توازن مقلق بين احترام الحريات ومجابهة الإرهاب بمصر
توازن مقلق بين احترام الحريات ومجابهة الإرهاب بمصرتوازن مقلق بين احترام الحريات ومجابهة الإرهاب بمصر

توازن مقلق بين احترام الحريات ومجابهة الإرهاب بمصر

وافق مجلس الوزراء المصري على مشروع تعديل قانون القضاء العسكري لإضافة نصوص قانونية تتيح للمحاكم العسكرية مواجهة الإرهاب، لما يتميز به من سرعة إصدار الأحكام وإنهاء إجراءات التقاضي مقارنةً بالقضاء العادي.



وتباينت ردود أفعال خبراء سياسيين وحقوقيين حول تطبيق القضاء العسكري على المدنيين، فالبعض يرى أنه ردة إلى الوراء وعودة إلى المحاكم الاستثنائية ويهدد الحريات في البلاد، بينما يؤكد آخرون أن القضاء العسكري سيكون رادعاً للإرهابيين كونه يمثل العدالة الناجزة والسريعة.

وجاءت هذه الخطوة ضمن قائمة من التدابير التي اتخذتها الحكومة المصرية عقب الهجوم الإرهابي الذي وقع في شمال سيناء وراح ضحيته عشرات الجنود من القوات المسلحة، منها إغلاق معبر رفح على الحدود مع قطاع غزة لأجل غير مسمى، وإقامة منطقة عازلة على الحدود في سيناء وترحيل السكان من هذه المنطقة، بجانب فرض حظر التجوال لمدة ثلاثة أشهر.

وفي هذا الإطار، استنكر جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، موافقة الحكومة المصرية على تطبيق القضاء العسكري لمحاكمة المدنيين، ورأى أنه مخالف لإجراءات التقاضي أمام المحاكم العادية وحق الشخص في الدفاع عن نفسه.

وأكد أنه رغم أن الدولة تعيش ظروفاً سياسية معقدة تتطلب تطبيق الحزم لمواجهة الخارجين عن القانون، إلا أن اللجوء إلى القضاء العسكري يمثل ردة إلى الوراء نحو تطبيق المحاكم الاستثنائية.

وأشار إلى أن ضمانات استخدام القانون غير موجودة أمام جماعات حقوق الإنسان، وبالتالي يمكن استخدام بنوده الفضفاضة كذريعة لتقليص الحريات العامة وتوسيع دائرة الاشتباه، مما يلقي غصة في نفوس أبناء سيناء ويجعلهم ناقمين على الدولة.

وشدد عيد على ضرورة إعادة النظر في تطبيق القضاء العسكري واقتصار المحاكمات على قانون العقوبات العادي، مع إمكانية عقد جلسات عاجلة لإنجاز المحاكمات وإصدار الأحكام سريعاً دون تعقيدات قانونية.

واختلف مع الرأي السابق د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وقال: إن ما يحدث من اعتداءات وتفجيرات متكررة على معسكرات ونقاط تفتيش القوات المسلحة في سيناء تمثل عنصراً أساسياً لتطبيق القضاء العسكري على الإرهابيين وفقاً للدستور، حيث تنص المادة على أنه "لا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشراً على منشآت القوات العسكرية، أو الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشراً على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم".

وأشار إلى أن الحكومة تأخرت كثيراً في تفعيل هذا النص الدستوري، مما جعل قوى الإرهاب تتمادى في تصعيدها الفوضوي ضد منشآت الدولة في سيناء، وبالتالي فإن نصوص القضاء العسكري كفيلة بردع الإرهاب ومواجهة الإرهابيين.

ورأى أن القضاء المدني العادي لم يحقق الردع المطلوب مع الإرهابيين بسبب إطالة أمد التقاضي، وهو عكس القضاء العسكري الصارم والمنجز في قراراته، خاصةً وأن الدولة مقبلة على الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق، ومن الضروري بسط الأمن والهدوء السياسي والاجتماعي قبل انتخابات مجلس النواب المقبل.

إرهاب إسلامي

توجد ثلاثة اتجاهات للنشاط الإرهابي منذ عزل الرئيس محمد مرسي عن الحكم، إرهاب إسلامي متزايد في سيناء، تفجيرات مستمرة في القاهرة والمدن الكبرى، اتساع رقعة الجماعات الجهادية الموالية لتنظيم القاعدة التي تتألف في معظمها من إسلاميين متشددين فروا من السجون أثناء ثورة يناير، أو صدر بحقهم قرارات عفو من رئاسة الجمهورية وقت حكم جماعة الإخوان المسلمين.

وقال د. عماد شاهين أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية: إن معظم الجماعات الإرهابية النشطة في سيناء مثل جيش الإسلام وأنصار بيت المقدس لديهم علاقات وأواصر تعاون مع جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس، ومعظم هذه الجماعات الموالية لديها مخابئ للأسلحة ومعسكرات للتدريب في قطاع غزة.

ورأى أن التحدي أمام النظام السياسي المصري هو كيفية تطوير مهارات الجنود للتعامل مع الاستراتيجيات الجديدة للإرهابيين، لاسيما تلغيم طرق سير المدرعات العسكرية، الهجمات الانتحارية وتفجيرات السيارات الضخمة.

وأكد أن عدم تطوير مهارات الأمن للتعامل مع الجهات المدربين جيداً قد يفتح تكهُّنات بانتقال التفجيرات من سيناء إلى العاصمة والأماكن السياحية، مما يفتح الباب أمام تحوّلات كبرى في مواجهة الإرهاب ويشكّل خطراً على الاستقرار الداخلي، وبالتالي فإن تطبيق القضاء العسكري أمراً واقعياً تفرضه الظروف السياسية في مواجهة الإرهاب، بعد أن نفذ صبر الجيش المصري مع الجهاديين في سيناء في ظل استمرار الهجمات في مناطق رفح والعريش والشيخ زويد على الحدود مع غزة.

وأوضح د. جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، أن تطبيق القضاء العسكري ضد الإرهاب ليس انعكاساً لغرور أو تسلط الجيش نحو المدنيين أو فقدان الثقة في القضاء المدني، وإنما محاولة قانونية لردع الإرهابيين في سيناء، بجانب أن الدستور يكفل للمؤسسة العسكرية محاكمة المدني أمام القضاء العسكري في حال هاجم المنشآت العسكرية.

وتابع: القضاء العادي هو المسئول عن حماية المدنيين من أي عدوان تجاههم أياً كان مصدر هذا العدوان، كما أن القضاء ليس أداة للعقاب بقدر ما هو أداة لضمان العدالة والإنصاف والحماية، وهو ما ينطبق على القضاء العسكري، لكن في الظروف الراهنة فإن مواجهة الإرهاب بكل قوة عسكرية وقانونية ضرورة اجتماعية لاستقرار الوطن.

وأشار إلى أن سلطات واختصاصات قانون القضاء العسكري أصبحت محدودة في الدستور الجديد، وسيكون هناك برلمان منتخب ديمقراطياً مع وجود دعم شعبي سيعمل على تعديل القانون العسكري أو تقليص صلاحيته باعتباره هيئة قضائية مستقلة، ويؤكد أن مصر تواجه حرباً ضد الإرهاب، ومن الطبيعي محاكمة الإرهابيين وفق قانون عسكري باعتبار أن الدولة فرضت حالة الطوارئ في سيناء، ما يعني ضمنياً إعلان سيناء منطقة حرب ضد الإرهاب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com