"دمار هائل" جراء سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تفاصيل ما وصفتها بأنها "الطلقة الأولى" في حملة إسرائيل العسكرية على تنظيم "حزب الله" اللبناني، مؤكدة أن تلك الطلقة خرجت من سوريا فعلياً.
وذكرت الصحيفة، في تقرير لها، أن "الضربة الافتتاحية" للتنظيم اللبناني، بدأت من عملية "مصياف" التي استهدفت إسرائيل فيها "مركز البحوث العلمية" السري في دمشق، مطلقة عليها وصف "غارة الكوماندوز".
وقالت إن إسرائيل أرسلت قوات برية للعمليات الخاصة إلى دولة ذات سيادة لتنفيذ مهمة، وما تبع ذلك كان من أكثر العمليات العسكرية الإسرائيلية جرأة ضد "حزب الله" منذ سنوات.
وذكرت الصحيفة أن هذه الرواية للغارة الإسرائيلية مستندة إلى مقابلات مع مسؤولين أمريكيين وأوروبيين وإسرائيليين مطلعين على جوانب العملية العسكرية.
وقبل تنفيذ الغارة، أخطرت إسرائيل كبار المسؤولين الأمريكيين، بما في ذلك الجنرال مايكل كوريلا، رئيس القيادة المركزية الأمريكية، وفقًا لمسؤول أمريكي.
وفي ذلك الأحد، كان الجنرال كوريلا في إسرائيل لزيارة غرفة الحرب العميقة تحت الأرض التابعة للقيادة الشمالية لقوات الدفاع الإسرائيلية، حيث تم عرض عليه خطط العمليات العسكرية لمواجهة "حزب الله"، وفقًا للجيش الإسرائيلي.
وبدأت العملية بإنزال ليلي من طائرات هيلوكوبتر في المركز السري التابع للنظام السوري في "مصياف" التابعة لريف محافظة حماة، ليلة 8 سبتمبر/ أيلول، وعلى عمق أكثر من 200 قدم تحت الأرض، وكان ذلك بعد سلسلة غارات جوية إسرائيلية قطعت من خلالها الطرق الواصلة للمنشأة السرية، بحسب "نيويورك تايمز".
وبحسب الصحيفة، كان لدى المخابرات الإسرائيلية معلومات حول موقع مراكز الحراسة وتصميم المنشأة. وبعد مقتل الحراس ليلة الأحد تلك، تمكن حوالي 100 جندي إسرائيلي من قوات الكوماندوز الذين نزلوا من المروحيات من دخول الموقع دون أي اعتراض.
وباستخدام الخرائط المسروقة، انقسمت قوات الكوماندوز إلى فرق، كلفت كل منها بتدمير جزء مختلف من المنشأة، واستمرت الغارة حوالي 15 دقيقة على المركز الذي، على الرغم من أن وزارة الدفاع السورية تسيطر عليها اسمياً، إلا أن المسؤولين الغربيين يقولون إن "حزب الله" وإيران قد توليا العمليات فيه، وفق الصحيفة.
وبحسب الصحيفة، يبعد المركز حوالي 30 ميلاً فقط عن الحدود اللبنانية، ولهذا السبب، كما يقول المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون، يقوم "حزب الله" بتصنيع الأسلحة هناك بدلاً من إيران. إن نقل الصواريخ والأسلحة من إيران إلى لبنان هو رحلة تستغرق أكثر من 1000 ميل مع مجموعة من التحديات.
ولسنوات، ظلت إسرائيل تتعقب وتحاول تدمير المنشأة والمرتبطين بها. وفي عام 2018، قُتل عزيز أسبار، أحد أهم علماء الصواريخ في سوريا، في مصياف في انفجار سيارة مفخخة زرعها "الموساد" على ما يبدو، وفق الصحيفة.
وقبل ذلك بعام، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مصياف، مما أسفر عن مقتل شخصين، وفقاً لمسؤولين سوريين، كجزء من جهود إسرائيل لمنع سوريا و"حزب الله" من الحصول على أسلحة متقدمة.
وفي السنوات الأخيرة، قامت الحكومة السورية بنقل المعدات إلى الموقع المحمي بشكل جيد حيث عززت قدرتها على إنتاج الصواريخ. وبدأت إيران و"حزب الله" في تحديث المنطقة تحت الأرضية التي تعرضت للقصف هذا الشهر.
وكان "حزب الله" يعتزم استخدام الصواريخ التي يجري تطويرها ضد إسرائيل، وفقاً لمسؤولين مطلعين على المعلومات الاستخبارية.
وفي ضوء ذلك، كان هجوم 8 سبتمبر بمثابة استمرار لجهود إسرائيل المتواصلة منذ فترة طويلة لتدمير المركز، وتحول واضح في جهودها الحربية التي استمرت لمدة عام تقريبًا من "حماس" في غزة إلى "حزب الله"
وبحسب الصحيفة الأمريكية، تعكس هذه الإستراتيجية، كما قال مسؤولون إسرائيليون كبار لزملائهم الأمريكيين بعد الغارة، الدروس المستفادة من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وقال المسؤولون إنه عندما تجمع الحكومة الإسرائيلية معلومات استخباراتية تفيد بأن أحد الوكلاء الإيرانيين يحاول تطوير سلاح جديد، فإن الجيش الإسرائيلي سيتخذ إجراءات لوقف ذلك.
وكانت الضربة على مصياف أيضًا الجولة الافتتاحية في سلسلة من الهجمات التي تهدف إلى وقف هجمات حزب الله الصاروخية والطائرات بدون طيار عبر الحدود.