بن غفير: تم توزيع 170 ألف قطعة سلاح على الإسرائيليين خلال 8 أشهر
لا تزال إسرائيل مصرّة على الاستمرار في الهجوم، وإلحاق الهزيمة بحركة حماس، والقضاء على قدراتها العسكرية، وإنهاء حكمها لقطاع غزة، ثم تشكيل نظام حكم جديد ينتهي إلى سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع، وتشكيل تحالف دولي للتنمية والإعمار، بينما تقترح أطراف عربية ودولية وقفًا لإطلاق النار، وإنهاء ملف الأسرى، والعودة إلى مسار سياسي لتنفيذ حلّ الدولتين.
وفي تحليله لسيناريوهات هذه الحرب، رجّح الخبير الإستراتيجي في الشأن السياسي الدولي د. رائد نجم في حديث خاص لـ"إرم نيوز": استمرار إسرائيل في حربها مدعومة بالدعم والغطاء السياسيّ الأمريكي الذي ما زال يؤكّد حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها، رغم أن المعركة الحالية يمكن أن تتوسّع وتؤدّي إلى مواجهة إقليمية يمكن أن تتورّط فيها إدارة بايدن بعكس ما تريد، لا سيما وأن انخراطها في حرب في المنطقة يمكن أن يؤثر على فرص بايدن في إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية.
وأضاف، أن التغييرات في المشهدين الأمريكي والدولي تجاه الحرب يمكن أن يُلقي بظلاله، وتؤدي إلى تغيير المواقف، ويفرض وقف إطلاق نار، خاصة إذا طالت مدة المواجهة، وارتفع عدد الضحايا، وزاد الحراك الشعبي العربي والدولي الذي سيضغط على هذه الحكومات لتغيير موقفها، لا سيما إذا توسّع الشارع الإسرائيلي في حراكه ضد حكومته لإطلاق سراح الأسرى والمطالبة بوقف الحرب حال تكبّد جيشه خسائر كبيرة.
سيناريوهات الحرب
يكمل نجم حديثه لـ"إرم نيوز" أنه في اليوم الـ41 للحرب على غزة لا زالت إسرائيل تواصل هجومها البري على القطاع من عدة محاور؛ سعيًا لتنفيذ الأهداف التي وضعتها بعد عملية طوفان الأقصى، والمتمثلة في في تقويض قدرات حماس السلطوية والعسكرية، وإطلاق سراح الأسرى الذين تم احتجازهم أثناء الهجوم على مستوطنات غلاف غزة.
وقد خضع الهجوم البري لعدة محددات، أولها ملف الأسرى الإسرائيليين الموجودين في قبضة حركة حماس، والخسائر الإسرائيلية المتوقعة نتيجة الاجتياح البري، وغياب إستراتيجية إسرائيلية واضحة للخروج من غزة، والشكوك حول قدرة إسرائيل على العمل على جبهتين؛ ما استدعى تدخل الولايات المتحدة لدعم إسرائيل وردع أي طرف إقليمي يحاول فتح مزيد من الجبهات، وتوفير الغطاء لها لإتمام مهمة تقويض حماس وقدراتها في غزة.
وأشار نجم في حديثه الخاص لـ"إرم نيوز" إلى أنه مع ذلك ظلّ المدى الذي ستسمح به أمريكا لإسرائيل بالمضيّ في الحرب البرية من جهة مدتها وعمقها ونتائجها عاملًا ضاغطًا على نتنياهو وحكومة الحرب الإسرائيلية، حيث تدخلت إدارة بايدن في تفاصيل العملية العسكرية، وطلبت إدخال المساعدات، وضغطت من أجل التوصّل إلى هدنة إنسانية في إطار إتمام عملية إطلاق سراح دفعة جديدة من الأسرى الإسرائيليين، كما وضعت إدارة بايدن سيناريوهات ما بعد الحرب أمام حكومة نتنياهو لتقديم رؤية بشأنها، ومثّل كل ذلك إلى جانب عدم رغبة إدارة بايدن بتوسّع الحرب خشية انزلاقها فيها، في ظل عام انتخابي مرتقب بدأ يتفاعل داخليًّا ويؤثر على إدارة بايدن بسبب تصاعد الاحتجاجات داخل الولايات المتحدة المطالبة بوقف إطلاق النار، وتوعّد الجاليات العربية والإسلامية بعدم التصويت لبايدن في الانتخابات القادمة، وتحرّك القاعدة اليسارية التقدمية في الحزب الديمقراطي ضد استمرار الحرب ضد غزة، وهو ما يمكن أن يُضعف فرص بايدن في إعادة انتخابه، كما إن هناك تخوفات لدى الوكالات الاستخبارية من إمكانية حدوث ارتدادات أمنية داخل الولايات المتحدة نتيجة الدعم الأمريكي لحربها على غزة.
المواقف الدولية
وأوضح الخبير نجم أن إمكانية تغير المواقف الدولية مع ازدياد أعداد الضحايا وصور المجازر، خاصة مع ضغط الشارعين العربي والعالمي عاملًا إضافيًّا يمكن أن يضع حلفاء الولايات المتحدة في حالة من الحرج أمام شعوبها، ما يدفعها لتغيير مواقفها حال تصاعد هذه الاحتجاجات لا سيما إذا طال أمد الحرب، واشتدت الكارثة الإنسانية، وارتفعت أعداد الضحايا، علاوة على أن الموقف الدولي سيتمسّك بضرورة العودة للمسار السياسي وتنفيذ حل الدولتين، وهذا يمكن أن يصطدم بالرفض الإسرائيلي، والذي سيؤثر بدوره على المشهد الإسرائيلي وإعادة إنتاج خريطة حزبية جديدة يمكن أن تؤسّس لمسار سياسي جديد.
عوامل الضغط
وأضاف الخبير الإستراتيجي أن محاولات نتنياهو تحميل المستويات الأمنية والعسكرية المسؤولية تشكل عامل ضغط آخرَ على سير الهجوم على غزة، في ظل انحياز بيني غانتس وايزنكوت إلى جانب الجيش وميلهما لتحميل نتنياهو مسؤولية الفشل في الـ7 من أكتوبر.
هذه العوامل تضع نتنياهو في مواجهة متعددة الجبهات مع الإدارة الأمريكية وحكومة الحرب والجيش والمعارضة وأهالي الأسرى إلى جانب المعركة في الميدان وارتفاع الخسائر البشرية التي يمكن أن تحرّك مزيدًا من الاحتجاجات ضده إلى جانب الاحتجاجات المطالبة بإطلاق سراح الأسرى.
وأشار نجم إلى أن هذا يجعل سير العمليات العسكرية عاملًا حاسمًا في تحديد مستقبل هذه الحرب ومدتها، فكلما اقتربت إسرائيل من تحقيق أهدافها يكون عامل مستقبل قطاع غزة هو التالي في الأهمية من حيث إمكانية أن يقود إلى معالجة جذور الصراع، أو إعادة إنتاج الانقسام والانفصال، في ظل قيادة بوظيفة أمنية لملء الفراغ على قاعدة الإجماع الوطني: لا دولة دون غزة، ولا دولة في غزة.
ملف الأسرى
وختم الخبير السياسي الإستراتيجي رائد نجم حديثه لـ"إرم نيوز" بأنه كلما ابتعدت إسرائيل عن تحقيق أهدافها، سيظلّ ملفّ الأسرى حاسمًا ويتقدّم على عامل مستقبل غزة، فلا قيمة لغزو بري دون إطلاق سراح الأسرى، ولا يمكن الحديث عن نصر دون إطلاق سراح الأسرى، كل هذه المحدّدات تضغط على مشهد الحرب، ولكن الواضح أن إسرائيل مستمرة حتى الآن في حربها لإزالة التهديد الدائم الذي يمثّله بقاء سيطرة حركة حماس على غزة، على مستوطنات غلاف غزة في المستقبل، لا سيما مع استمرار الغطاء الأمريكي الذي تبنّته قمة مجموعة السبع، والذي أعطى مشروعية لاستمرار الحرب.