اعتراض صاروخين فوق طبريا وسقوط 10 صواريخ في مستوطنة المطلة
قاد حسن نصر الله "حزب الله"، منذ عشرات السنين، ناصب الحزب خلالها إسرائيل العداء، وأشرف على تحول الجماعة إلى قوة عسكرية ذات نفوذ إقليمي، وصار أحد أبرز الشخصيات العربية، بدعم من إيران.
وبحسب "رويترز"، يثني مؤيدو نصر الله على وقوفه في وجه إسرائيل وتحديه للولايات المتحدة. أما في نظر خصومه، فهو زعيم "منظمة إرهابية" وأحد الوكلاء الذين يستخدمهم النظام الشيعي الإيراني في صراعه على النفوذ في الشرق الأوسط.
وتجلى نفوذ نصر الله الإقليمي منذ تفجر صراع أوقدت شرارته الحرب على غزة قبل ما يقرب من عام، إذ دخل "حزب الله" على خط المعركة بإطلاق النار على إسرائيل من جنوب لبنان "إسنادا" لحليفته حركة حماس، وحذت حذوه جماعات يمنية وعراقية ضمن ما يعرف بـ "محور المقاومة".
وقال نصر الله في خطاب ألقاه في الأول من أغسطس/ آب، خلال جنازة القائد العسكري الكبير في الحزب فؤاد شكر الذي قُتل في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية التي يسيطر عليها حزب الله في بيروت "إننا أمام معركة كبرى".
وعندما أصيب الآلاف وقتل العشرات من أعضاء "حزب الله" نتيجة انفجار أجهزة اتصالات في هجوم إسرائيلي على ما يبدو، الأسبوع الماضي، بدأت دفة المعركة تتحول ضد الحزب.
وفي رده على الهجمات التي استهدفت أجهزة الاتصالات، تعهد نصر الله في كلمة ألقاها في التاسع عشر من سبتمبر/ أيلول بمعاقبة إسرائيل.
وقال "هذا حساب سيأتي، طبيعته وحجمه وكيف وأين؟ هذا بالتأكيد ما سنحتفظ به لأنفسنا، وفي أضيق دائرة حتى في أنفسنا".
ولم يوجه أي كلمات منذ ذلك الحين.
خلال ذلك، صعدت إسرائيل حدة هجماتها بشكل كبير، إذ قتلت عددا من كبار قادة "حزب الله" في ضربات موجهة، ومضت في قصف مكثف لمناطق تسيطر عليها الجماعة في لبنان، ما أسفر عن مقتل المئات.
نشأ نصر الله، المولود في 31 أغسطس/ آب العام 1960، في حي الكرنتينا الفقير في بيروت. وتنحدر عائلته من البازورية، وهي قرية في جنوب لبنان ذي الأغلبية الشيعية الذي يشكل اليوم المعقل السياسي لحزب الله.
وينتمي نصر الله إلى جيل من الشبان الشيعة اللبنانيين الذين شكلت الثورة الإسلامية في إيران العام 1979 نظرتهم السياسية.
وقبل أن يتولى قيادة الجماعة، كان يقضي الليالي مع مقاتلي الجبهة الأمامية الذين يقاتلون جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقُتل ابنه الشاب هادي، بمواجهات مع الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان بمعركة في العام 1997، وهي الخسارة التي منحته مكانته بين القاعدة الشيعية في لبنان.
وبحسب "الأناضول"، تلقى نصر الله تعليما دينيا بمراكز وحوزات شيعية في لبنان والعراق وإيران.
انضم لـ"حركة أمل" خلال دراسته الثانوية وتدرج بالمناصب حتى أصبح عضوا بمكتبها السياسي العام 1979.
وعام 1982 انسحب من حركة أمل مع عدد من المسؤولين إثر خلافات حول كيفية مواجهة الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
وانضم لحزب الله العام 1982 وتولى منصب أمينه العام سنة 1992 بعد اغتيال إسرائيل لسلفه عباس الموسوي.
صار نصر الله أمينا عاما لحزب الله في العام 1992، بينما كان في الخامسة والثلاثين فقط، وأصبح الرمز المعروف للجماعة التي كانت كيانا غامضا أسسه الحرس الثوري الإيراني في 1982 لمحاربة قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقتلت إسرائيل سلفه عباس الموسوي في هجوم بطائرة هليكوبتر. وكان نصر الله زعيما للجماعة عندما نجح مقاتلوها في نهاية المطاف في إخراج القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان العام 2000، وهو ما أنهى احتلالا استمر 18 عاما.
وشكل الصراع مع إسرائيل إلى حد كبير زعامة نصر الله، فقد أعلن "النصر الإلهي" في العام 2006 بعد أن خاض "حزب الله" حربا استمرت 34 يوما مع إسرائيل، وفاز باحترام العديد من المواطنين العرب، وهم يرون إسرائيل تلحق الهزيمة بجيوش عربية.
حتى خصوم نصر الله يقرون بأنه خطيب مفوه يتمتع بكاريزما، ويتابع خطبه الأصدقاء والأعداء على حد سواء.
يعتمر نصر الله عمامة سوداء ليشير إلى أنه من نسل النبي محمد عليه السلام، ويستخدم خطاباته لحشد قواعد حزب الله، وأيضا لإطلاق تهديدات محسوبة بعناية، وكثيرا ما يلوح بإصبعه وهو يطلق هذه التهديدات.
أصبح نصر الله شخصية مثيرة للانقسام بشكل متزايد في لبنان والعالم العربي مع اتساع منطقة عمليات حزب الله لتمتد إلى سوريا وخارجها، ما يعكس الصراع المتصاعد بين إيران "الشيعية" والدول العربية "السنية".
وصور نصر الله مشاركة الجماعة في سوريا، حيث قاتلت لدعم الرئيس بشار الأسد خلال الحرب الأهلية، على أنها حملة ضد الإرهابيين، فيما اتهمه منتقدو الجماعة بأنها أصبحت جزءا من صراع طائفي إقليمي.
وفي الداخل، قال منتقدو نصر الله إن مغامرات حزب الله الإقليمية كبّدت لبنان ثمنا باهظا، ما دفع دول الخليج العربية التي كانت صديقة للبنان ذات يوم إلى تجنب البلاد، وهو عامل ساهم في انهيارها المالي في العام 2019.
وفي السنوات التي تلت حرب 2006، سار نصر الله على حبل مشدود فيما يتعلق بدخول صراع جديد مع إسرائيل، فقام بتخزين الصواريخ الإيرانية لتشكيل "توازن الرعب" الرادع في صراع مدروس بعناية بين التهديد والتهديد المضاد.
وأدت حرب غزة، التي أشعلها هجوم شنه مسلحو حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، إلى اندلاع أسوأ صراع لحزب الله مع إسرائيل منذ 2006، الأمر الذي كبد الجماعة خسائر فادحة في صفوفها بما في ذلك قادة كبار.
وبعد سنوات من المواجهات مع أطراف أخرى، عاد حزب الله للتركيز في صراعه التاريخي مع إسرائيل.
وقال نصر الله في كلمته في الأول من أغسطس/ آب "نحن ندفع ثمن إسنادنا لجبهة غزة وللشعب الفلسطيني وتبنينا القضية الفلسطينية وحماية المقدسات".
لدى نصر الله سجل حافل من إطلاق التهديدات لأعداء أقوياء. فمع تصاعد التوترات الإقليمية بعد اندلاع حرب غزة، وجه نصر الله تحذيرا غير مباشر للسفن الحربية الأمريكية في البحر المتوسط، قائلا لهم "أساطيلكم التي تهددوننا بها، لقد أعددنا لها عدتها أيضا".
وفي العام 2020، تعهد نصر الله بأن يغادر الجنود الأمريكيون المنطقة في نعوش بعد اغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في هجوم بطائرة مسيرة أمريكية في العراق.
وفي عهد نصر الله، اشتبك حزب الله أيضا مع خصوم داخل لبنان.
وفي عام 2008، اتهم نصر الله الحكومة اللبنانية بإعلان الحرب من خلال سعيها لحظر شبكة الاتصالات الداخلية لجماعته. وتوعد نصر الله "بقطع اليد" التي تحاول تفكيكها.
وأدى ذلك إلى اندلاع مواجهات استمرت أربعة أيام بين حزب الله ومقاتلين سنة ودروز، وسيطرت الجماعة الشيعية على نصف العاصمة بيروت.
ونفى نصر الله بشكل قاطع أي ضلوع لحزب الله في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري العام 2005 بعد أن وجهت محكمة مدعومة من الأمم المتحدة اتهامات إلى أربعة من أعضاء الجماعة.
وندد بالمحكمة، التي أدانت ثلاثة منهم غيابيا في 2020 بتهمة الاغتيال، واعتبرها أداة تستخدمها القوى المعادية لحزب الله.
يذكر أن الجيش الإسرائيلي أعلن، اليوم السبت، مقتل الأمين العام لميليشيا حزب الله، حسن نصر الله، في غاراته التي شنها أمس الجمعة على مقر القيادة العامة للحزب في حارة "حريك" بالضاحية الجنوبية لبيروت.