بعد تحذيرها للأديرة المخالفة.. هل تنجح الكنيسة المصرية في "إصلاح الرهبنة"؟
بعد تحذيرها للأديرة المخالفة.. هل تنجح الكنيسة المصرية في "إصلاح الرهبنة"؟بعد تحذيرها للأديرة المخالفة.. هل تنجح الكنيسة المصرية في "إصلاح الرهبنة"؟

بعد تحذيرها للأديرة المخالفة.. هل تنجح الكنيسة المصرية في "إصلاح الرهبنة"؟

جاء حادث مقتل الأنبا إبيفانيوس بدير وادي النطرون مؤخرًا، واتهام اثنين من الرهبان بقتله، ليحرك المياه الراكدة داخل الكنيسة المصرية؛ الأمر الذي تبعته عدة قرارات، منها مطالبة الكنيسة لقياداتها والرهبان بإغلاق حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي خلال مدة لا تزيد عن شهر، كذلك قرار الكنيسة خلال الساعات الماضية بمنح مهلة مماثلة للأديرة التي لم تقنن أوضاعها، والإعلان عن شروط تقنين أي دير، والعمل به، ووضع راهبيه.

ويرى مراقبون أن اتخاذ الكنيسة بقيادة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، لمثل هذه القرارات مؤخرًا، خاصة بعد الحادث، يعبر عن تأخر الكنيسة في مثل هذه الإجراءات، إلى جانب ما اعتبره البعض دليلًا على عدم الانضباط  في حياة الرهبان، وترك أديرة تعمل دون تقنين أوضاعها، لتأتي القرارات مؤكدة لذلك.

استرجاع القديم

وتؤكد قيادات كنسية أن اتخاذ الكنيسة لمثل هذه القرارت يأتي بمثابة التعبير عن الرغبة فيما سمّوه العودة للحياة القديمة، وضبط حياة الرهبان التي قامت على عدم الاختلاط بالمدنيين والزهد عن الحياة، وهو الأمر الذي لم يعد مستمرًا خلال الفترة الماضية، في حين يرى البعض أن انفتاح الرهبان على الحياة المدنية مؤخرًا كان سببًا في بعض الخلافات، بل سببًا في الجريمة الأخيرة بمقتل الأنبا إبيفانيوس، على يد الراهب أشعياء المقاري الذي تم تجريده من الرهبنة عقب الحادث، وعاونه في الجريمة الراهب فلتياؤس المقاري.

في ذلك الإطار، يقول القمص عبد المسيح بسيط، كاهن كنيسة العذراء وأستاذ اللاهوت الدفاعي، في حديثه لإرم نيوز، إن قرارات الكنيسة الأخيرة تأتي لضبط حياة الرهبنة، وحتمية تقنين أوضاع الأديرة المخالفة، موضحًا أن مخالفتها لم تكن تجاه الدولة أو الحكومة، وإنما داخل الكنيسة والحياة الكنسية بشكل عام.

ويضيف القمص عبد المسيح، أحد قيادات الكنيسة المصرية، أن الأمر لن يتوقف خلال المرحلة المقبلة عن تقنين أوضاع كافة الأديرة فقط، وإنما تطبيق شروط الرهبنة كافة دون استثناءات، أو التغاضي عن الشروط، حيث لن يتم اعتماد أي راهب إلا بالعودة لحياته وسلوكه وأب الاعتراف، وميول الراغبين في الرهبنة، وهو أمر كان معمولاً به من قبل.

الرهبنة والحياة المدنية

وبشأن أعداد الأديرة في مصر، قال القمص إن الأديرة المعترف بها والمقننة لأوضاعها قرابة 27 ديرًا، وهي الأديرة الموجودة بالفعل والتابعة للكنيسة، إلى جانب بعض الأديرة الأخرى التي لم توفق أوضاعها وهي لا تزيد عن 4 أو 5 أديرة فقط، بحسب قوله، أهمها دير وادي الريان بمحافظة الفيوم.

وقال ممدوح رمزي، مستشار البابا الراحل شنودة الثالث أن فترة قيادة البابا كيرلس للكنيسة قبل تولي شنودة القيادة كانت تمنع تمامًا اختلاط الرهبان بالحياة المدنية، لكن الفترة الأخيرة ظهرت بعض المعاملات بين الرهبان والمدنيين وتطورت إلى معاملات مادية، على غير حياة الرهبنة، واتخاذ بعض ضعاف النفوس لحياة الرهبنة في الاستيلاء على بعض الأموال، وخداع آخرين بحجة التبرع، وربما كانت سببًا في جريمة وادي النطرون الأخيرة، بحسب قوله.

وطالب ممدوح رمزي، في حديثه لإرم نيوز، بحتمية ما سمّاه "العودة للقديم"، وانتهاء انفتاح الرهبان على الحياة العامة، المخالفة لمفهوم الرهبنة، خاصة في مصر التي وصفها "أم الرهبنة" من العام 100 ميلاديًا.

وذكر رمزي أن البابا تواضروس حينما تولى قيادة الكنيسة المصرية عام 2013، وضع لائحة جديدة للرهبنة، تم الالتزام بها في الأديرة المقننة لأوضاعها، لكن الأديرة غير المقننة لا نعرف كيف تدار الأمور بها، الأمر الذي يستوجب حتمية إعادة الأمور لنصابها بالقرارات الأخيرة الصادرة عن الكنيسة.

وتحدث عن الأديرة التي لم توفق أوضاعها مؤخرًا برغم تحذير الكنيسة من التعامل معها، قائلًا: "لن يزيد عددها عن 4 أديرة أو 5، لكن في النهاية لابد أن يخضع الجميع لقيادة واحدة، منعًا للتلاعب".

لا يوجد حصر رسمي

في هذا الصدد، قال القس بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة المصرية، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن الأديرة الستة التي تم التحذير من التعامل معها لم توفق أوضاعها خلال الفترة الأخيرة.

وعن عدد الأديرة التي لم توفق أوضاعها حتى الآن، قال المتحدث باسم الكنيسة إنه لا يوجد حصر رسمي بها حتى الآن، مشيرًا إلى الخطوات التي يجب أن تتبع في تصحيح الأوضاع والتقنين للأديرة ممثلة في تسجيل الأرض باسم بطريركية الأقباط الأرثوذكس، والخضوع لمن يرسله البابا للإشراف الروحي والمالي والإداري على المكان غير المعترف به.

كما تطرق إلى الشروط الأخرى من بينها الرجوع لشروط لائحة الرهبنة في تعمير الدير، معتبرًا أن من لا يقبل الإعلان عن هذه الشروط، فهو بمثابة إعلان عصيان على الكنيسة وله نية أخرى لا علاقة لها بالرهبنة بل لأغراض شخصية منحرفة عن الطريق السليم وسيحكم على نفسه بالتجريد من الرهبنة والكهنوت حال انتهاء المهلة المحدة بشهر واحد فقط.

 6  أديرة مخالفة في مصر

وقال مصدر كنسي إن الأديرة غير المعترف بها هي 6 فقط أبرزها دير وادي الريان بالفيوم، ومكان على اسم الأنبا كاراس، وآخر للفتيات يسمى دير عمانوئيل بوادي النطرون في محافظة البحيرة، ورابع يسمى دير متاؤس الفاخوري بطريق "القاهرة - الإسكندرية" الصحراوي، ومكان خامس يسمى يوحنا الحبيب بطريق محافظة الإسماعيلية، ومكان يطلق عليه "أبوسيفين" أو "دير الزيتونة" بطريق العبور المجاور للعاصمة القاهرة.

اتجاه نحو التقنين

على الجانب الآخر، قال أحد الرهبان بدير وادي الريان "غير المعترف به" إن أبناء الدير ليس لديهم أي مشكلة في تقنين الأوضاع، بشرط أن تكون هناك تسهيلات في التصاريح اللازمة، والحفاظ على حياة الرهبان به، وما تم خلال الفترة الماضية، دون تجريد، أو اتخاذ قرارات ضدهم.

وأضاف الراهب، الذي رفض ذكر اسمه، أن ارتباطهم بالكنيسة المصرية هو أمر موجود بالفعل روحيًا، لكن كانت هناك عقبات كثيرة، تمنى أن تزول، وأن يتم التعامل معها بشكل جيد.

وعن التقدم لتقنين الأوضاع خلال المدة المحددة، قال: "قد يكون الأمر خلال أيام، ونسعى لتقنين الأوضاع، ونرفض أن نكون من العصاة على الكنيسة، لكن الفترة الماضية شهدت الكثير من الخلل سواء من جانبنا، أو من جانب آخرين وقفوا عثرة أمام تقنين الأوضاع".

أما عن أديرة الكنيسة المصرية المعترف بها، فقد ذكرت الكنيسة عبر بيان رسمي عقب حادث مقتل الأنبا إبيفانيوس، بأن عددها 27 ديرًا داخل مصر، و11 خارجها، وتقع كل الأديرة الداخلية خارج العاصمة القاهرة، وتنتشر في محافظات البحيرة وسوهاج وسيناء والفيوم والأقصر والبحيرة وبعض المحافظات الأخرى.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com