انتخابات النواب المصري.. تكهنات بعدم الدستورية
انتخابات النواب المصري.. تكهنات بعدم الدستوريةانتخابات النواب المصري.. تكهنات بعدم الدستورية

انتخابات النواب المصري.. تكهنات بعدم الدستورية

رغم طمأنة الحكومة المصرية للقوى السياسية بخصوص إجراء انتخابات مجلس النواب، التي تعتبر الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق، من خلال تشكيل لجنة لإعداد قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، الذي يتم على أساس التقسيم الجغرافي الجديد للمحافظات، إلا أن الأوساط السياسية تسودها حالة من التخبُّط والتوتر بعد تأخر موعد الانتخابات، خاصةً مع انتهاء المدة المحددة دستورياً والتي كان من المقرر إجراؤها وفقاً للنص الدستوري في 18 يوليو الماضي.

التأخير يدخل الدولة في معارك دستورية تهدد بحل البرلمان القادم، في ظل حاجة البلاد لاستكمال مؤسسات الدولة من خلال برلمان يمارس دوره الرقابي والتشريعي، ويفرز حكومة قوية تكمل الجناح الآخر للسلطة التنفيدية، مما يساعد على تحقيق الاستقرار وينقل الدولة إلى مرحلة ما بعد خارطة الطريق.

وفي هذا السياق يقول د.جمال جبريل أستاذ القانون الدستوري بجامعة حلوان: إن الدستور يتضمن مادة انتقالية تنص على أن تكون أول انتخابات بعد إقرار الدستور بـ 3 شهور، والثانية خلال 6 شهور من تاريخ إقرار الدستور، بما يعني أن الدستور يلزم الحكومة بإجراء انتخابات مجلس النواب في مواعيد محددة، وأن تأجيلها يخالف الدستور ويهدد ببطلان مجلس النواب القادم، لافتاً إلى أنه لا يجوز تأجيل الانتخابات إلا بتعديل الدستور من خلال استفتاء شعبي، ويؤكد أن القرار في يد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث يمكنه تفادي القيد الدستوري بمجرد إصدار قرار بتشكيل لجنة الانتخابات البرلمانية، إلا أن عدم صدور قانون تقسيم الدوائر الانتخابية حتى الآن يمثل عائقاً أمام عمل هذه اللجنة، ومن ثم على الرئيس أن يستخدم صلاحياته التشريعية ويقوم بإصدار قانون تقسيم الدوائر، حتى تستطيع اللجنة القيام بعملها وفتح باب الترشح للانتخابات، ويضيف جبريل: أن الحكومة لا يمكنها إصدار قانون بتأجيل الانتخابات البرلمانية طالما هناك نص دستوري ينص على مدة محددة لإجرائها.

بينما يرى د.محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، أن تأجيل الانتخابات البرلمانية يجوز قانوناً، خاصةً وأن هناك ضرورة وطنية تتمثل في انشغال الحكومة بالوضع الاقتصادي والأمني والعمل على عودة الاستقرار والهدوء للبلاد، ومن ثم يمكنها من إجراء الانتخابات في مناخ ديمقراطي سليم، ويوضح أنه في حالة الطعن على قرار تأجيل الانتخابات، ستسقط الدعوى وتفقد أهميتها وذلك لطول أمدها، حيث تكون الحكومة قد انتهت من الانتخابات، ويؤكد أن المواعيد المحددة في الدستور لإجراء الانتخابات البرلمانية هي مواعيد تنظيمية ليس أكثر، والغرض منها الحث على سرعة إنجاز الانتخابات، لافتاً إلى أنه في حالة وجود ظروف تحول دون إجراء الانتخابات خلال المدة المحددة، فإن تأجيلها لا يترتب عليه أي مخالفات دستورية تؤدي إلى بطلان الانتخابات.

ويضيف كبيش: هناك معوقات كثيرة تحول دون إجراء الانتخابات البرلمانية من أهمها، إعادة تنظيم وتقسيم الدوائر وفقاً لقواعد جديدة، كذلك الأجواء السياسية والأمنية التي تمر بها مصر لا تسمح بإجراء الانتخابات البرلمانية في هذا التوقيت وتحتم تأجيلها، بالإضافة إلى أن تأخر الانتخابات سيعطي الأحزاب فرصة لاستكمال استعداداتها لخوض تلك الانتخابات.

واختلف مع الرأي السابق عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي قائلاً: إن تأخر موعد إجراء الانتخابات البرلمانية يعتبر مخالفة للدستور، حيث كان من المفترض وفقاً للنص الدستوري أن تبدأ لجنة الانتخابات البرلمانية عملها يوم 18 يوليو الماضي بدعوة الناخبين لتقديم أوراقهم، وهذا الذي لم يحدث مما قد يدخل البلاد في مأزق دستوري يؤثر على شرعية البرلمان القادم.

وتابع شكر: إصدار قانون بتأجيل الانتخابات يكون قابلاً للطعن عليه لعدم دستوريته، مما يعرّض المجلس القادم للبطلان والحل، لافتاً إلى أن أي قانون من الرئاسة أو الحكومة بتأجيل الانتخابات يجب أن يطرح للاستفتاء العام.

ويشير إلى أن السبب الرئيسي وراء التأخر في إجراء الانتخابات البرلمانية، يرجع إلى عدم صدور قانون الانتخابات البرلمانية وتقسيم الدوائر الانتخابية حتى الآن، لوجود مشاكل عدة وصعوبات في توزيع الدوائر، ويضيف شكر: أن هذا التأخير يثير حالة من السخط لدى الأحزاب السياسية، ويؤدي إلى استمرار حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد والتي لن تنتهي إلا بتطبيق كافة بنود خارطة الطريق وإجراء الانتخابات البرلمانية واكتمال مؤسسات الدولة، مؤكداً على أن البلاد في حاجة إلى حكومة قوية تُعبّر عن إرادة الشعب وتستمد قوتها ونفوذها من البرلمان، خاصةً وأن الدستور يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء الذي سيختاره مجلس النواب بالتوافق مع رئيس الجمهورية.

وفي سياق متصل يرى د.حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن الوضع السياسي وحالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد لا تحتمل تأجيل الانتخابات والاستمرار بدون وجود برلمان، بالإضافة إلى الدخول في مهاترات دستورية لا تحتملها البلاد، لافتاً إلى أن تأجيل الانتخابات يتعارض مع المبادئ العامة والفصل بين السلطات، وبدون الانتخابات ستكون السلطات التشريعية في يد الرئيس فقط، وهذا يتعارض مع الدستور ومحل رفض من جميع القوى السياسية.

وأوضح نافعة أن تصريحات الحكومة في هذا الشأن لا تتمتع بالشفافية الكافية لتوضيح سبب التأخير، وأنها تضع مبررات واهية لتأجيل الانتخابات، وهذا يرجع إلى أن انشغال الحكومة بأمور أخرى وتركيز اهتمامها على الجانب الاقتصادي والأمني، مما جاء على حساب إجراء الانتخابات البرلمانية، ويحذر نافعة من ضياع مكتسبات الثورة وعودة رجال نظام مبارك وسيطرتهم على الانتخابات القادمة، إذا لم تعِد الأحزاب والقوى السياسية ترتيب أوضاعها والدخول في تحالفات وتكتلات قوية تمكّنها من تواجد قوي ومؤثر في الانتخابات القادمة، وتعطيها القدرة على التأثير في صناعة القرار السياسي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com