التوتر في الصحراء الغربية يغذي سباق التسلح بين الجزائر والمغرب
التوتر في الصحراء الغربية يغذي سباق التسلح بين الجزائر والمغربالتوتر في الصحراء الغربية يغذي سباق التسلح بين الجزائر والمغرب

التوتر في الصحراء الغربية يغذي سباق التسلح بين الجزائر والمغرب

اعتبر خبراء مغاربة في الشؤون الأمنية والعسكرية أن تركيز المملكة المغربية بشكل كبير على شراء الأسلحة يهدف إلى خلق نوع من توازن القوى مع الجزائر أكبر مستورد للسلاح في أفريقيا، معتبرين أن بقاء بؤرة التوتر بشأن إقليم الصحراء يفسر سباق التسلح بين الجارتين.

ويصر المغرب على منح إقليم الصحراء حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية، بينما تدعو جبهة "البوليساريو"، وبدعم من الجزائر، إلى إجراء استفتاء شعبي، برعاية الأمم المتحدة، لتقرير مصير الإقليم، الذي كانت تحتله إسبانيا حتى العام 1975.

وفضلا عن تداعيات الصراع الصحراوي، فإن طبيعة المنطقة المتغيرة، والشبيهة برقعة الشطرنج، تدفع المغرب والجزائر إلى المزيد من التسلح، لاسيما في ظل بروز منظمات مسلحة عديدة، بعضها عابر للحدود، وضرورة تأمين الحدود الطويلة المشتركة بينهما.

أسلحة بمليارات الدولارات

وفق أحدث تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، الذي صدر مؤخرا، احتل المغرب المرتبة الثانية في لائحة مستوردي السلاح بين عامي 2012 و2016، حيث حازت الرباط على 15% من إجمالي مشتريات إفريقيا من العتاد.

وأوضح التقرير الدولي أن الرباط أنفقت، العام 2015، نحو 3.7 مليار دولار لشراء أسلحة، ما يمثل 3.5% من ناتج المغرب القومي، فيما أنفقت الجزائر 11.3 مليار دولار بين عامي 2014 و2015، مضيفا أن المغرب والجزائر اشترتا أكثر من نصف واردات إفريقيا من السلاح.

فيما أفادت وكالة "الاستخبارات الدفاعية الاستراتيجية" في فبراير/ شباط الماضي، وهي مؤسسة بريطانية غير حكومية، بأن الرباط تخطط لزيادة ميزانيتها للدفاع من 3.4 مليار دولار عام 2017، إلى 3.9 مليار دولار في 2022.

الــf16  مقابل السوخوي

ويسعى المغرب، وفق تقرير الوكالة البريطانية، إلى استيراد أسلحة متطوّرة، مثل الطائرات المقاتلة والسفن الحربية والصواريخ والدبابات والفرقاطات، مضيفا أن المغرب هو ثاني أكبر مستورد للسلاح في إفريقيا بعد الجزائر.

ورغم أن المغرب حافظ على تفوق تسلح تاريخي على الجزائر، إلا أن قدرته على الحفاظ على هذا التفوق تطرح أكثر فأكثر للنقاش، فمثلا بعدما حصل المغرب على مقاتلات "F16" الأمريكية، سرعان ما طلبت الجزائر مقاتلات "سوخوي30" الروسية، ثم "سوخوي34"، التي تتفوق على "F16" في بعض المجالات، ما يعرض بعض المناطق الداخلية للمغرب لتهديد القصف الجوي"، وفق التقرير، الذي أضاف أن "المغرب يتفاوض مع روسيا للحصول على سوخوي34".

إقليم الصحراء

وفق الخبير المغربي في الشؤون العسكرية والإستراتيجية، عبد الرحمن المكاوي، فإن "ارتفاع النفقات الكبيرة للتسلح في كل من المغرب والجزائر يبين أن هناك سباقا للتسلح بين البلدين".

واعتبر أن "ما يغذي سباق التسلح بين البلدين هو التوتر القائم في الصحراء، فكلما عرفت الجزائر أزمة اقتصادية أو داخلية تحاول أن تصدرها إلى الخارج، سواء إلى المغرب أو فرنسا".

وأضاف المكاوي أن "تسلح المغرب يهدف إلى خلق نوع من توازن القوى مع الجارة الجزائر، التي تنفق أموالا طائلة في هذا المجال، إضافة إلى تهديدات الجماعات "الإرهابية"، وغياب الاستقرار في بعض دول المنطقة".

ومضى موضحا أن "بعض دول المنطقة تعرف عدم استقرار، مثل ليبيا التي تشهد انتشارا لأزيد من 4 ملايين قطعة سلاح، وهو ما يهدد دول المنطقة، بما فيها المغرب".

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، قال رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربي، عبد الحق الخيام، إن ليبيا هي مصدر أسلحة خلية "إرهابية" من سبعة عناصر جرى تفكيكها، مضيفا أن هذه الخلية أدخلت الأسلحة من ليبيا إلى الجزائر ثم المغرب.

وبشأن تهديدات الانفصال، قال المكاوي إن "وسائل إعلام دولية نشرت العام 2003 خرائط تشير إلى فرضيات تقسيم العديد من الدول العربية، وهو ما يجعل الكثير من دول المنطقة تلجأ إلى التسلح لمواجهة مثل هذه التهديدات".

وعادة، تتم المصادقة على ميزانية الجيش المغربي في البرلمان بالإجماع، ودون مناقشة، ما يمنح ضوءا أخضر من جميع الأحزاب السياسية، الممثلة في البرلمان، إلى الجيش، الذي يعتبر العاهل المغربي قائده الأعلى، بخصوص شراء الأسلحة.

التنمية أولى من التسليح

قال الخبير المغربي المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية، محمد شقير، إن "المغرب يسعى إلى زيادة ميزانية التسلح والدفاع لخلق نوع من توازن القوى مع الجارة الجزائر، جراء احتمال وقوع حرب بينهما".

وتابع شقير، قائلا إن "الدولتين تحاولان البروز كقوتين في المنطقة، ما يجعل التنافس بينها متصاعدا في العديد من المجالات، بما فيها العسكري، وبقاء التوتر في الصحراء يزيد من سباق التسلح بينهما".

وأضاف " المغرب يعمل على تجديد ترسانته العسكرية، وبينها الأسطول البحري، بالنظر إلى طول سواحله، ما يطرح مشكل التهريب والهجرة غير القانونية، ويؤكد أهمية العمل على التزود بأقمار اصطناعية لتأمين الحدود".

ولفت شقير إلى أن "الرباط تعمل على بناء قاعدة بحرية على البحر الأبيض المتوسط، وتخطط لبناء أخرى على المحيط الأطلسي، فضلا عن التخطيط لشراء غواصات وفرقاطات".

وأوضح أنه "بعدما اقتنى المغرب طائرات ماقتلة من F16، عملت الجزائر على اقتناء مقاتلات سوخوي30 وسوخوي34، لتحقيق نوع من التوازن في العتاد الجوي".

ومنتقدا هذا السباق، قال الخبير المغربي إن "كلا البلدين بحاجة إلى هذه الأموال للتنمية في عدد من المجالات خاصة الاجتماعية".

التسلح يفرضه الواقع

من جانب آخر، قال الخبير الأمني المغربي، محمد أكضيض، إن المغرب "لا يسعى إلى سباق تسلح مع الجزائر، بينما الأخيرة تريد ذلك، وتستمر في رفض فتح حدودها مع المغرب".

وتغلق الجزائر حدودها البرية مع المغرب منذ 23 عاما، ردا على قرار الرباط فرض تأشيرة دخول على الجزائريين، بعد هجوم مسلح استهدف مدينة مراكش المغربية.

واستدرك "أكضيض" قائلا إن "المغرب يعمل على تجديد ترسانته العسكرية للدفاع عن المملكة أمام المشلكة التي تطرحها الجزائر، التي تأوي عناصر من جبهة البوليساريو".

واعتبر أن "أبرز مشكلة أمام الجش المغربي توجد في الجنوب والشرق، مع استمرار التوتر مع الجزائر الداعمة لجبهة البوليساريو".

ورجح أن تستمر الرباط في "زيادة ميزانية التسليح وامتلاك قمر اصطناعي له استعمالات سلمية وعسكرية قريبا بالنظر إلى الحاجة إليه".

واعتبر أن "انسحاب المغرب مؤخرا من منطقة الكركارات يمثل دليلا على عدم رغبته في إذكاء التوتر مع الجزائر والبوليساريو".

وأواخر فبراير/ شباط الماضي، أعلن المغرب انسحابا أحادي الجانب من منطقة الكركارات جنوب إقليم الصحراء، على خلفية دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، المملكة و"البوليساريو" إلى تجنب تصعيد التوتر في المنطقة، بحسب بيان لوزارة الخارجية المغربية.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com