قال خبراء ومحللون سياسيون إن خطاب التصعيد الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة، والذي أعقبه إعلان اغتيال حسن نصر الله، ما كان ليتم لولا الصمت الإيراني والضوء الأخضر الأمريكي.
واعتبروا، في حديث لـ "إرم نيوز"، أن نتنياهو يتخذ كل خطوة بالتشاور والتنسيق مع الحليف الأمريكي، في حين أدى الصمت الإيراني المتكرر على عمليات اغتيال عدة قادة في أذرعه العسكرية بالمنطقة إلى تمادي إسرائيل، ملمّحين في الوقت ذاته أن إيران ربما تكون على علم مسبق بما يجري، لكنها تقدم مصلحة مشروعها النووي على أي اعتبار.
إسرائيل فوق القانون
يرى أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية في الجامعة الأردنية، فيصل الرفوع، أن نتنياهو أخذ الضوء الأخضر بتصعيد عملياته العسكرية ومواصلة سياسة الاغتيال من مراكز القرار في الأمم المتحدة وأصحاب الفيتو، وعلى وجه التحديد من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، وبدرجة ثانية من ألمانيا، فهذه الدول تنساق بشكل واضح مع المشروع الإسرائيلي، وتُظهر عداءً واضحاً تجاه الحقوق العربية، وعلى رأسها الحق الفلسطيني.
ويقول الرفوع، في حديث لـ "إرم نيوز"، إن قرار اغتيال حسن نصر الله ما كان ليتم أولاً لولا الصمت الإيراني المطبق، وهو ما يضع علامات استفهام حول موقف طهران البرغماتي الذي باع كل أذرعه في المنطقة لقاء الحفاظ على مشروعه النووي.
وحول دلالة تصعيد نتنياهو في الأمم المتحدة، يقول الرفوع: "إسرائيل لم تمتثل يوماً لقرارات الشرعية الدولية، وعليه ليس غريباً أن يصعّد نتنياهو من مقر الأمم المتحدة التي يفترض أنها المكان الراعي للسلام والمكان الذي يفرض السلام، ويعاقب كل من يتخطى مواثيق هذه المؤسسة الأممية".
وأضاف الرفوع: "لقد تصرف نتنياهو بشكل واضح مفاده أن إسرائيل فوق القانون الدولي، ولا غرابة في ذلك، فالقانون الدولي لم يطبق يوماً عليه ولا على قادة دولة الاحتلال، ودولته نشأت على اغتصاب الأرض العربية، وعلى القتل والدمار والدم، ولم يأتِ قرار التصعيد ضد لبنان واستباحة كل الخطوط الحمراء إلا بالتنسيق مع الحليف الأمريكي".
ويرى الخبير والمحلل الإستراتيجي الدكتور عامر السبايلة أن تصعيد نتنياهو جاء في ساعة مهمة شكلت فرصة للحصول على غطاء للعمليات العسكرية، وأعلن معها نتنياهو بوضوح انتقال القتال لجبهة المواجهة الأولية مع إيران باغتيال حسن نصر الله، وتفجير الضاحية الجنوبية.
توسيع دائرة الحرب
وأضاف السبايلة لـ "إرم نيوز": "لقد وضع نتنياهو الخطوط العريضة لما تفكر به إسرائيل، وفي اللحظة التي يعتقد البعض أننا ذاهبون لحرب شاملة، فقد يكون هذا الخيار تهويليا أكثر منه واقعياً، فإسرائيل تقوم بعمليات محددة ضد تنظيمات وأشخاص، وليس بحق دول، وتجلى السكوت الإيراني وعدم الرد المتكرر إلى مآلات المشهد الذي رأيناه باغتيال نصر الله.
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي ارحيل الغرايبة "إن تصعيد نتنياهو في الأمم المتحدة يدلل بوضوح على أن إسرائيل فوق القانون الدولي، ولا تلقي بالاً لأي عقوبات أو ردات فعل دولية، ونتنياهو اليوم ذاهب إلى توسيع دائرة الحرب بالتنسيق مع الحليف الأمريكي، الذي يتجلى موقفه في زيارات وزير الخارجية الأمريكي المتكررة للمنطقة، والتي كانت تهدف إلى لجم الأطراف كلها في المنطقة وردعها عن اتخاذ أي موقف تجاه الهمجية والعدوانية التي تقوم بها حكومة الاحتلال وجيشها".
وأضاف الغرايبة لـ "إرم نيوز": "عملية اغتيال حسن نصر الله تأتي في سياق حرب متعددة الجبهات تريد منها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية تغيير شكل المنطقة برمتها وإعادة رسمها من جديد، واستمرار مشروع الفوضى الخلاقة الهادف إلى تدمير المنطقة لصالح إسرائيل".
ووفق الغرايبة، فإن الصمت الإيراني وشراء الوعود بعدم التعرض لبرنامجها النووي هو السبب الرئيس فيما آلت إليه الأمور من تصعيد كبير، ولولا التنسيق المسبق معها بشكل ما، وكذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية، ما كانت لتذهب الأمور إلى هذا المنحنى الخطير.