مصر.. منظمات المجتمع المدني تنتفض ضد قانون الحكومة
مصر.. منظمات المجتمع المدني تنتفض ضد قانون الحكومةمصر.. منظمات المجتمع المدني تنتفض ضد قانون الحكومة

مصر.. منظمات المجتمع المدني تنتفض ضد قانون الحكومة

تتسم العلاقة بين الحكومات المصرية المتعاقبة ومنظمات المجتمع المدني بالتوتر الدائم الذي تزيد أو تقل وتيرته بحسب سياسة النظام في تعامله مع المجتمع المدني، ومؤخراً أصدرت حكومة إبراهيم محلب مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي يلزم المنظمات الحصول على موافقة من وزارة التضامن الاجتماعي، واشتراط حضور ضابط من جهاز الأمن الوطني اجتماعات مجلس إدارة الجمعية أو المنظمة، وهو ما اعتبرته المنظمات بمثابة تأميم وتقييد نشاط المجتمع المدني، ويعطي للدولة الرقابة والإشراف الحكومي على عمل هذه المنظمات، في حين بررت الحكومة القانون بأنه يحمي الأمن القومي في ظل غموض مصادر تمويل منظمات المجتمع المدني.

وفي هذا السياق يقول علاء شلبي الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان: "العلاقة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني تشهد توتراً من الممكن أن يتحوّل إلى صدام إذا تمسكت الحكومة بإصدار قانون الجمعيات الأهلية كما هو دون إجراء تعديلات عليه والأخذ بملاحظات المنظمات والجمعيات"، لافتاً إلى أن من مصلحة الدولة عدم الدخول في صدام مع منظمات المجتمع المدني، والعمل على تسهيل إجراءات تكوين المنظمات والجمعيات، وتعديل قوانين الجمعيات الأهلية بما يتفق مع المعايير الدولية لإشهار منظمات المجتمع المدني.

ويشير شلبي إلى أن توتر العلاقات بين الحكومات المتعاقبة ومنظمات المجتمع المدني يرجع إلى عدة أسباب من أهمها، الانتقادات الحادة التي توجهها المنظمات إلى الحكومة، واتهامها بانتهاك الحريات وعدم احترام حقوق الإنسان، وهو ما دفع الحكومة إلى إصدار قوانين لتطويع حجم أنشطة منظمات المجتمع المدني، لافتاً إلى أن الإنذار الأخير الذي وجهته الحكومة للمنظمات والجمعيات المدنية أجج الصراع وزاد من حدة التوتر، ويهدد بإغلاق الكثير من المنظمات الحقوقية، ما يجعل مستقبل المجتمع المدني غامضاً بين التطويع أو الحل.

بينما يؤكد جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن الحكومة المصرية تتبع حزمة من الإجراءات التي من شأنها إسكات أي صوت معارض أو منتقد لأفعالها، وتحاول من خلال القوانين والقرارات التي تتخذها تحجيم دور منظمات المجتمع المدني ومحاولة تطويعها، بصفتها الخط الأخير للدفاع عن الحريات والحقوق.

ويرى أن مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي أعدته وزارة التضامن الاجتماعي يُعد تقويضاً لحرية إنشاء الجمعيات وعمل منظمات المجتمع المدني، وتابع: "الحكومة بهذا القانون وضعت المنظمات والجمعيات أمام خيارين، إما الخضوع لها أو الحل"، لافتاً إلى أن قانون الجمعيات الأهلية يخالف دستور 2014 الذي ينص على "تشكيل منظمات المجتمع المدني عن طريق الإخطار، ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شؤونها..".

وأوضح أن ممارسات الحكومة خلال الفترة الماضية تستهدف تعطيل قدرات وعمل المنظمات المدنية، مضيفا أن شبهة تمويل تلك المنظمات من الخارج هي شبهة مستهلكة، كون جميع المنظمات المدنية حول العالم تموّل عن طريق المنظمات الدولية في ظل عدم وجود مصادر تمويل محلية، وهذا لا يعني التدخُّل في عملها وفرض الوصايا عليها من الخارج.

ويختلف معه في الرأي مصطفى بكري القيادي بتحالف الجبهة المصرية قائلاً إن تلك المنظمات تمثل تهديداً للأمن القومي المصري، وتتبع أجندات خارجية تقوم على المتاجرة بملف الحريات وحقوق الإنسان للضغط على الدولة.

ويشير بكري إلى ضرورة سرعة إصدار قانون الجمعيات الأهلية حتى تخضع تلك المنظمات للقانون، وإشراف الدولة ويتم الكشف عن مصادر تمويلها، لافتاً إلى أن القانون سوف يساعد في تنظيم عمل تلك المنظمات، وفي نفس الوقت سيحمي الأمن القومي من أي اختراقات خارجية.

ويضيف بكري أن تلك المنظمات تقوم بدور خطير يتمثل في تقديم الأسباب والحجج التي يحتاجها الغرب وتستخدمها المنظمات الدولية في ابتزاز مصر، بهدف الرضوخ للضغوط الخارجية أو توقيع عقوبات اقتصادية، موضحا أن قضية التمويل الأجنبي غير معروفة المصدر لمنظمات المجتمع المدني إحدى النقاط المحورية التي تُثير قلق الدولة تجاه تلك المنظمات والجمعيات غير الحكومية.

وفي سياق متصل يقول د. وحيد عبد المجيد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن وجود مجتمع مدني قوي وفعّال يقوم بدوره في تنمية وعي المواطن وتمكينه ينعكس على قدرة المجتمع في النمو والتطور، لافتاً إلى ضرورة تفعيل الدور المدني للمنظمات والجمعيات الأهلية، مع عدم تسييس دورها لما له من عواقب سلبية كثيرة على دورها الإنساني والمدني.

ويضيف أن المجتمع المدني في مصر يختلف عن نظيره الغربي، بسبب خصوصية المنظمات الأهلية المصرية من حيث طبيعة المجتمع، ومدى استيعابه للعمل المدني وتوافر مقوماته، لافتاً إلى أن دور المجتمع المدني في مصر تم تقليصه لصالح الحركات الاحتجاجية التي تجذب المواطنين أكثر من منظمات المجتمع المدني.

وأوضح أن العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في مصر شهدت تطوراً متلاحقاً من مرحلة التنظيم إلى مرحلة التوظيف ثم مرحلة الرقابة والإشراف، لافتاً إلى أن هذه العلاقة المتداخلة أدت إلى هشاشة المجتمع المدني وتراجع دوره، بسبب طبيعة العلاقة المتأزمة بين منظمات المجتمع المدني والحكومة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com