البيت الأبيض: بايدن تحدث هاتفياً إلى نتنياهو وسط توتر مع إيران
هل هي "خيبة الأمل" تلك التي تسود اليوم في أوساط حلفاء ومناصري ميليشيا "حزب الله"، بعد أن نفذ الحزب رده "الأولي" على اغتيال قائده الكبير فؤاد شكر؟ أم أنها حالة رضا على ما قام به الحزب، منفذًا ما وعد به وموجهًا ضربته الموعودة لإسرائيل؟
ثمة من يقول إن هذا الرد ليس أكثر من "رفع عتب" قامت به ميليشيا "حزب الله" لذر الرماد في عيون المراهنين على أنها سترد صفعات إسرائيل المتتالية بضربة موجعة واحدة على الأقل.
لسان حال هؤلاء يقول: ليس هذا هو الرد المنتظر على من يضرب هنا ويغتال هناك ويستبيح كل شيء في أي ركن يختاره، مستمرًا في تدمير غزة وحرق الأخضر واليابس فيها ومبديًا استعداده للذهاب إلى أقصى الحدود في ظل قيادة بنيامين نتنياهو المندفع إلى الأمام وكأنه "بلدوزر" بلا مكابح.
مراقبون يترقبون "تتمة الرد"بمن فيهم إسرائيل نفسها التي لم تصدق على ما يبدو أن هذا هو حجم الرد المنتظر من "حزب الله"، وتعتبر أنه مني بفشل ذريع؛ لذلك تعتقد أن الحزب قد يبادر إلى شن عملية أخرى.
ويعبر عن ذلك الكاتب الإسرائيلي بن يشاي بقوله إن "إسرائيل تستعد لمحاولة حزب الله التكفير عن فشله في الأيام المقبلة، ومعضلة إسرائيل هي كيفية منع وضع تدخل فيه مجددًا فترة انتظار المرحلة الثانية أو الثالثة من ضربة حزب الله الانتقامية".
"تكتيك مميز"
لكن مراقبين آخرين يؤكدون أن الرد تم وأنجز وانتهى، ويصفونه بالناجح والجريء. فالخبير العسكري السوري كمال الجفا يعتقد أن الحزب "نفذ عملًا تكتيكيًا مميزًا جدًا، إذ قامت صواريخ الكاتيوشا بإشغال القبة الحديدية الإسرائيلية، فيما انطلقت المسيّرات باتجاه أهدافها في محيط تل أبيب".
ويؤكد الجفا أن "الحزب اكتفى فعلًا بهذا الرد، والدليل أن هناك عودة تدريجية للحياة في الضاحية الجنوبية وبيروت بشكل عام، وهو ما ذكره نصرالله في خطابه عندما دعا اللبنانيين للعودة إلى حياتهم اليومية. ليس هذا فحسب، بل إن حركة الطيران العربية والعالمية تعود تدريجيًا إلى مطار بيروت، وهذا معناه أن الرد نفذ وانتهى، وفقًا للخبير العسكري.
ويوضح الجفا أن "جميع الأطراف راضية عن الرد ونتائجه، ويرى أن حزب الله حقق الانتقام الذي وعد به من وجهة نظره، وهو مقتنع بما قام به".
أما بالنسبة للهجوم الاستباقي الإسرائيلي، فيرى الجفا أنه "كان هائلًا، ولكن بنتائج متواضعة، حيث أدى انطلاق 100 طائرة إسرائيلية شنت عشرات الغارات، إلى مقتل 3 عناصر من الحزب لا غير، وهو دليل على استعداد الحزب وامتلاكه خطة لتفريغ واحتواء هذا الهجوم عبر وضع آليات مدمرة أو منتهية الصلاحية قام الطيران الإسرائيلي باستهدافها بدلًا عن الراجمات والمرابض الحقيقية"، وفق قوله .
ويعتقد الخبير العسكري أن "الكرة الآن في ملعب إسرائيل، وليست في ملعب حزب الله، ورد الميليشيا يعتمد على ما تقوم به إسرائيل، لأنها من جهتها اكتفت بهذا المستوى من الرد في الظرف الحالي، والمرحلة الراهنة. أما إسرائيل فقد أعلنت أيضًا وفور انتهاء العملية أنها أنهت ردها، وعادت إلى قواعد الاشتباك المعمول بها منذ الثامن من أكتوبر الماضي.
في المحصلة، يعتقد الجفا أن "الجميع يضحك في سره، وكل طرف لأسبابه، ولكن يجمعهم هدف واحد هو عدم الذهاب إلى مواجهة مفتوحة تقود المنطقة إلى المجهول".
لم يرضِ الحلفاء
من جهته، يعتقد الباحث السياسي السوري المقيم في بريطانيا محمد صالح الفتيح، أن "رد حزب الله أنجز، ولكن بشكل لم يرضي حتى الحلفاء".
ويقول في تصريحات لـ "إرم نيوز" إن "حماس اعتبرت أن العملية جزء من الرد الأولي، بما يعكس رهانها بأن هناك المزيد من العمليات التي تنتظرها الحركة من حزب الله. بينما جاء الموقف الرسمي للأخير واضحاً في اعتبار أن ما حصل صباح الأحد هو كامل الرد الذي خُطِّط له من جانبه، وأنه أعاد الكرة إلى ملعب إسرائيل لتكون هي من يختار المسار المقبل"، وفقًا للباحث.
ويعتقد الفتيح أن "هناك عملية مراجعة واضحة لتصورات باقي مكونات محور الممانعة حول حجم الرد الممكن أو الواجب من جانبهم على الضربات الإسرائيلية".
ويقول إن "مراجعة مواقف نصرالله خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة تظهر تراجعًا واضحًا في سقف التهديدات الموجهة لإسرائيل، وكذلك التوقف عن الحديث عن رد عسكري إيراني غير مسبوق يأتي انتقامًا لاغتيال إسماعيل هنية في طهران".
رد ضعيف
أما المحسوبون على "المحور الممانع" فيتحدثون بأصوات خافتة عن أن نتائج العملية جاءت ضعيفة. بل مثّلت خيبة أمل كبيرة عند المقاومة وجمهورها، والتي لم تمنح أي رصيد إضافي إيجابي في خضم موقفها التفاوضي الصعب، بل ربما أضعفته، كونها أفقدتها ورقة القوة التي لوح بها الحزب وامتلكتها المقاومة طيلة 27 يومًا".
ويقول هؤلاء بحسرة المفجوع إنه "بعد فقدان المقاومة ورقة القوة هذه، فمن المرجّح أن ينخفض زخم الجولات التفاوضية، ويزداد التعنّت الإسرائيلي أكثر، وهنا تصبح الحاجة إلى ردّ إيراني على اغتيال إسماعيل هنية أمرًا أكثر إلحاحًا، بل عاجلًا، ويتطلب شكلًا أكثر قوة من عملية حزب الله، وإلا فستكون جبهة غزة أمام انسداد أفق حقيقي للوصول لنهايةٍ لهذه الحرب".
ويبقى السؤال الأهم، بعد كل ذلك، متركزاً حول مدى قدرة رد إيران على تعويض ما افتقده رد ميليشيا "حزب الله" من قوة، وهو ما قد تجيب عنه الأيام المقبلة.