وثائق إسرائيل من حرب الأيام الستة .. نفس الواقع بعد 50 عاماً
وثائق إسرائيل من حرب الأيام الستة .. نفس الواقع بعد 50 عاماًوثائق إسرائيل من حرب الأيام الستة .. نفس الواقع بعد 50 عاماً

وثائق إسرائيل من حرب الأيام الستة .. نفس الواقع بعد 50 عاماً

لم تكد أيام تمضي على الاستيلاء على القدس الشرقية والضفة الغربية في حرب عام 1967 حتى كانت إسرائيل تفحص خيارات مستقبلهما بدءًا من إقامة مستوطنات إسرائيلية إلى إقامة دولة فلسطينية.

مع اقتراب ذكرى مرور 50 عامًا على اندلاع الحرب في الخامس من يونيو حزيران يتبين لمن يطالع وثائق تم الكشف عنها في الآونة الأخيرة عن تفاصيل ما دار من نقاش قانوني ودبلوماسي في أعقاب الحرب أن لفحواها وقعًا مألوفًا.

وتؤكد تلك الوثائق ضآلة ما تحقق من تقدم صوب تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وقد كرست منظمة أهلية إسرائيلية تجري أبحاثا في هذا الصراع اسمها (أكيفوت) آلاف الساعات على مدار عامين في فحص وثائق نزعت السلطات عنها صفة السرية وفي إنشاء سجل رقمي لها. وكثير من الوثائق طويت زوايا صفحاتها في إشارة إلى أهميتها بشكل خاص.

وهدف المنظمة من الحصول على هذه الملفات، في وقت قيدت فيه مؤسسة أرشيف الدولة في إسرائيل الاطلاع على مواردها إذ أنها تنفذ مشروعها الرقمي الخاص بها، هو ضمان أن تظل المصادر الرئيسية لعملية صنع القرار في الصراع متاحة للباحثين والدبلوماسيين والصحفيين وعامة الناس.

وقال ليئور يافني مؤسس أكيفوت ومديرها "من الأمور التي انتبهنا لها في البداية أن كثيرًا من السياسات المتصلة بالأنشطة الحالية للحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة لها جذور ترجع إلى العام الأول ذاته من الاحتلال".

وأضاف "فالسياسات التي دارت حولها التصورات في وقت مبكر في 1967 أو 1968 تخدم السياسات الحكومية حتى يومنا هذا".

وخلال الحرب التي استمرت ستة أيام استولى الجيش الإسرائيلي على 5900 كيلومتر مربع من الضفة الغربية والمدينة القديمة في القدس وأكثر من 20 قرية عربية على الجانب الشرقي من المدينة.

وعلى الجبهات الأخرى احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان من سوريا وشبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة الذي كان تحت إدارة مصر.

غير أن أصعب الأسئلة المطروحة آنذاك على رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية ومجموعة مختلفة من المستشارين القانونيين تركزت حول أسلوب التعامل مع الاستيلاء غير المتوقع على الضفة الغربية والقدس الشرقية ومع 660 ألف فلسطيني يعيشون فيها.

 الحرب لم تنته قط

بعد ما يزيد قليلاً عن شهر على انتهاء الحرب في العاشر من يونيو حزيران 1967 وضع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية مجموعة من سبعة احتمالات لما يمكن أن تفعله إسرائيل بالضفة الغربية وقطاع غزة.

أخذ المسؤولون بعين الاعتبار كل شيء من إقامة دولة فلسطينية مستقلة منزوعة السلاح تكون عاصمتها أقرب ما يكون إلى القدس  وضم المنطقة بكاملها إلى إسرائيل أو تسليم معظمها للأردن.

وشرح المسؤولون ضرورة التحرك بسرعة "لأن الانطباع قد ينشأ في غضون ذلك على المستوى الدولي بأن إسرائيل تفرض حكمًا استعماريًا على تلك الأراضي المحتلة".

ورغم أن الوثيقة تحلل بالتفصيل فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة فهي تؤيد فكرة ضم الأراضي المحتلة وفي الوقت نفسه توضح ما تنطوي عليه من مخاطر.

أما الخيار الرابع الوارد تحت مسمى "الحل التدريجي" فربما كان أقرب شيء إلى الوضع القائم حاليا متمثلا في خطة لإقامة دولة فلسطينية في حال التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والدول العربية.

وقال توم سيجيف المؤرخ الإسرائيلي البارز صاحب كتاب (1967 - إسرائيل والحرب والسنة التي غيرت وجه الشرق الأوسط) إن "حرب الأيام الستة لم تنته قط فعليًا".

وأضاف "استمر اليوم السابع منذ ذلك الحين على مدار الخمسين عامًا الأخيرة. وهو يؤثر علينا وعلى الفلسطينيين.. في كل يوم وفي كل دقيقة".

 مستوطنات

ربما كانت أصعب المناقشات وأكثرها تفصيلاً من الناحية القانونية تدور حول مسؤوليات إسرائيل بمقتضى القانون الدولي وما إذا كان بوسعها بناء مستوطنات.

ويعتبر الفلسطينيون ودول كثيرة المستوطنات الإسرائيلية على الأرض المحتلة مخالفة للقانون. وترفض إسرائيل ذلك وتستشهد بروابط تاريخية وتوراثية وسياسية تقول إنها تربطها بالضفة الغربية والقدس الشرقية كما تستند لاعتبارات أمنية.

وبعد حرب 1967 ضمت إسرائيل القدس وأصبحت تعتبر المدينة كلها "عاصمة أبدية لا تتجزأ" لها، غير أن هذا الوضع لم يحظ بالاعتراف الدولي. ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.

وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن إسرائيل دأبت على ضرب عرض الحائط بقرارات الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة في تصرفاتها في الأراضي المحتلة وخاصة في القدس.

وأضاف "كل هذه الإجراءات.. لا يمكن أن تغير وضع القدس كمدينة محتلة مثل بقية الأراضي الفلسطينية".

وكتب ثيودور ميرون أحد أبرز الحقوقيين في العالم والذي كان مستشارًا قانونيًا لوزارة الخارجية آنذاك عدة مذكرات في أواخر 1967 وأوائل 1968 أوضح فيها موقفه من المستوطنات.

وقال ميرون في رسالة مرفقة بمذكرة سرية موجهة إلى السكرتير السياسي لرئيس الوزراء "خلاصة رأيي أن استيطان المدنيين في الأراضي الخاضعة للإدارة يتعارض مع النصوص الصريحة لاتفاقية جنيف الرابعة".

وشرح ميرون الذي يعيش الآن في الولايات المتحدة أسبابه في عدة صفحات، لكنها تلخصت كلها في كون إسرائيل إحدى الدول الموقعة على اتفاقية جنيف التي تحظر نقل مواطنين من دولة الاحتلال إلى الأرض المحتلة.

وكتب يقول "...أي دفوع قانونية سنحاول إيجادها لن تصمد أمام الضغط الدولي الذي سيمارس علينا حتى من جانب الدول الصديقة التي ستؤسس موقفها على اتفاقية جنيف الرابعة".

وأوضح أن السبيل الوحيد الذي يراه ممكنا لإقامة مستوطنات لها مبرراتها القانونية هو أن تكون معسكرات مؤقتة "يقيمها الجيش لا كيانات مدنية" وحتى هذه الحجة قال إنه لا يحبذها.

وفي حين أن المستوطنات كانت في سنواتها الأولى ذات طابع عسكري وفي كثير من الأحيان مؤقتة فإن مشروع الاستيطان يحظى الآن بدعم حكومي كامل، حيث يعيش حوالي 350 ألف مدني في الضفة الغربية، وله كل سمات الدوام.

وأبدى ميرون قلقه، في مقال نشر هذا الشهر في الدورية الأمريكية للقانون الدولي، من "استمرار المسيرة صوب التغيير السكاني المتعنت في الضفة الغربية".

وكتب ميرون يقول في الدورية إن ثمة إدراكًا في المجتمع الدولي أن "الحقوق الإنسانية للفلسطينيين فرادى وحقوقهم بموجب اتفاقية جنيف الرابعة تتعرض للانتهاك".

 أسماء

في أعقاب الحرب لم يغفل الجيش أو رئاسة الوزراء أو وزارة الخارجية أو اللجان المعنية أو السلطات الدينية أي جانب من جوانب استيلاء إسرائيل على الأرض.

وفي مذكرة بتاريخ 22 يونيو حزيران 1967 كتب مايكل كوماي المستشار السياسي بوزارة الخارجية إلى نائب المدير العام للوزارة يقول إنهم بحاجة لتوخي الحذر في استعمال عبارات مثل "الأراضي المحتلة" أو "قوة الاحتلال" لأنها تدعم وجهة نظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وإن السكان المحليين يجب أن يتمتعوا بحقوقهم بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.

وكتب يقول "ثمة بديلان فإما استخدام عبارة أراضي الحكم العسكري أو الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل" موضحًا أنه يفضل العبارة الثانية على الصعيد الخارجي.

وحتى الآن تتحاشى الحكومة الحديث عن الاحتلال وتشير بدلاً من ذلك إلى الضفة الغربية بوصفها "الأراضي المتنازع عليها".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com