الدفاع المدني: مقتل 17 شخصا بضربة إسرائيلية في البريج بغزة
تسود فوضى عارمة في السودان في ظل وقف إطلاق نار هش، تجسّدت خلال الساعات الماضية في إعلان أحمد هارون، أحد مساعدي الرئيس السابق المعزول عمر البشير، فراره من السجن برفقة مسؤولين سابقين آخرين، بينما أكد الجيش أن البشير نفسه محتجز في مستشفى نُقل إليه قبل بدء القتال.
واستمرّت المواجهات الأربعاء في الخرطوم بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، مع تحليق طائرات مقاتلة تابعة للجيش فوق الضاحية الشمالية للعاصمة، وتعرّضت لقصف مدفعي كثيف من قبل قوات الدعم السريع، حسب ما أفاد شهود وكالة فرانس برس.
وتدور المعارك منذ 12 يوماً بين قوات الدعم السريع والجيش. ويخوض البرهان ودقلو حرباً بلا رحمة على السلطة، بعدما كانا حليفَين منذ انقلاب العام 2021 الذي أطاحا خلاله بالمدنيين.
وتمكّن أحمد هارون، وهو شخصية بارزة سابقة في نظام عمر البشير، من الفرار من سجن كوبر في العاصمة الخرطوم، مع غيره من المسؤولين الكبار خلال الحكم السابق.
وقال الجيش السوداني الأربعاء إن البرهان تسلم مبادرة من منظمة "إيغاد" تضمنت مقترحات لحل الأزمة الحالية وأعطى موافقته المبدئية عليها.
وأضاف الجيش أنه سيرسل ممثلاً عنه إلى جوبا عاصمة جنوب السودان المجاورة لإجراء محادثات مع ممثل لقوات الدعم السريع، في إطار مبادرة المنظمة الإقليمية المعنية بالتنمية في شرق أفريقيا.
وأشارت قيادة الجيش السوداني إلى أن المبادرة تشمل تمديد الهدنة الحالية التي من المقرر أن تنتهي مساء الخميس "إلى 72 ساعة".
أحمد هارون كان مسجوناً في سجن كوبر في الخرطوم. وهو مطلوب بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" و"إبادة" في إقليم دارفور
في تسجيل نشر مساء الثلاثاء، قال هارون: "ظللنا بمحبسنا بكوبر تحت تقاطع نيران المعركة الدائرة الآن لمدة 9 أيام مع انعدام مقومات الحياة من كهرباء وطعام وشراب ورعاية صحية" بحسب تعبيره.
وأعلن الجيش السوداني في بيان الأربعاء أن الرئيس السابق عمر البشير محتجز في مستشفى تابع للقوات المسلحة نُقل إليه من السجن قبل اندلاع المعارك في 15 نيسان/أبريل في الخرطوم.
ووجّهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات إلى البشير ومساعديه على خلفية حرب دارفور التي تخلّلتها انتهاكات واسعة وتسبّبت بمقتل قرابة 300 ألف شخص ونزوح 2,5 مليون. وشاركت فيها قوات الدعم السريع (الجنجويد) آنذاك بقيادة دقلو المعروف بحميدتي، إلى جانب قوات البشير، وضدّ الأقليات الإثنية.
وكان هارون مسجوناً في سجن كوبر في الخرطوم. وهو مطلوب بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" و"إبادة" في إقليم دارفور غرب السودان. وأطاح الجيش بعمر البشير تحت وطأة احتجاجات شعبية ضخمة ضده في العام 2019، وأوقف مع مساعديه وأبرز أركان نظامه.
وكان البشير يتواجد أيضاً في السجن نفسه. وفي العام 2021، وقّعت السلطات السودانية التي كان يشارك فيها آنذاك مدنيون، اتفاقاً مع المحكمة الجنائية الدولية لتسليم البشير ومساعديه، لكن عملية التسليم لم تحصل بعد.
من جهته، أشار مكتب المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية إلى أنّه يتابع عن كثب الأحداث، موضحاً أنّ المعلومات بشأن الأشخاص المعتقلين في كوبر لم يتم "تأكيدها بطريقة مستقلّة".
وخلّفت المعارك المستمرّة منذ 15 نيسان/أبريل، أكثر من 459 قتيلاً وما يزيد على أربعة آلاف جريح، وفقاً للأمم المتحدة.
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس من بورتسودان في شرق البلاد حيث نقلت الأمم المتحدة بعض موظفيها، إن الطرفين المتحاربين "هاجما مناطق مكتظّة بالسكان من دون اعتبار للمدنيين أو المستشفيات أو حتى لمركبات تنقل جرحى ومرضى".
وأكد مسؤول عند معبر القلابات الحدودي بين السودان وإثيوبيا تزايد أعداد العابرين إلى الجانب الإثيوبي منذ أن بدأت عمليات إجلاء الأجانب.
وقال: "عبر حتى الآن ستة آلاف من جنسيات مختلفة، والنسبة الأكبر تحمل الجنسية التركية، كما عبر مئات السودانيين الذين يعملون في دول خليجية كانوا في إجازات عندما وقعت الأحداث".
وقدّرت الأمم المتحدة أن 270 ألف شخص قد يفرون إلى تشاد وجنوب السودان المجاورتين.
وقالت صفاء أبو طاهر التي وصلت مع أسرتها إلى مطار عسكري في الأردن ليل الثلاثاء: "أصعب شيء كان أصوات القصف والطائرات المقاتلة وهي تحلق فوق منزلنا. هذا روَّع الأطفال".
أعلنت وزارة الخارجيّة السعوديّة أنّ سفينة تقلّ 1687 مدنيّاً من أكثر من 50 دولة فرّوا من العنف في السودان وصلت إلى السعوديّة الأربعاء، في أكبر عمليّة إنقاذ من نوعها تُنفّذها المملكة حتّى الآن. كذلك وصلت ليلاً إلى فرنسا طائرة تقلّ 245 مواطناً فرنسياً وأجنبياً.
وأعلنت الحكومة البريطانية أنّها أجلت أكثر من 301 شخص، معظمهم بريطانيون، من السودان.
ويعاني السكان الذين بقوا في الخرطوم من انقطاع في المياه والكهرباء وسط نقص فادح في المواد الغذائية، وانقطاعات متكرّرة في الهاتف والإنترنت.
ووفق نقابة الأطباء، فإنّ حوالي ثلاثة أرباع المستشفيات باتت خارج الخدمة في السودان. وقالت منظمة الصحة العالمية الأربعاء، إنّ أكثر من 60 في المئة من المراكز الطبية في الخرطوم مغلقة.
وأضافت أنّها تُجري "تقييماً معمّقاً للمخاطر" الصحية بعد سيطرة أحد الطرفين المتحاربين في الخرطوم على مختبر تتواجد فيه عينات معدية جداً مثل الحصبة والكوليرا، وشلل الأطفال.
ورأت روزاليند مارسدن، السفيرة البريطانية السابقة والممثلة الخاصة السابقة للاتحاد الأوروبي في السودان، أنّ "ما نشهده هو صراع على السلطة بين جنرالَين، ولكنّه أيضاً محاولة لعرقلة التحوّل الديمقراطي في السودان وإعادة البلاد إلى سيطرة النظام السابق".