الرسائل الأخيرة.. من تلاميذ الموصل إلى "شهداء" داعش‎
الرسائل الأخيرة.. من تلاميذ الموصل إلى "شهداء" داعش‎الرسائل الأخيرة.. من تلاميذ الموصل إلى "شهداء" داعش‎

الرسائل الأخيرة.. من تلاميذ الموصل إلى "شهداء" داعش‎

نشرت وكالة رويترز، اليوم الإثنين، تقريرًا تضمن رسائل عثر عليها في الأماكن التي تم تحريرها من الموصل على يد القوات العراقية من قبضة تنظيم داعش.

وتضمنت إحدى الرسائل المكتوبة بخط اليد، والتي عثر عليها في القاعات المتربة بمجمع للتدريب تابع لتنظيم داعش في شرق الموصل، الفقرة التالية: "أهلي وعائلتي الغاليين سامحوني بالله عليكم".

وواصل صاحب الرسالة  قائلًا "أقول لكم افرحوا لي بالله عليكم ولا تحزنوا علي ولا تلبسوا ملابس سوداء وأقول لكم إنني طلبت منكم الزواج ولم تزوجوني.. فوالله إنني أتزوج حور العين إن شاء الله."

وبحسب التقرير، كانت تلك العبارات رسالة وداع من التلميذ علاء عبد العكيدي قبل أن ينطلق من المجمع لتنفيذ عملية انتحارية استهدفت قوات الأمن العراقية العام الماضي.

وقد كتبت الرسالة على ورقة رسمية من أوراق التنظيم مطبوع عليها "إدارة الجنود كتيبة الشهداء"، ووضعت في مظروف كتب عليه عنوان بيت الأبوين في الشطر الغربي من الموصل.

وكان العكيدي في سن الخامسة عشرة أو السادسة عشرة عند تجنيده، وانضم إلى العشرات من الشباب الذين تم تجنيدهم استعدادًا لخوض ما وصفته الرسالة بـ "الجهاد".

وعادة ينفذ التلاميذ الأطفال الهجمات الانتحارية التي تمثل أمضى أسلحة تنظيم داعش في مواجهة حملة عسكرية مدعومة من الولايات المتحدة لاستعادة السيطرة على الموصل، آخر معقل رئيسي للتنظيم في مدن العراق .

ساعي البريد غير أمين

ولم تصل الرسالة قط إلى أسرة الطفل، فقد تركت مع حفنة أخرى من رسائل المفجرين الانتحاريين، عندما هجر مقاتلو التنظيم المنشأة أمام هجوم الجيش العراقي، الذي استرد أكثر من نصف المدينة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

كما ترك المتشددون سجلًا مكتوبًا بخط اليد يتضمن التفاصيل الشخصية لنحو 50 مجندًا.

ولم يكن تاريخ الميلاد موضحًا للكل في السجل، كما لم يتم العثور إلا على نحو عشر صور لمجندين استقطبهم التنظيم في سن المراهقة أو في أوائل العشرينيات.

كما تضمنت الوثائق، التي عثر عليها في الشطر الشرقي من الموصل بعد استرداد الجيش للمنطقة، روايات مكتوبة ومصورة لانتحاريين فجروا أنفسهم، كانت تعرض أمام المجندين الصغار لحثهم على الموت في سبيل الأفكار المتشددة.

واجتذب تنظيم داعش آلاف المجندين الشبان في الموصل، أكبر مدينة في دولة الخلافة التي أعلنها عام 2014 على الأراضي الخاضعة لسيطرته في العراق وسوريا.

وقد نفذ التنظيم مئات الهجمات الانتحارية في الشرق الأوسط ودبر عشرات الهجمات في الغرب.

ويتألف مجمع التدريب المذكور من ثلاث فيلات صودرت من سكان في الموصل، وكانت الطوابق السفلى تمتلئ بملصقات التنظيم ومنشوراته عن موضوعات متباينة من الدين إلى الأسلحة، بالإضافة إلى اختبارات عن أساليب الحرب والقرآن.

وكان طلاء أخضر اللون وملاءات أسرة على النوافذ تحجب الرؤية من الخارج وتبث في الغرف وهجًا غريبًا.

وامتلأت إحدى الغرف بسترات للوقاية من الرصاص وبأهداف للرماية على شكل جسم الإنسان، بينما تناثرت أدوية وحقن في غرفة أخرى يبدو أنها كانت تستخدم كعيادة.

وكانت الغرف في الطوابق العليا تمتلئ بأسرة النوم في مساحة تسع نحو 100 فرد، وعلقت لافتات مطبوعة تحدد قواعد المكان، وكتب على إحداها "أخي المجاهد التزم بالهدوء والنظافة."

 البيعة

أغلب المجندين في السجل، الذي عثر عليه في الموصل، عراقيون، غير أن قلة منهم كانت من الولايات المتحدة وإيران والمغرب والهند.

ويوضح البند الخاص بالعكيدي أنه بايع التنظيم في أول ديسمبر/ كانون الأول عام 2014، أي بعد بضعة شهور من سقوط الموصل.

وقال أحد أقارب الطفل: إن والد العكيدي حزن حزنًا شديدًا لقرار ابنه لكنه خشي العقاب إذا ما حاول إخراجه من صفوف التنظيم.

ونادرًا ما كان العكيدي يزور أسرته بعد انضمامه للتنظيم، وفي آخر مرة زار فيها بيت الأسرة قال لوالده إنه سينفذ عملية استشهادية في بيجي التي توجد فيها مصفاة نفطية جنوبي الموصل، حيث كان المتشددون يحاربون لصد هجمات متكررة من الجيش العراقي.

وأكد قريب العكيدي، الذي طلب عدم ذكر اسمه خشية انتقام التنظيم منه "أنه قال لوالده "سأطلب الشهادة‘."

وبعد بضعة أشهر أبلغ المتشددون أسرة العكيدي أنه نجح في مسعاه.

ويتضمن السجل مجندًا آخر اسمه "أثير علي" اقترنت باسمه صورة صبي بحواجب كثة وعينين بنيتين واسعتين وعلى وجهه ابتسامة متحفظة.

وأوضح والده أن ابنه كان تلميذًا من المتفوقين، نبغ في العلوم وكان يتابع على الدوام قناة ناشيونال جيوجرافيك التلفزيونية، ويهوى السباحة وصيد السمك في النهر القريب ويساعد عمه في مزرعة الخضراوات المملوكة له بعد ساعات الدراسة، قبل أن يهرب عام  2015  مع سبعة من زملائه في الدراسة للانضمام إلى معسكرات داعش.

وعندما ذهب والده إلى مكتب للمتشددين في الناحية الأخرى من المدينة لمعرفة مصير ابنه هددوه بالسجن، ولم يرَ ابنه على قيد الحياة بعد ذلك، وبعد بضعة أشهر توقف ثلاثة من مقاتلي التنظيم بشاحنة  أمام بيت عائلة الطفل وأبلغوها أنه قد مات.

وقال الأب إن المقاتلين أبلغوه أن ابنه أصيب في غارة جوية على موقع مدفع مورتر في بعشيقة إلى الشمال الشرقي من الموصل. ووصفوا الابن بأنه "بطل".

"شيت عمر" كان شابًا في سن 15 أو 16 عامًا أيضًا عندما انضم إلى داعش في أغسطس/ آب 2014 بعد أسابيع من سيطرة التنظيم على الموصل، وكتب بجوار بند التسجيل الخاص به "أنه سينفذ عملية استشهادية."

وأكد أحد أقارب عمر أنه مات خلال تنفيذ هجوم انتحاري رغم عدم تأكده من التفاصيل .

وأضاف أن عمر، وهو من حي الانتصار في شرق الموصل، كان وزنه زائدًا ولا يشعر بأمان وانضم إلى المتشددين بعد وفاة والده.

وبين "أن تفكير الشاب كان بسيطًا، فاستغل مقاتلو التنظيم ذلك ووعدوه بالحور العين وعلّموه الإرهاب".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com