18 قتيلاً وعشرات الجرحى في قصف على مدرسة تؤوي نازحين في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة
قال خبراء ومحللون سياسيون إن فشل جولة المفاوضات بين إسرائيل وحماس التي تبدأ، اليوم الخميس، في الدوحة، من شأنه الإبقاء على تهديد حقيقي لأمن واستقرار المنطقة وجرها إلى حرب يسعى إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر فرضه مزيدًا من الشروط الهادفة إلى عدم التوصل لأي اتفاق.
وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية أيمن البراسنة: "هناك تهديد حقيقي لأمن المنطقة برمتها في ظل تواصل العدوان على غزة، والمفاوضات التي تبدأ، اليوم، في الدوحة ربما لن تصل إلى اتفاقات سريعة، خاصة أن نتنياهو يسعى إلى عرقلة التوصل إلى أي اتفاق إلى حين الوصول لأهداف الحرب على طريقته، ما ينذر بإشعال المنطقة وجرها إلى حرب غير محمودة العواقب".
وأضاف البراسنة، لـ"إرم نيوز"، أن "هناك عرقلة إسرائيلية واضحة، تحول دون التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، وتبادل المحتجزين"، مشيرًا إلى أن "حركة حماس أعلنت، أكثر من مرة، أنها لن تشارك في جولة جديدة من المحادثات، وبالتالي نحن أمام مشهد معقّد، حيث يشترط نتنياهو البقاء العسكري في محور فيلادلفيا، وبالتالي تفتيش العائدين لشمال قطاع غزة".
وأوضح أن "حماس تتمسك بورقة الوساطة التي قدمتها في الثاني من تموز/يوليو الماضي، والتي تستند إلى قرار مجلس الأمن، وخطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبالتالي فإن أي اتفاق، الآن، يجب أن يتضمن وقفًا لإطلاق النار، وانسحابًا للقوات الإسرائيلية من غزة، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، مقابل إطلاق الأسرى الإسرائيليين".
ويرى البراسنة أن "ما تشهده الدوحة، اليوم، هو بداية مفاوضات، وليس توقيع اتفاق، خاصة أن الأزمة تتدحرج وتتصاعد بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والقيادي البارز في ميليشيا حزب الله فؤاد شكر".
ووفق البراسنة، فإن "الأطراف كلها معنية، اليوم، بعدم توسيع دائرة الصراع على المستوى الإقليمي، في ظل احتمالية الرد الإيراني المتوقع على إسرائيل، وهو ما شهدنا معه تعزيز القدرات العسكرية الأمريكية في المنطقة لإحباط أي هجوم إيراني محتمل، وذلك لتفادي نشوب حرب إقليمية".
وبين أن "هناك عدة اتصالات مكثفة أمريكية وأوروبية أجريت مع طهران، وتحاول إقناعها بالتريث قبل الرد، وذلك في إطار ترقب ما ستتوصل إليه مفاوضات الدوحة".
ولكن المتوقع أن يتم صد مفاوضات وقف إطلاق النار بالتعنت الإسرائيلي، ووضع شروط إضافية خارج المقترحات المتداولة مع الوسطاء.
وأشار إلى أنه "من المهم النظر إلى موقف حماس من عدم المشاركة في جولة المفاوضات بأنه موقف تكتيكي، لا نستطيع أن نقول إنه قد يؤدي إلى أن تصبح المنطقة على مفترق طرق، فالمفاوضات هي عبارة عن حالة من الأخذ والعطاء بين الأطراف المتصارعة، وبالتالي، فإن إحدى أدوات الدبلوماسية الضغط على الخصوم، ومحاولة الحصول على تنازلات، أو محاولة إظهار عناصر القوة؛.
ومن جهته يقول المحلل السياسي عضو مجلس الأعيان الأردني زهير أبو فارس، إن "المنطقة، اليوم، تعيش في حالة بالغة الخطورة، ذلك أن نتنياهو لا يريد أي سلام، ولا يريد أي حلول تؤدي إلى استقرار في المنطقة ووقف الحرب والانسحاب من غزة وترتيبات ما بعد الحرب".
ويضيف أبو فارس، في حديث لـ"إرم نيوز": "نتائج مفاوضات الدوحة، اليوم، مهمة لجهة شكل وموقف الرد الإيراني المتوقع على إسرائيل، وعليه فإن على الولايات المتحدة الأمريكية القيام بدور أكثر قوة ووضوحًا على إسرائيل لفرض وقف إطلاق النار، وهي قادرة على ذلك إذا أرادت".
ويتابع: "في الحقيقة نحن أمام مشهد معقد؛ حيث إن نتنياهو يلعب على ظروف الانتخابات الأمريكية، ويراهن على حالة التسابق التي يقدمها الحزبان الديمقراطي والجمهوري لدعم إسرائيل، وهذا الأمر يغذي غريزته المتطرفة في جر المنطقة إلى حالة من عدم الاستقرار والفوضى".
وأشار إلى أن "التوصل إلى اتفاق، يعني انتهاء الحرب، وبالتالي ذهاب نتنياهو إلى المحاكمة أو السجن، وانتهاء دوره السياسي"، لافتًا إلى أن "ميوله المتطرفة ليست جديدة، فهو منذ توقيع إيران مع الولايات المتحدة والأطراف الدولية على الاتفاق النووي يريد أن يورط الولايات المتحدة وأوروبا في صراع شامل".
ولفت إلى أن "التوصل إلى وقف لإطلاق النار ووقف العدوان على غزة كفيل بالتوصل إلى تفاهمات في المنطقة خلال المرحلة المقبلة، لكن هذا يتوقف، اليوم، على شكل التنازل الإسرائيلي، وعلى آلية وتوقيت وشكل الرد الإيراني المتوقع في حال فشل المفاوضات".
في حين يرى المحلل والكاتب السياسي رياض منصور، أن "الهدنة التي يجري الحديث عنها في الدوحة لا علاقة لها بوقف المجازر الإسرائيلية، فحتى حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، فإن حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني ستتواصل باعتبارها أصبحت منهجية إسرائيلية".
ويضيف منصور في حديث لـ"إرم نيوز": "يبدو المشهد في منطقة الشرق الأوسط وكأنه ساحة لرسم السياسات الدولية، وفرض مناطق نفوذ، ولا شك بأن مغامرة بنيامين نتنياهو ستدفع باتجاه إشعال النيران في المنطقة، دون أن يكون هناك مطفئ حقيقي للحرائق من عواصم القرار الدولي".
ويتابع منصور: "تعيش المنطقة، الآن، حالة مخاض صعبة لن تخرج إلا بجنين مشوه، ما دامت إسرائيل تتحدى السياسات الدولية والقانون الدولي، وتواصل عدم التزامها باتفاقيات السلام مع جيرانها، والمعضلة، اليوم، باتت في عزم إسرائيل على إبادة الشعب الفلسطيني لتحقيق حلم يهودية الدولة، وفرض نفسها كشرطي للمنطقة".
وبخصوص التوتر الحالي بين إسرائيل وإيران، أشار إلى أن "له حسابات أخرى ليس لغزة علاقة به، فمنذ أحداث السابع من أكتوبر، لم تحرك إيران ساكنًا، وعندما تحركت فقد كان ذلك بدافع أن إسرائيل مست سيادتها على نحو مباشر".
وتُجرى، اليوم الخميس، جولة من المفاوضات بين ممثلين عن الولايات المتحدة الأمريكية، ومصر، وقطر، وإسرائيل، فيما تغيب عنها حماس بعد اتهامها لنتنياهو بالمراوغة، في وقت تكثف واشنطن مساعيها للتوصل لوقف إطلاق نار، بعد نحو 10 أشهر على أحداث السابع من أكتوبر.