاد خلال العام الماضي، عبر مشاركتها في عدد من الأفلام، كما تصدرت قائمة الأشخاص الأكثر بحثا، من قبل مستخدمي موقع البحث الأشهر على الانترنت (جوجل) في مصر خلال 2014.

وكانت ذكرى المولد النبوي التي تم الاحتفال بها في كانون ثاني/ يناير 2014، شهدت ظهور دمية ترتدي زي الجيش المصري، وأخرى على هيئة عبد الفتاح السيسي، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع آنذاك، والذي ذاع صيته في عام 2013، وهو العام الذي شهد عزل الجيش المصري بمشاركة قوى وشخصيات دينية وسياسية على إثر ثورة شعبية للرئيس الأسبق محمد مرسي.

أما في كانون ثاني /يناير 2013، فظهرت عروس مولد ترتدي زي محجبات، وعرائس أخرى، تحمل المصحف، مواكبة لحكم مرسي، للبلاد في المدة من حزيران/ يونيو2012 إلى 3 تموز /يوليو 2013، والذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.

ويتراوح سعر العروس "الراقصة" ما بين الـ120 جنيه (قرابة 17 دولارا أمريكيا) للحجم الصغير منها، إلى 200 جنيه (قرابة 28 دولارا أمريكيا) للحجم الكبير، وتلاقي تباينا بين المواطنين، بين قبول الفكرة ورفضها.

محمد عبد الحميد، مدرس، يبلغ من العمر 35 عاما، وأب لطفلتين، أكبرهن 10 سنوات، قال من أمام محل لبيع عرائس المولد: "أنا مصدوم، كيف يفكرون في أن يمزجوا بين الراقصة ولبسها العاري الكاشف لجسدها، مع المناسبة الدينية المرتبطة بخير خلق البشر (النبي محمد خاتم المرسلين)".

وتابع: "كيف أشترى لابنتي عروسة احتفالا بالمولد النبوي، على شكل راقصة تعرى بطنها وظهرها، وكيف أطالبها أن تغير قناة التليفزيون عندما يذيع مشاهد للتعري والرقص، وفي ذات الوقت أحضر لهم عروسة راقصة عارية".

وقال البائع سعيد عيد، إن هذا "هو ما يطلبه الجمهور"، وإنهم لا يسعون إلا للمكسب، دون أن يهمهم هذه التداخلات والتعقيدات.

وقال البائع: "المهم الزبون عايز ايه (ماذا يريد)؟، أنا لا يهمني تربية ولا أخلاق ولا علاقة بالمولد أو غير المولد".

وتابع: "كل سنة وليها عروستها، السنة اللي فاتت كانت عروس السيسي، والسنة اللي قبلها كانت العروس المحجبة، والسنة دي سنة صافيناز".

عفاف مصطفى، سيدة أربعينية، كانت تتابع الحديث عن بعد، قبل أن تقترب وتقاطع البائع وتقول: "لا تبرر، العروسة الراقصة موجودة، من أراد أن يشتريها فليشتريها، ومن أراد غيرها فهي أيضا تباع"، وهو ما دفع عبد الحميد للانسحاب بهدوء، وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة.

وما بين مؤيد لفكرة العروس الراقصة ومعارض لها، اعتبرت عزة كُريّم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية (حكومي)، العروس الراقصة، "مشهد مؤسف لتدني الأخلاق في مصر".

وقالت: "مهما كان الرغبة في الربح من جانب التجار، فلا يجب أن نفسد الأخلاق والمناسبة الدينية، بمثل هذه الأساليب"، مضيفة: "أعلم أن التجار هدفهم الأول هو الربح بصرف النظر عن مظهر أو شكل يسيء إلى المناسبة".

وحول أسباب ذلك، قالت عزة كُريّم: "الأفلام التي تظهر بين الوقت والآخر للعب على مشاعر الشباب غير القادر على الزواج، والتي تظهر علاقات حميمية ومشاهد جنسية، تحدث أكثر من ذلك، وجعلت هذا الجيل يرتدى ثوب الإسفاف والابتذال".

إلا أنها عادت وقالت: "أراهن على أن الشباب المصري وأولياء الأمور لن يسمحوا بذلك، وسيواجهون مثل هذه الصناعات".

وتتعدد الروايات حول تاريخ بدء استخدام "عروس المولد النبوي" كشكل من أشكال الاحتفال بالمولد النبوي في مصر.

إذا يقول بعض المؤرخين المصريين إن عروس المولد النبوي ظهرت عام 973 ميلادية في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله (حكم من 953 حتى 975 ميلادية)، بينما يقول آخرون إنها بدأت في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (حكم من 996 إلى 1021 ميلادية).

كما اختلفت الروايات حول أصل هذه العادة، حيث يقول محمد البيلي، أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الآداب جامعة القاهرة، في تصريحات صحفية، إن الحكام الفاطميين كانوا يشجعون الشباب على عقد قرانهم في يوم المولد النبوي، ولذلك تفتق ذهن الصانع المصري أن يشكل الحلوى على هيئة عروس، ويقوم بتغطيتها بأزياء تعكس العصر والتراث.

بينما تذكر مصادر تاريخية أن الحاكم بأمر الله كان يحب إحدى زوجاته فأمر بخروجها معه في يوم المولد النبوي فظهرت في الموكب بردائها الأبيض وعلى رأسها تاج من الياسمين، فقام صناع الحلوى برسم الأميرة في قالب الحلوى.

ويرى بعض علماء الدين أن عروسة المولد في حد ذاتها ليست حراما، كأداة يلهو بها الأطفال، ولكن ربطها بمناسبة المولد النبوي هو ما يفقد المناسبة الدينية قيمتها الروحية والدينية، بل إن البعض ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وحرم الاحتفال بالمولد النبوي نفسه، مستندا إلى السنة النبوية، والتي لم يعرف فيها أن النبي احتفل بيوم مولده.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com