خلافات القمة العربية ترضي سوريا وإيران
خلافات القمة العربية ترضي سوريا وإيرانخلافات القمة العربية ترضي سوريا وإيران

خلافات القمة العربية ترضي سوريا وإيران

الكويت - اختتم الزعماء العرب قمتهم في الكويت، الأربعاء، دون علامة تذكر على تحقيق تقدم في سبيل تسوية خلافاتهم حول دعم الإسلاميين في الاضطرابات التي تعم بعض أنحاء العالم العربي، وهي نتيجة من المرجح أن ترضي سوريا وإيران في المنافسة الإقليمية مع مصر والسعودية.

وأقر الزعماء علنا في ختام القمة بحاجتهم إلى إنهاء الخلافات التي تؤدي إلى تفاقم الحرب في سوريا، واضطراب الأوضاع في مصر والعراق.

وكان التوتر وراء الكواليس شديدا إلى حد يحول دون أي إمكانية لتحرك عربي مشترك ضد الرئيس السوري بشار الأسد، أو اتخاذ موقف مشترك من إيران، التي تسعى إلى تحقيق وفاق مع بعض دول الخليج وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.

وقال الكاتب السعودي جمال خاشقجي، في تصريحات صحفية، إن "الدول العربية لم تكن يوما على هذا القدر من الانقسام"، مشبها استخدام بعض الدول للقنوات التلفزيونية الفضائية في بث آراء متعارضة على العالم العربي، بـ"استخدام زعماء دول مثل مصر وسوريا الدعاية الإذاعية في الماضي، لكسب نفوذ إقليمي".

وأضاف خاشقجي أن "العالم العربي عاد إلى زمن الحرب عبر الأثير، هذه الدولة تسب تلك"، مضيفا أن "هذا أمر يبعث على أشد القلق".

ولا تقتصر الخلافات على الحرب السورية، بل تتعداها إلى الربيع العربي بمجمله، حيث ترى بعض الدول أن انتفاضات عام 2011 أمر سلبي بالنسبة إلى العرب، بينما ترى دول أخرى أنها تمثل "المسار الحقيقي للتاريخ".

وقالت استاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات، ابتسام الكتبي، إن "الأسد وإيران مستفيدان من الخلافات بين دول الخليج"، وانتقدت غياب التوافق على دعم معارضي الأسد السياسيين، قائلة إنه "لم يتخذ أي خطوات حقيقية لحل الأزمة السورية، وإن المعارضة شعرت في القمة بأنها وحدها".

وأضعفت النزاعات التي ينبع أغلبها من الربيع العربي، بعض الدول السنية البارزة، بينما تسعى إيران الشيعية لتحسين علاقاتها مع العالم.

وقال الخبير في شؤون الخليج في معهد بيكر في الولايات المتحدة، كريستيان كوتس أولرخسن، إن "اختلاف الرؤى في بعض القضايا الأكثر صعوبة في إعادة ترتيب المشهد بعد الربيع العربي كبير إلى حد لا يمكن معه تخطيه على الأقل في اللحظة الراهنة".

نزاع معقد

تتفق الدول على إدانة محاولات الأسد لسحق انتفاضة بدأها مدنيون سلميون، مع ذلك تراكمت بينها الخلافات حتى باتت تمثل النزاع الأكثر تعقيدا منذ 25 عاما.

وكان العرب انقسموا بين مؤيد ومعارض لبغداد بعد غزو القوات العراقية للكويت في عام 1990، ومثل هذا الانقسام كان السمة المميزة للدبلوماسية الإقليمية لسنوات لاحقة، لكن النزاعات الجديدة تتعلق بقوى سياسية نشطت بفعل الربيع العربي بعد عقود من القمع، لذا يمكن أن تستمر فترة أطول.

وتعهدت قمة الكويت بإنهاء الانقسامات، لكنها لم تصدر بيانا ختاميا، ما يكشف عن تعذر الاتفاق على مواقف مشتركة.

وغادر ولي العهد السعودي، الأمير سلمان، الكويت بعد ساعات، وأرسلت الإمارات حاكم الفجيرة لتمثيلها في القمة، فيما اعتبره محللون علامة تشير إلى عدم استعدادها لمناقشة خلافاتها.

ولم يبد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أي تغير في آرائه، حيث قال في كلمته أمام القمة: "أنعشت التحولات الواسعة التي شهدتها منطقتنا خلال الأعوام الثلاثة الماضية آمال الشعوب العربية بمستقبل أفضل تستحقه"، معبرا عن رأي يتعارض بشدة مع رؤية معظم دول الخليج.

وتبرز هذه الجملة إحدى نقاط الخلاف الأساسية بين الدول العربية، وهي دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين، المحظورة الآن في مصر، التي يعتبر حكام كثير من دول الخليج تصورها للحكم الجمهوري واتباعها أساليب تعبئة الأصوات للفوز في الانتخابات، خطرا سياسيا محدقا.

وتتهم السعودية والإمارات والبحرين قطر بالتدخل في شؤونها الداخلية، وسحبت سفراءها من الدوحة قبل ثلاثة أسابيع، وتشعر هذه الدول بالغضب لرفض قطر وضع حد لما تراه سيلا من الدعاية التحريضية لحساب الإخوان المسلمين، تبثه قناة الجزيرة الفضائية.

السعوديون "حازمون للغاية"

كما تشعر هذه الدول بالقلق مما تعتبره تدخلا قطريا في اليمن. وتنفي قطر تدخلها في أي مكان، لكنها تعهدت بالثبات على سياستها الخارجية التي تفترض فيما يبدو أن الإسلاميين هم المستقبل في السياسة العربية.

وقال دبلوماسي: "السعوديون لم يريدوا التوافق، بل أرادوا اعتماد الحزم الشديد مع قطر. وكان هناك مشاكل بخصوص الإخوان المسلمين ومستقبل مصر وسوريا. وفعلت الكويت كل ما بوسعها لتحقيق توافق، لكن السعوديين كانوا حازمين للغاية".

وفيما يخص سوريا، تدعم الرياض والدوحة جماعات إسلامية تقاتل قوات الأسد، لكنهما تتنافسان على النفوذ بين تيارات المعارضة السياسية والمسلحة، في المقابل يلقى الأسد دعما سياسيا من العراق والجزائر، ويحصل على أسلحة من روسيا ودعم عسكري واستشاري من إيران.

وذكرت ابتسام الكتبي أنه "في معركة وقعت في الآونة الأخيرة في بلدة يبرود شمال دمشق، طلب القطريون من الجماعات الإسلامية التي يمولونها الانسحاب من القتال في تحرك يهدف فيما يبدو لإغاظة السعودية. وسقطت المنطقة في وقت لاحق في أيدي الجيش السوري.

ومن بين الخلافات الأخرى اتهام بغداد لقطر والسعودية بدعم المقاتلين الإسلاميين في محافظة الأنبار العراقية. وينفي البلدان هذا الاتهام.

لكن ثمة خلافات أخرى قائمة بشأن ما تعتبره كثير من دول الخليج تدخلا في شؤونها من جانب إيران التي تنافس السعودية على النفوذ في المنطقة.

ويبدو أن عمان –وكذلك قطر بدرجة أقل- تتعاملان بهدوء مع مساعي إيران للعودة إلى الساحة الدولية عن طريق تهدئة المخاوف بشأن برنامجها النووي. وتقول طهران إن "مساعيها النووية سلمية لكن الغرب يخشى أن تكون تلك الأنشطة واجهة تخفي برنامجا للتسلح النووي".

واتهمت السعودية والبحرين طهران بتأجيج الفتنة بين الشيعة في البلدين. كما يشعر هذان البلدان والإمارات بعدم الارتياح لمسار التفاوض بين إيران والقوى العالمية لتسوية النزاع النووي.

وحث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الدول العربية على تجاوز الخلافات التي قال إنها تعوق العمل العربي المشترك. وقال "الأخطار كبيرة من حولنا ولن نتمكن من الانطلاق بعملنا العربي المشترك إلى المستوى الطموح دون وحدتنا ونبذ خلافاتنا".

وبدا أن أمير قطر يوجه اللوم لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، بسبب تهميش الأقلية السنية في العراق التي تميل إلى اعتبار المالكي دمية في يدي إيران.

كما بدا يوجه رسالة لمصر التي أعلنت الإخوان المسلمين جماعة إرهابية. وأصدرت السعودية إعلانا مماثلا هذا العام.

وقال: "لا يجوز أيها الأخوة أن ندمغ بالإرهاب طوائف كاملة أو نلصقه بكل من يختلف معنا سياسيا، فشأن ذلك أن يعمم الإرهاب بدل أن يعزله".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com