الدفاع المدني: 19 قتيلا في القصف الإسرائيلي لمسجد في دير البلح وسط القطاع
تشهد مدينة صيدا، الواقعة على بعد حوالي 40 كيلومتراً جنوب بيروت، تدفقاً غير مسبوق للنازحين، مع فرار العائلات من جنوب لبنان إثر تصاعد القصف الإسرائيلي وسط الصراع الدائر بين إسرائيل و"حزب الله".
وبحسب تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية، أدى التصعيد إلى شلل في الخدمات المحلية في لبنان وإحياء ذكريات حرب 2006.
ووفقا للتقرير، أسفر القصف الإسرائيلي المستمر عن عدد من القتلى في يوم واحد يقارب ما تم تسجيله خلال عام كامل من الاشتباكات، الأمر الذي جلب الدمار إلى المنطقة.
وأشار التقرير إلى شن القوات الإسرائيلية سلسلة من الهجمات المكثفة على مواقع "حزب الله" في جنوب لبنان، كجزء من عملية أطلق عليها اسم "سهام الشمال"، وتهدف إلى تحييد البنية التحتية العسكرية للحزب.
وأدان رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي الغارات الجوية، متهما إسرائيل بتنفيذ "خطة تدمير" للبنان.
ووصف وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض القصف بأنه "جرائم حرب"، مشيراً إلى فشل المجتمع الدولي في التدخل الفعال سواء في لبنان، أو في غزة.
وأُجبر آلاف السكان في جنوب لبنان، وخصوصاً في المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل، على الفرار.
جواد، ميكانيكي يبلغ من العمر 43 عاماً، وزوجته زينة، ممرضة، فرّا من قريتهما برج الشمالي، بالقرب من صور، بعد أن بدأت القنابل الإسرائيلية تتساقط في الصباح الباكر.
وقال جواد: "كانت هناك جثث تحت الأنقاض عندما غادرنا، حتى جثث أطفال. كان الأمر مرعباً".
وتحمل الزوجان رحلة شاقة استغرقت أربع ساعات للوصول إلى صيدا، رغم أن الرحلة عادة ما تستغرق ساعة واحدة فقط.
ومثل كثيرين آخرين، لم يكن أمامهما خيار سوى الفرار حيث أصبحت قريتهما هدفاً للهجمات الإسرائيلية.
وبالنسبة للعديد من السكان الفارين، فإن الوضع يزداد تعقيداً بسبب عدم وجود مناطق آمنة في جنوب لبنان.
ولفت التقرير إلى إصدار إسرائيل تحذيرات عبر رسائل نصية إلى المدنيين لإخلاء مناطق تقول إن "حزب الله" خزن فيها أسلحة، فيما اعتبر لبنانيون ذلك بمثابة إعلان عن ضربات عشوائية.
ورغم استجابة بعض السكان لهذه التحذيرات وفرارهم، إلا أن آخرين كانوا عالقين تحت القصف، وهم يحاولون المغادرة.
وأكدت الصحيفة أن الوضع الإنساني في صيدا يتدهور بسرعة، حيث تكافح المدينة لاستيعاب التدفق الهائل للنازحين، لافتة إلى أن المستشفيات أصدرت أوامر بإلغاء العمليات غير الضرورية لتوفير الأولوية لعلاج المصابين.
بدورها، قالت إحدى الطبيبات في مستشفى حمود الجامعي "لقد استقبلنا عدداً هائلاً من الجرحى"، وفي الوقت نفسه، فتحت السلطات المحلية المدارس لاستضافة النازحين، لكن الأماكن المتاحة بدأت تنفد بسرعة.
وأشارت "لوموند" إلى أن تفاقم الأزمة الاقتصادية المستمرة في لبنان يزيد من صعوبة الوضع، حيث تركت العديد من الخدمات العامة في حالة انهيار.
من جانبها، قالت نور الزين، موظفة بلدية "نفتقر إلى كل شيء: الأدوية، الطعام، مستلزمات النظافة"، مضيفة أنه "على الرغم من جهود المدينة، بما في ذلك نداءات للتبرعات، فإن الموارد لا تزال قليلة والمساعدات الدولية محدودة".
ومع ذلك، قال محافظ الجنوب، منصور ضو: "نحن مستعدون للتعامل مع هذا التدفق الكبير من عشرات الآلاف من النازحين، لقد كان لدينا عام كامل للاستعداد" .
وقال حسن سعيد صالح، نائب رئيس بلدية حارة صيدا، وهي ضاحية تضررت بشدة من الصراع "إن كثيرين على الأرض يشككون في ذلك، لقد مر 11 شهراً من هذه الأزمة، ونحن الآن في موجة ثانية من النزوح".
وأضاف "وصل النازحون من أكثر من مئة قرية، هاربين من القصف الذي يستهدف المدنيين بشكل عشوائي. هذا إجرام".
ويبقى مستقبل النازحين مجهولا مع استمرار النزاع، إذ تعج شوارع صيدا بالسيارات، وتحاول العائلات الهروب نحو الشمال، على الرغم من أن الكثيرين ليس لديهم وجهة واضحة.
غدير، امرأة هاربة من النبطية، وقفت على جانب الطريق بعد أن تعطلت سيارتها/ وهي تقول "هذا كابوس حقيقي".
وأضافت وهي تحاول كبح دموعها: "نحن لا نعرف حتى إلى أين نذهب.. لا نملك أقارب في أي مكان، وأخي معاق".
ومع حلول الليل، بدأت التقارير تتوالى من بيروت، حيث أصدرت القوات الإسرائيلية المزيد من التحذيرات للسكان في الضواحي الجنوبية، وهي معقل لحزب الله.
ويخشى الكثيرون تكرار سيناريو حرب 2006، التي شهدت تدميرًا واسع النطاق للعاصمة اللبنانية جراء القصف الإسرائيلي.
ومع استمرار القصف، تواجه العائلات النازحة من جنوب لبنان واقعاً قاتماً، فالكثيرون يخشون ألا يجدوا مكاناً يعودون إليه، كما أن الأزمة الاقتصادية المستمرة في لبنان تزيد من معاناتهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة اللبنانية، التي أنهكتها الحرب والانهيار المالي، تطالب بالمساعدة الدولية العاجلة للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية، لافتة إلى أنه مع عدم وجود نهاية واضحة للصراع، يبدو أن العديد من الأسر النازحة لا تملك سوى القليل من الأمل في المستقبل.