مشاهدات صحفي أمريكي في طرابلس.. الليبيون يعانون الخوف تحت وطأة اقتصاد متدهور
مشاهدات صحفي أمريكي في طرابلس.. الليبيون يعانون الخوف تحت وطأة اقتصاد متدهورمشاهدات صحفي أمريكي في طرابلس.. الليبيون يعانون الخوف تحت وطأة اقتصاد متدهور

مشاهدات صحفي أمريكي في طرابلس.. الليبيون يعانون الخوف تحت وطأة اقتصاد متدهور

تناولت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، معاناة الليبيين في العاصمة طرابلس، بسبب الأزمة التي دمرت البلاد والمستمرة منذ 6 سنوات، إلى الأزمة المالية التي تعصف بها، مروراً بعمليات الخطف والقتل المتسلسلة.

وبينت الصحيفة، أن البنوك المحلية في طرابلس العاصمة، تشهد طوابير طويلة من العملاء مع شح السيولة المالية وعرقلة المعاملات المالية التي تعاني من قيود دولية فرضت عليها منذ سنوات.

وبعد 6 سنوات من الثورة التي أطاحت بنظام الزعيم معمر القذافي، أصبح المزاج العام المتقلب في هذه العاصمة، يغلب عليه حالة من اليأس والكآبة على حد وصف الصحيفة.

وفشلت الجهود الدبلوماسية والعسكرية التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، في تحقيق الاستقرار في ليبيا، فلا يزال حل الأزمة بعيداً كل البعد عن الوضوح، ويشعر معظم الليبيين أن الأسوأ لم يأت بعد.



وأصبحت القرارات اليومية الاعتيادية الآن، أمر يحتمل أن يجر حياة الأفراد العاديين للخطر، مثل تبادل الزيارات العائلية داخل المدينة، واحتمال ملاحقة أي سيارة من قبل الخاطفين، وسحب مبلغ زهيد لقضاء بعض الحاجات.

ويقو ل "بن ناجي" الذي يبلغ من العمر 57 عاماً، وهو يقف مسندًا نفسه بشكل مائل على جهاز صراف آلي لم يعمل منذ سنوات: "يزداد مستقبلنا قتامةً وظلاماً يوماً بعد يوم".

السلطات المُفرغة من الصلاحيات.

في طرابلس، أصبح البرلمان والمباني الأخرى، هياكل إسمنتية تحطمت بنيران المدفعيات الثقيلة، والقنابل الصاروخية وقذائف الدبابات، وغالباً ما تندلع الاشتباكات فجأة، وتحاصر السكان في منازلهم، وتخلق مناطق منعزلة جديدة.

وفي منطقة صلاح الدين الواقعة جنوب طرابلس، تزدحم الطريق الرئيسة خلال النهار، ولكنها تصبح مهجورة في الليل بعد أن تحوّلت الطريق التي كانت محاطة بجيب نموذجي للطبقة الوسطى إلى نقطة محورية في السباق، من أجل السيطرة على العاصمة.

ويقوم رجال الميليشيات التابعة لإحدى الحكومات المعلنة ذاتياً بإدارة نقاط تفتيش على أحد جوانب الطريق الرئيسة، بينما يشرف مقاتلون موالون لحكومة الوفاق التي ترعاها الأمم المتحدة على الجانب الآخر.

المشير حفتر عدو الميليشيات.

وبحلول الساعة التاسعة مساء، حجز العديد من السكان أنفسهم داخل منازلهم، حيث أن تبادل إطلاق النار عادةً ما يبدأ في ذلك الوقت تقريباً بحسب ما قاله السكان، ويحرص الأشخاص الذين يجرؤون على الخروج في ذلك الوقت على عدم جلب أي شيء ثمين معهم.

بدوره، قال إبراهيم الورفالي، وهو صاحب متجر يبلغ من العمر 31 عاماً: "أترك جهاز الآي فون الخاص بي، وأحمل بدلاً منه جهاز نوكيا رخيص الثمن، حيث يحمل كل أولئك الرجال بنادق ويمكنهم أن يفعلوا بك أي شيء يرغبون به".

وعند المدخل الغربي للمدينة، يعمل مقاتلو "فرسان جنزور"، وهم ميليشيات متحالفة مع حكومة الوفاق على إيقاف السيارات وتفتيشها بحثاً عن أسلحة يمكن أن يتم تهريبها لمنافسيهم.

ويقول قائد الميليشيات محمد بزع، البالغ من العمر 29 عاماً، وهو يرتدي لباسًا عسكريًا ويقف إلى جانب شاحنة صغيرة تحمل مدفع رشاش ثقيل "من الواضح أنهم يريدون السيطرة على العاصمة".



ويعد المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي الذي يسيطر على جزء كبير من شرق ليبيا من أبرز محاربي الميليشيات"، كما تقاتلهم قبيلة منافسة تسيطر على منطقة على بعد أقل من ميلين من الطريق الرئيس بين طرابلس ومدينة الزاوية.

وفي العام الماضي قاتلت هذه القبيلة بشراسة، أما الآن فهم منحازون مع حكومة الوفاق، بيد أن التوترات وعدم الثقة ما زالتا عميقتين، " إنهم مدفوعون بالمال فقط" بحسب أحد قادة الميليشيات في طرابلس.

حوادث وانعدام الأمن.. والثورة أخطأت مسارها.

أصبحت عمليات الخطف شائعة جداً في العاصمة طرابلس، حيث يتداول السكان باستمرار معلومات مفصلة عن المناطق والطرق التي وقعت فيها عمليات الاختطاف، وكانت عمليات الاختطاف تحدث بدافع التنافس السياسي أو القبلي، لكنه أصبح مشروعاً إجرامياً يغذيه الاقتصاد المتدهور.

واختطف سليمان أبو هللة، في نقطة ليست بعيدة كثيراً عن نقطة التفتيش، حيث تم سحبه من سيارته من قبل 3 مسلحين مقنعين واقتادوه إلى مزرعة خارج العاصمة، واحتجز هناك لمدة 19 يوماً، وحُرم من تناول أدوية مرض السكري الذي يعاني منه، حتى وافقت أسرته على دفع فدية قدرها 11 ألف دولار.

ويقول رجل الأعمال أبو هللة الذي تجاوز عمره الـ 80 عاماً: " كنت خائفاً جداً، اختطف ابن أخي قبل 3 أشهر وقتل بعد أن دفعنا الفدية".

ويقول محمد غرابلي، وهو رجل أعمال آخر: "كل ما يسعون وراءه هو المال، وهناك نقص في النقد في البلاد، ولا توجد وظائف".



وكان غرابلي، قد اختطف العام الماضي، واحتجز لمدة 63 يوماً في غرفة حجمها أصغر من حجم خزانة ملابس لها باب فولاذي وقضبان حديدية على النوافذ، وقال إن يديه كانتا مكبلتين بسلك كابل، بينما كبلت ساقاه بالسلاسل، وقام خاطفوه بإطعامه الخبز "كالكلب"، ودفعت أسرته نحو 31 ألف دولار لإطلاق سراحه.

وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى تعمق الانقسامات الاجتماعية والثقافية، حيث يقول موظف في الستينيات من عمره: "في السابق لم نكن نسأل أحدًا من أين أتى، وكنا دوماً نعتبر أنفسنا جزءاً من بلد واحد، والآن، عندما يوقفك شخص ما، يسأل: من أين أنت؟. مضيفاً "في بعض الأحيان يقتلك إن كنت من الشرق، أو ربما يقتلك إن كنت من الغرب".

ويعبّر مواطنون ليبيون كثر بذات الكلمات عن حالهم بالقول: "لم تكن الثورة أمراً صحيحاً، في السابق كان الناس سعداء، وفي السابق كنت ملكاً، كنت أملك وظيفة وكنت أشعر أنني مواطن، أما الآن فلا أستطيع الحصول على مالي".

وكان البلد المنتج للنفط واحداً من أغنى دول العالم، وحتى عندما كان الاقتصاد الليبي يعاني في سنوات حكمه الأخيرة، تمتع الليبيون بالرعاية الصحية المجانية والتعليم، وغير ذلك من الفوائد في ظل الحكم الاشتراكي الذي انتهجه القذافي.

لكن انعدام الأمن بعد الإطاحة بالقذافي أدى إلى تفكك الدولة، بينما تتنافس الحكومات المتنازعة ومجموعة من الجماعات المسلحة على النفوذ والأراضي، والاقتصاد على وشك الانهيار، والعصابات الإجرامية تفترس الضعفاء.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com