كركوك.. نقطة ساخنة قبل استفتاء الاستقلال في كردستان
كركوك.. نقطة ساخنة قبل استفتاء الاستقلال في كردستانكركوك.. نقطة ساخنة قبل استفتاء الاستقلال في كردستان

كركوك.. نقطة ساخنة قبل استفتاء الاستقلال في كردستان

يطالع زائر كركوك، في شمال العراق، أول ما يطالع عند وصوله إليها تمثالًا مهيبًا لمقاتل من قوات البشمركة الكردية يقف وعلى كتفه بندقية تذكارًا بالتوترات التي تتزايد في المدينة المتنازع عليها قبل الاستفتاء على استقلال الإقليم الكردي.

أقيم التمثال في يوليو/تموز وأصبح رمزًا لمدى رغبة الأكراد في تعزيز قبضتهم على كركوك الغنية بالنفط ومناطق أخرى في الإقليم من خلال الاستفتاء الذي يجري يوم الاثنين.

والاستفتاء محفوف بالمخاطر لا سيما في كركوك التي تتعدد فيها الأعراق ويطالب العرب أيضًا بأحقيتهم بها منذ اكتشاف النفط فيها في ثلاثينات القرن العشرين.

وتخشى الحكومة المركزية في بغداد وجيران العراق والقوى الغربية أن يؤدي الاستفتاء إلى تقسيم البلاد وإطلاق شرارة صراع إقليمي أوسع نطاقًا وذلك بعد أن تعاون العرب والأكراد في إخراج تنظيم "داعش" من معقله في مدينة الموصل.

وسقط قتيل واحد على الأقل من الأكراد في اشتباكات سبقت الاستفتاء كما أقيمت حواجز أمنية في مختلف أنحاء المدينة ؛لمنع حدوث مزيد من العنف.

غير أن الأكراد يقولون إنهم عازمون على المضي قدمًا في الاستفتاء الذي يمكن، رغم كونه غير ملزم، أن يبدأ عملية انفصال في بلد يعاني من انقسامات طائفية وعرقية.

ويخشى البعض من غير الأكراد أن تحاول بغداد استعادة السيطرة على كركوك وترسل فصائل الحشد الشعبي الشيعية المرابطة خارج الإقليم مباشرة.

وقال ناظم محمد أحد سكان الموصل من العرب ،والذي هرب إلى كركوك عندما سقطت مدينته في أيدي تنظيم "داعش": "أخشى أن يأتي الحشد ويبدأ القتال في كركوك".

وتخشى الفصائل الشيعية التي تدعمها إيران أن يؤدي استقلال كردستان إلى تقسيم العراق ؛الأمر الذي يقلل نفوذها ونفوذ إيران.

وكركوك التي يعيش فيها الأكراد والعرب والتركمان والمسيحيون وأقليات أخرى واحدة من 15 منطقة مختلطة عرقيًا في شمال العراق ستشارك في الاستفتاء. وتطالب كل من الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان بأحقيتها في تلك المناطق.

واعتبر كثيرون قرار مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراقي إجراء الاستفتاء في تلك المناطق المتنازع عليها خطوة من جانب واحد لتعزيز سيطرة الأكراد.

ويقول منتقدون إن نوايا الأكراد كانت واضحة قبل إعلان الاستفتاء. فقد سيطر مقاتلو البشمركة على كركوك عام 2014 بعد أن تركت قوات الأمن العراقية حقول النفط عرضة لسيطرة مقاتلي "داعش" عليها بعد اجتياحهم شمال العراق.

تعيين الحدود

التوترات بين حكومة إقليم كردستان وبغداد ليست جديدة وترتكز على إيرادات النفط، إذ يتهم الأكراد بغداد منذ فترة طويلة بالتقاعس عن سداد مستحقات الإقليم في موازنة الدولة في حين تعارض الحكومة المركزية الصفقات النفطية التي أبرمها الأكراد دون موافقتها.

وارتفعت الأعلام الكردية في مختلف أنحاء المدينة منذ فصل الربيع وأصبحت الآن ترفرف إلى جانب الأعلام العراقية على المباني الحكومية.

ويحلم الأكراد منذ الحرب العالمية الأولى بدولة مستقلة ويقولون إنهم أصبحوا مستعدين للقتال في سبيل ذلك إذا اقتضى الأمر.

وقال كمال الكركوكي القائد العسكري الكردي المسؤول عن الخط الأمامي في مواجهة "داعش" بقاعدته في قضاء الدبس "أرض كردستان ملك للشعب الكردي".

وأضاف "ليس من حق أحد ولا الحشد الشعبي أن يأخذها.. سنطلب منهم مغادرة الأراضي الكردية بسلام، لكننا مستعدون للقتال إذا اقتضت الضرورة".

ويوم الاثنين تفجرت اشتباكات في كركوك بعد أن مر موكب أكراد يحتفلون بالاستفتاء أمام مقر لحزب سياسي تركماني. وقالت مصادر إن قتيلًا كرديًا سقط وأصيب آخران بجروح.

جاء ذلك في أعقاب أسبوع من التصريحات المتصاعدة بين القيادة الكردية وبغداد التي صوت برلمانها بالموافقة على رفض الاستفتاء وعزل محافظ كركوك الكردي نجم الدين كريم.

والصراع على الأراضي محل النزاع صراع مرير. فإذا أعلن إقليم كردستان العراق انفصاله عن بغداد ستقع كركوك على حدود الإقليم مباشرة.

وقال جوست هيلترمان مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية "إذا أراد الأكراد السعي إلى شكل من أشكال الانفصال فستصبح مسألة الحدود ذات أهمية قصوى".

وقال "إذا استمرت بغداد وأربيل في اتخاذ خطوات من جانب واحد فلن تتجه الأمور إلا إلى التصاعد".

ولا توجد إحصاءات يعول عليها عن سكان كركوك التي يقول كل من الأكراد والعرب أن لهم فيها الأغلبية السكانية.

الأكراد العائدون

وكان من المقرر إجراء تعداد سكاني في كركوك بمقتضى دستور 2005 ،الذي وضع بعد عامين من الإطاحة بحكم صدام حسين، لكنه لم يتم بسبب مخاطر التوترات العرقية والدينية.

وخلال حملة الأنفال التي شنها صدام على الأكراد في الثمانينات شهدت مناطق متنازع عليها عملية تعريب قسرية طرد فيها الأكراد من المحافظة. ثم تم توطين عرب من مناطق أخرى في العراق فيها والاستيلاء على بيوت الأكراد وأعمالهم.

وقد تم طرد كثيرين من العرب منذ سقوط صدام عام 2003 ،الأمر الذي شجع الأكراد على العودة للمطالبة بأجزاء كبيرة من المناطق المتنازع عليها بما فيها كركوك.

وأتيحت حوافز لمن نزح من الأكراد عن المدينة للعودة إليها في حين انتقل كثير من الأكراد من مناطق أخرى إلى المدينة الأمر الذي أثار غضب أقليات أخرى.

وقال علي مهدي صادق العضو التركماني في مجلس كركوك المحلي "منذ عام 2003 وصل حوالي 600 ألف كردي وكثيرون منهم موجودون بصفة غير قانونية هنا. ومن غير الحوار يصبح كل شيء ممكنًا. نحن بحاجة لتجنب حرب ستبتلع العراق كله".

"لا شيء يأتي بلا ثمن"

ووجه صادق أصابع الاتهام إلى المحافظ كريم الكردي، الذي عاش أكثر من 30 عامًا في الولايات المتحدة، فيما وصفه بتمييز كردي تجاه الأقليات.

وقال المحافظ إن الأكراد سيضمنون حقوق الأقليات مشيرًا إلى استقرار نسبي في إقليم كردستان على النقيض من بغداد التي تكثر فيها التفجيرات الانتحارية.

غير أن تأييده للاستقلال الكردي يصيب الأقليات بالقلق، فقد رفض الجلوس خلف علم عراقي خلال مقابلة وفضل العلم الكردي عليه ،وقال إنه سيمزق جواز سفره العراقي ما إن يتسلم جواز السفر الكردي.

كما استهزأ بقرار عزله الذي أخذه البرلمان العراقي الأسبوع الماضي ووصفه بأنه قرار غير قانوني.

وتحسبًا لما قد يحدث من اضطرابات عمل بعض سكان كركوك على تخزين المواد الغذائية الأساسية مثل الطحين (الدقيق) والأرز والحليب.

وقال عربي يدعى علي حمزة (27 عامًا) ويدير متجرًا صغيرًا للأقمشة في المدينة القديمة "منذ أعلنوا عن الاستفتاء لم أستقبل أي زبائن تقريبًا. السوق خامد".

وأيد عدد من الأكراد استفتاء الاستقلال لكنهم قالوا إنهم يخشون وقوع اشتباكات بعد ذلك.

غير أنه في مواجهة مخاوف الناس من الاشتباكات والمشاكل الاقتصادية قال المحافظ كريم إنه عند اتخاذ خطوة كبيرة مثل الاستفتاء "فأي شيء ممكن" مضيفًا "لا شيء يأتي بلا ثمن".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com