عالم الطيران.. بين قدرة الإنسان وتفوق الآلة
عالم الطيران.. بين قدرة الإنسان وتفوق الآلةعالم الطيران.. بين قدرة الإنسان وتفوق الآلة

عالم الطيران.. بين قدرة الإنسان وتفوق الآلة

أدى دخول التقنية الحديثة إلى تطوير صناعة الطائرات وزادت من قدرات العاملين في هذا المجال ، وبالتالي تحكمت التقنية في وضع معايير تتناسب مع اختيار أطقم الطائرة ووضع مواصفات وشروط لهم، ومع تطور صناعة الطائرات زاد الاهتمام بالدراسات والبحوث العلمية في هذا المجال لتفادي كثرة حوادث الطيران. وقد تطورت كذلك برامج التدريب والتشغيل وزادت من كفاءة الطيارين، غير أن هنالك عوامل أخرى تتعلق بالضغط العالي الخارجي تأثيره على محركات الطائرات مع عمليات الصعود والهبوط في الطيران يؤدي إلى تأثيرات خطيرة على صحة الطيارين وقد تقود إلى فقدان التوازن ووقوع حوادث.

وفي هذا الشأن يشير وليد مراد، رئيس نادي مصر للطيران إلى أن العديد من البحوث والدراسات الطبية كشفت عن وجود عدد من الأسباب المؤدية لحوادث الطيران لخصها في أربعة عوامل رئيسية تتمثل في نقص الأكسجين، وهو شديد الخطورة على حياة الطيار في الارتفاعات العالية، ويقول : إن نقص الأكسجين يحدث عند وقوع خلل في أجهزة ضبط الضغط داخل كابينة القيادة، فتؤثر على المخ مباشرة وتفقد قائد الطائرة السيطرة على الطائرة ، ولا يتمكن من التحكم الجيد في قيادة الطائرة بالطريقة السليمة، أما العامل الثاني فيتمثل في التنفس السريع، حيث يعتقد البعض أن التنفس السريع والعميق في الارتفاعات العالية قد يعوض الأكسجين، وهذا الاعتقاد خاطئ لأن في هذا النوع من التنفس السريع يخرج ثاني أكسيد الكربون من الرئتين، وبالتالي يتأثر مركز التنفس في المخ.

ويؤكد خبير الطيران على أن هنالك أعراضاً مشابهة تؤدي لنقص الأكسجين وتؤثر على أداء الطيار، ويحدث ذلك عند الطيران فوق المحيطات والمرتفعات، ومع انخفاض الضغط الجوي أثناء الطيران في الارتفاعات العالية في الطائرات التي ليس لها أجهزة لضبط الضغط الجوي، مما يؤدي إلى تصاعد الغازات في جسم الإنسان مثل غاز "النيتروجين"، حيث يؤدي ظهورها إلى أعراض وعلامات خطيرة على الطيار قد تؤدي إلى العجز المفاجئ وعدم السيطرة على الطائرة.

ويضيف كابتن وليد: إن العامل النفسي يحدث نتيجة الشعور بالدوار وفقدان التوازن، لكنه أمر شائع بين الطيارين، لكنه لا يؤدي عادة إلى متاعب بالنسبة للذين يدركون كيف يتخصلون من هذا الإحساس باعتمادهم على أجهزة الطائرة داخل كابينة القيادة، ولتجنب حدوث فقدان الاتزان ، ينوه إلى ضرورة التأكد من أن الطيار يتمتع بلياقة بدنية عالية ، كذلك يتجنب القلق وتناول المشروبات الكحولية وتعاطي الأدوية والإجهاد البدنيوكل هذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى فقدان التوازن وتتسبب في حوادث الطيران، أما الإجهاد البدني فهنالك نوعين من الإجهاد أحدهما عادي والآخر مزمن، الأول بسيط للغاية وينتهي بمجرد أن يأخذ الجسم كفايته من الراحة والنوم لمدة ثماني ساعات كافية للقضاء عليه.. أما الإجهاد المزمن فهو الأكثر خطورة في عالم الطيران، وتسببه عوامل كثيرة منها النفسي أو الذهني أو العضوي، والغريب في الأمر حين تقرر وضع جهاز مسجل الطيران في الطائرة أصيب الطيارون بالقلق ، فقد حدث سوء فهم لدى بعض الطيارين وتململوا من وجود هذا لجهاز واعتقدوا أنه أُدخل كوسيلة للتجسس عليهم، ولكن كان الهدف منه تنظيم فاعلية الجهاز الإداري للطيران والبرامج التدريبية.

ويلفت خبير الطيران الانتباه إلى أهمية تنظيم أوقات العمل ، بأخذ قسط وافر من الراحة والنوم إضافة إلى التدريب الجيد، مع التعود على الطيران ، ويرى أن هذه العوامل لها دورها الهام في ظهور الطيار بلياقة بدنية عالية تمكنه من القيام بعمله، وينتقل بالحديث عن مدى تأثير تناول المشروبات الكحولية والسموم والأدوية، بقوله: إن التجارب أثبتت أن الطيران على الارتفاعات العالية والتعرض لانخفاض الضغط الجوي يزيد من التأثير الضار للمواد الكحولية على الطيار، أما الأدوية فقد كشفت أبحاث أجرتها إحدى الشركات العاملة في مجال الطيران في أوروبا أن 25% من أطقم الطائرة يتناولون الأدوية بكميات كبيرة، وأن 21% منها يتناولونها بنسبة أقل، وبالطبع لا يمكن الحديث عن الأدوية المخدرة فهي محظورة ولا يكون لها وجود إطلاقاً في عالم الطيران.

أما بالنسبة للمدخنين بصورة عامة فقد أثبتت الأبحاث أن المدخنين يكونون وهم على سطح الأرض،كأنهم يعيشون على ارتفاع 200 متر، نتيجة وجود أول أكسيد الكربون في الدم، وهو غاز سام ومؤثر على وظائف الجسم .. كما أن الدراسات أكدت على أن مضار التدخين بشكل عام حيث يؤثر على العين ويقلل من حساسيتها، أما بالنسبة للطيارين فإنه يقلل من كفاءة الرؤية الليلية بنسبة 20% ، والاستمرار فيه- والحديث لمراد - لمدة طويلة قد يصيب العين بالعمى بعد الإصابة بالمياه البيضاء، ويشير إلى أن هنالك بحوث ودراسات علمية أجريت في الولايات المتحدة كشفت عن وجود علاقة وثيقة بين التدخين والإصابة بالمياه البيضاء المعروفة بـ "الكتاراكت"، التي تعتبر سبباً رئيساً للإصابة بالعمى ، حيث يوجد خمسون مليون شخص مصابين بإعاقة في الرؤية، ومن المعروف أن دخان السجائر يؤثر على صحة الإنسان عامة، وعلى الطيار خاصة، حيث يقلل من حيويته من خلال عدة طرق، أهمها ترسب كميات من النيكوتين في عدسة العين أو انخفاض نسبة الأكجسين في دم الشخص المدخن، ومن واقع الدراسات بين من يعملون في الأماكن أو الأعمال التي تحتاج لاستخدام الرؤية والعين لفترات طويلة، كالطيران لساعات طويلة، يؤدي التعرض للإشعاع فوق البنفسجي الحارق لفترات طويلة دوراً أساسياً في إحداث التغيرات التي تكون سبباً في فقدان العدسة الطبيعية في العين لشفافيتها، ومن ثم تتكون "الكتاراكت"، بينما ينوه مراد إلى آثار التدخين على الطيارين تجعل منه خطراً على السلامة الجوية.

قيود تدفق الهواء للركاب

بينمت يشير علاء عبد العال، فني صيانة بمصر للطيران: إلى أن في أواخر سبعينات القرن المنصرم ظل الهواء النقي الذي يصل إلى ركاب الطائرات حربية كانت أم مدنية ، غير أن ارتفاع تكلفة أسعار الوقود بعد تلك الفترة، اضطرت الشركات العاملة في مجال صناعة الطائرات إلى إعادة النظر في أمر تزويد الطائرات بالهواء النقي، ورغم أن أسعار الوقود قد تدنت منذ ذلك الوقت، إلا أنها ارتفعت في السنوات الأخيرة مرة أخرى، مما يؤدي إلى تطبيق المزيد من القيود على معدلات تدفق الهواء النقي للركاب والطيارين، وقد أدت الأزمة إلى استخدام الهواء "المدور" في مقصورة الركاب، مع تخفيض كمية الهواء النقي بنفس المقدار بشكل موزون ، خاصة أن الهواء النقي اللازم للتهوية يأتي من المحرك، كماأن شفط الهواء يخفف من التدفق الداخلي، وهذه العملية تتطلب مزيداً من الوقود لتوفير قوة المحرك نفسه، وهذا من شأنه أن يزيد من درجة حرارة الغاز "التوربيني"، الأمر الذي يزيد تكاليف صيانة المحرك، لذلك تلجأ الشركات إلى تخفيض معدلات الهواء النقي داخل الطائرات. أما عملية التطوير الحالية للمحركات والضغوط الهائلة لخفض احتراق الوقود يضاعف من المشكلة، إذ إن نسب الضغط ونسب مرور الهواء الجانبي تعمم حالياً بزيادة 50% كحد أدنى عند ارتفاع قوة الدفع في المحركات التوربينية واقترابها من مستوى مائة ألف رطل".

إضافة إلى ذلك فإن استنزاف الهواء المتسرب من قبل المحرك، له تأثير أكبر على معدل قوة الدفع، وبالتالي على تكلفة الهواء المتسرب، وقد حددت الشركات الصانعة للطائرات تكلفة تزويد طائرة متوسطة الحجم بهواء نقي للتبريد بحوالي 60 ألف دولار في السنة".

وكالة الصحافة العربية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com