العراق.. التوازن السياسي ومنع الصِدام بين "الصدر" و"الإطار" مرهونان بـ"براغماتية" السوداني

العراق.. التوازن السياسي ومنع الصِدام بين "الصدر" و"الإطار" مرهونان بـ"براغماتية" السوداني

يسعى رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، نحو تحقيق توازن سياسي بين التيار الصدري، والإطار التنسيقي، بما يضمن استمرار حكومته، ويحميها من التعرض لأي هزات مفاجئة.

ويرى مراقبون للشأن العراقي، أن هذا التوازن أصبح مطلوبا، لإسباغ نوع من التهدئة على الساحة السياسية، بعد انسحاب التيار الصدري من عملية تشكيل الحكومة، وضمان عدم استفزاز جماهيره المتوثبة نحو الحراك الشعبي.

وعلى الرغم من فوز الصدر بأغلبية برلمانية في انتخابات 2021، فقد اختار الانسحاب من الحياة السياسية في شهر أغسطس/آب الماضي، بعد إخفاق محاولته التي استمرت عامًا لتشكيل حكومة دون مشاركة منافسين مقربين من إيران.

مارست قوى الإطار التنسيقي ضغوطا على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من أجل عدد من المناصب العليا والدنيا، لانتزاعها من شخصيات مقربة من التيار الصدري
مصدر سياسي

ضغوط داخلية

وذكر مصدر سياسي في العاصمة بغداد، أن "قوى الإطار التنسيقي، مارست ضغوطاً على السوداني، بشأن عدد من المناصب العليا والدنيا، لانتزاعها من شخصيات مقربة من التيار الصدري، أو تابعة له بشكل صريح، ضمن ممارسات تلك القوى الساعية نحو الحصول على أكبر قدر ممكن من تلك المناصب، لكن تلك الرغبة جوبهت برفض من السوداني".

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن "السوداني يدرك ضرورة وجود بعض الوجوه الصدرية في حكومته، لذلك أبقى على الأمين العام لمجلس الوزراء، حميد الغزي، وهو أحد قيادات التيار، فضلاً عن عشرات الأعضاء الذين يتولون مناصب إدارية تنفيذية في عدة وزارات".

أخبار ذات صلة
"العمل أو الإقالة".. السوداني يخضع مسؤولي الحكومة العراقية للتقييم

وأشار المصدر، إلى أن "السوداني يدرك صعوبة إقصاء أعضاء التيار، ما قد يستفز جمهوره، أو زعيمه مقتدى الصدر، الذي قد يلجأ إلى الشارع لتحريك أنصاره، ضد حكومة السوداني".

وعلى عكس ذلك، أطلق السوداني حملة واسعة للتعيينات في مختلف دوائر الدولة، والتي شملت الكثير من المناطق ذات النفوذ الصدري، مثل مدينة الصدر شرق العاصمة بغداد، وكذلك عدة محافظات جنوبية، مثل ميسان، وذي قار، والبصرة، وغيرها.

مسك العصا من المنتصف

ولا يتورع القادة السياسيون في العراق، غالبا، من الانزلاق نحو النزاع المسلح الذي قد يودي بحياة العشرات من أنصارهم وأتباعهم، كما حصل في المنطقة الخضراء، العام الماضي بين أنصار التيار وفصائل مسلحة تابعة لقوى الإطار التنسيقي، ما يجعل خيار مسك العصا من المنتصف بالنسبة للسوداني، فرضا، لاحتواء الجميع، ومنع أي تهديد محتمل.

الخبير في الشأن العراقي، علي البيدر، يرى أن "خطوات السوداني، في هذا الملف جيّدة، لمنع حدوث أي أزمات سياسية في البلاد، لكن قوى الإطار التنسيقي تدرك أيضاً أنها لا تستطيع استفزاز التيار، أو لا ترغب بتأزيم الأوضاع، باعتبارها الراعي الرسمي لهذه الحكومة".

هناك خلافات حادة في الرؤى بين التيار وقوى الإطار التنسيقي حول عدة قضايا مازالت شائكة، ما يثير عودة الأزمات السياسية إلى البلاد
"مسألة استمرار الهدوء السياسي مرهونة بكيفية تعاطي حكومة السوداني مع جميع الملفات، وفيما إذا كان أداؤها سيستفز الصدر أو يبقيه يراقب المشهد عن كثب"
المحلل السياسي، رحيم الشمري

ويضيف البيدر خلال حديثه لـ"إرم نيوز" أن "قوى الإطار التنسيقي مارست برغماتية عالية فيما يتعلق بالعلاقة مع التيار الصدري، ما أفضى في النهاية إلى هدوء المشهد السياسي، وهذا مفهوم باعتبارها تسعى لتهيئة الأجواء للسوداني بهدف تقديم الخدمات وتحسين التصور الجماهيري عن تلك الحكومة".

ورغم مسايرة حكومة السوداني لرغبات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في الكثير من الملفات، إلا أن هناك خلافات حادة في الرؤى بين التيار وقوى الإطار التنسيقي حول عدة قضايا مازالت شائكة، ما يثير عودة الأزمات السياسية إلى البلاد، مع بدء العمل عليها.

أخبار ذات صلة
العراق.. السوداني يعلن استرداد 182 مليار دينار من "سرقة القرن"

وعلى سبيل المثال، يرفض التيار الصدري إجراء تعديلات على قانون الانتخابات الحالي، والذي حصل بموجبه على 73 مقعداً خلال انتخابات عام 2021، وهو الرقم الأعلى بالنسبة للتيار، فيما تسعى قوى الإطار التنسيقي نحو هذا التغيير، وأدرجت هذا البند ضمن منهاج حكومة محمد السوداني.

وتسعى قوى متنفذة في الإطار التنسيقي إلى إعادة النظام الانتخابي القديم، أي نظام الدائرة الانتخابية الواحدة لكل محافظة.

كما أن هناك خلافات أخرى حول إجراء الانتخابات المبكرة وفق توقيتات زمنية أعلن عنها السوداني تبدأ بتعديل قانون الانتخابات في غضون 3 أشهر من منح حكومته ثقة مجلس النواب، وإجراء الانتخابات بعد عام من ذلك، على أن لا تتجاوز في سقفها الزمني نهاية العام 2023، وعلى أن تسبقها انتخابات مجالس المحافظات المعطلة منذ عام 2018.

أخبار ذات صلة
برلماني عراقي: قصف كردستان والوساطة بين السعودية وإيران يتصدران ملفات السوداني في طهران

هدوء مرهون بالسوداني

ورغم مرور شهرين منذ التصويت على حكومة السوداني، إلا أن بوادر إمكانية إجراء انتخابات مبكرة لم تظهر بعد، فيما يبدو أن القوى السياسية عازمة على إجراء تعديل على قانون الانتخابات بعد انتهاء عطلة البرلمان التشريعية.

من جهته، يرى المحلل السياسي، رحيم الشمري، أن "الوقت مبكر للحكم على طبيعة تعامل حكومة السوداني مع القوى السياسية، في ظل هدوء الشارع وعدم اندلاع احتجاجات من قبل أنصار تشرين (تظاهرات انطلقت عام 2019)، خاصة أن التيار الصدري متمسك بـ (35) منصبا، بدءا من الأمين العام لمجلس الوزراء، وانتهاء بعشرات السفراء والمدراء العامين".

وأضاف الشمري في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "مسألة استمرار الهدوء السياسي مرهونة بكيفية تعاطي حكومة السوداني مع جميع الملفات، وفيما إذا كان أداؤها سيستفز الصدر أو يبقيه يراقب المشهد عن كثب".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com