"لوموند": حرب غزة تهدد "المناخ السلمي" بين اليهود والعرب في إسرائيل
انعكست تداعيات حرب غزة بشكل مباشر على ما وصفته صحيفة لوموند الفرنسية بـ "المناخ السلمي المعتاد" الذي قالت إنه كان سائدًا بين اليهود والعرب في مستشفى رمبام بمدينة حيفا.
الصحيفة قالت إن المستشفى الذي يشتهر بـ "بيئته المتناغمة حتى وسط تنوع سكان إسرائيل"، أصبح "يواجه الآن تحولات في الديناميكيات في أعقاب الصراعات الإقليمية الأخيرة"، لافتة إلى أنه يضم اليهود والعرب (بمن في ذلك من المسلمين والمسيحيين والدروز) "بسلاسة".
وأكدت أنه منذ هجوم السابع من تشرين الأول أكتوبر والردود العسكرية اللاحقة، ظهرت تغيرات طفيفة داخل أروقة المستشفى، ما يعكس التوترات الأوسع في البلاد.
وأوضحت "لوموند" أنه رغم سمعة المستشفى في توفير مناخ هادئ، فقد ظهرت "تصدعات دقيقة"، بينما كان مقدمو الرعاية يتنقلون في أعقاب "الأعمال العدائية" الأخيرة.
وقالت: "بينما يواصل معظمهم العمل بجد، والحفاظ على تماسك الفريق، فإن القلق الكامن يتغلغل في خدمات المستشفى".
ولفتت الصحيفة إلى أنه "عند الوصول إلى مستشفى رمبام، يندهش المرء على الفور من انتشار الأعلام الإسرائيلية – الصغيرة والكبيرة، والرايات البسيطة، المعروضة على الواجهة والمدخل، وفي جميع أنحاء الأقسام المختلفة"، مؤكدة أن "هذه الزيادة في عرض العلم ليست فريدة من نوعها في رمبام، ولكنها تعكس الاتجاه الوطني في أعقاب هجمات حماس".
وبحسب الصحيفة، فإن "العلم الأزرق والأبيض، الذي يمثل رسميًّا جميع السكان، يمثل تحديًا لبعض الموظفين العرب الذين يميزون أنفسهم بشكل مختلف تحت هذا الشعار".
وأوضحت أن "الفلسطينيين في إسرائيل، كما يعرّفون أنفسهم، يجدون صعوبة أكبر في مواءمة أنفسهم مع رمز نجمة داود، ونتيجة لذلك، يجد الموظفون العرب في رمبام وغيرها من الأماكن العامة أنفسهم الآن يعملون في ظل هذا الرمز غير المحايد تمامًا".
وبحسب الصحيفة فإنه لمنع المزيد من الانقسام، تؤكد الرواية الرسمية السيطرة على الوضع، رغم الاعتراف بالصعوبة.
وقالت "لوموند" إن "إدارة رمبام ملتزمة بالحفاظ على التوازن الدقيق بين المجتمعات، مع الاعتراف بالمساهمة التي لا تقدر بثمن للعرب الذين يشكلون نسبة كبيرة من مقدمي الرعاية".
وتسلط الأرقام القادمة من قطاع المستشفيات العامة بأكمله الضوء على الوجود الكبير للعرب الإسرائيليين بواقع 25% من الأطباء، و30% من الممرضات، و60% من الصيادلة في عام 2021، وفق الإحصائيات التي نشرتها الصحيفة.
وكشفت "لوموند" أن "الموظفين في المستشفى تلقوا منذ بداية الصراع (حرب غزة) تعليمات مكتوبة لتجنب المناقشات السياسية، بهدف التخفيف من حدة الخلاف المحتمل".
وأضافت: "في الوقت نفسه، تتم مراقبة الشبكات الاجتماعية عن كثب بسبب الجدل الدائر حول الرسائل المنشورة منذ الـ7 من أكتوبر في جميع أنحاء البلاد".
وأكدت الصحيفة أن أصداء التداعيات الأخيرة تتردد؛ ما أثر على الانسجام داخل المستشفيات، التي يُنظر إليها تقليديًّا على أنها معاقل للتعاون بين اليهود والعرب.
وكمثال لهذه التداعيات، أشارت الصحيفة إلى أنه في مستشفى هشارون في بيتح تكفا (شرق تل أبيب)، أثار إيقاف طبيب عربي عن العمل بسبب منشور له على فيسبوك عام 2018 المخاوف؛ ما يعكس تجاهًا أوسع مع ظهور عشرات المحاكمات في إسرائيل.
وأشارت أيضًا إلى أن مستشفى رمبام نفسه واجه مشكلة بسيطة تتمثل في قيام طبيب يهودي بإزالة الأعلام، ما قالت إنه يسلط الضوء على الاستجابات الفردية للتوترات المتصاعدة.
وفي إشارة أخرى لهذه التوترات نقلت الصحيفة عن الممرضة جيني روزنبرغ قولها إنها لاحظت مخاوف المرضى عند التحدث باللغة العربية، ووصفتها بأنها "اللغة المرتبطة بالعدو".
المصدر: صحيفة لوموند الفرنسية