ما هي أدوات الرئيس التونسي لعلاج تعقيدات الوضع الليبي؟
ما هي أدوات الرئيس التونسي لعلاج تعقيدات الوضع الليبي؟ما هي أدوات الرئيس التونسي لعلاج تعقيدات الوضع الليبي؟

ما هي أدوات الرئيس التونسي لعلاج تعقيدات الوضع الليبي؟

تباينت آراء محللين سياسيين وخبراء في الشأن الليبي حول الجدوى من الزيارات العديدة التي تشهدها العاصمة التونسية لمسؤولين وفاعلين أساسيين في الوضع الداخلي الليبي، بين التفاؤل بقدرة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على جمع الليبيين على طاولة الحوار، والخروج بتوافق يخرج ليبيا من الأزمة التي تردّت فيها، اعتبارًا للثقة التي يحوزها، وبين التشاؤم بقدرة المبادرة على إيجاد حلول نهائية للوضع الليبي، بناءً على التعقيدات التي يتّسم بها الشأن الليبي، والمطبّات العديدة التي يتحكّم فيها الفاعلون الدوليون.

توفير الظروف الملائمة

وقال الخبير في الشأن الليبي غازي معلّى لـ "إرم نيوز": إنّ الرئاسة التونسية، كما الخارجية، تعملان على الاتصال بمختلف الفرقاء الليبيين والمسؤولين الفاعلين، في إطار  توفير الظروف الملائمة لإنجاح المبادرة، التي يجتمع حولها، إلى جانب تونس، مصر والجزائر.

وأضاف أنّ الزيارات المتكررة لمسؤولين ليبيين، سواء المعلن عنها، على غرار زيارة عبد الرحمن السويحلي، رئيس مجلس الدولة الليبي، ومن قبله رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقريبًا قائد الجيش الليبي خليفة حفتر، إلى جانب لقاءات أخرى بمسؤولين ليبيين من طرف الرئاسة التونسية أو وزارة الخارجية، جميعها تصبّ في مصلحة المبادرة الرئاسية.

مشاركة  جميع الأطراف

وأوضح الخبير معلّى أنّ الرئيس السبسي، يعمل على التواصل مع جميع الأطراف في ليبيا، حتى يحيطهم علمًا، بأنّ الأزمة الليبية، يجب أن تجد الحلول الضرورية، وهذه الحلول لا يمكن أن يفرضها عليهم أي طرف خارجي، وهم وحدهم، عليهم الجلوس على طاولة واحدة، والتوافق حول مصير الشعب الليبي، ومستقبله.

وشدّد معلّى على أنّ الرئيس السبسي يعي جيّدًا حساسية الوضع الداخلي الليبي، وهو ما جعله يعمل لجمع الفرقاء الليبيين، في الشرق والغرب، وكذلك القبائل، وحتى أنصار القذافي، دون أن يقصي أحدًا، لأنّ الإقصاء لا يمكن إلا أن ينهي المبادرة كما بدأت، بدون أن يحقق النتائج المرجوة.

وحول الزيارة المرتقبة للمشير خليفة حفتر، قال الخبير في الشأن الليبي غازي معلّى "المشير حفتر أحد اللاعبين الأساسيين في المشهد الليبي، وضروري جدًّا اللقاء به، وتوضيح أساس المبادرة ومرتكزاتها، والتأكيد على أنّ المشهد الليبي، يتطلب منه، كغيره من الفاعلين، العمل مع بقية الأطراف على إيجاد الحلول لما فيه خير و مستقبل الشعب الليبي.".

قمّة الخطأ

أما الناشط الحقوقي والخبير في الشأن الليبي مصطفى عبد الكبير، فقد اعتبر  في تصريح لـ "إرم نيوز" أنّ هذه الزيارات المتلاحقة لمسؤولين ليبيين "قمة الخطأ"، مدلّلًا على ذلك بأنّ المبادرة "جاءت متأخرة"، بالرغم من أنه يؤكد أنها "أتت متأخرة خير من أن لا تأتي أبدًا"، مشيرًا إلى أنّها "لو جاءت هذه المبادرة قبل سنتين، لكنا قادرين على مساعدة الليبيين على الخروج من المأزق الذي يتخبطون فيه"، لأنّ "حجم المشاكل التي يعاني منها الليبيون كبير جدًا، ونحن غير قادرين على حلّه"، مذكّرًا بنتائج معركة سرت، ومتسائلًا عن المكان الذي تحصّن به بعض الإرهابيين الذين بقوا أحياء، ومنهم خاصة حسن كرامي، وغيره من المتشددين.

وعرّج عبد الكبير على كتائب مصراتة التي كانت تقاتل في سرت، والتي التجأت إلى بعض الحرس الليبي في طرابلس، إلى جانب زيارة محسن مرزوق، الأمين العام لحركة مشروع تونس، ولقائه خليفة حفتر في بنغازي، معتبرًا أنّ ذلك "لا يساعد على دعم المبادرة والمساهمة في إنجاحها بقدر ما يحدث تشويشًا على مسارها." داعيًا إلى ضرورة التنسيق بين جميع الأطراف التونسية، خاصة وأنّ الحديث في ليبيا الآن يشير إلى أنّ الأطراف التونسية، كلّ يريد أن يحقق مكاسب سياسية داخل تونس، على حساب ليبيا، وأكد ذلك تكذيب رئاسة الجمهورية لما صرّح به محسن مرزوق حول لقائه بالمشير حفتر، أو ما ظهر من امتعاض من الرئيس التونسي، في مقابلته الأخيرة على قناة "نسمة" الخاصة، حول تحركات راشد الغنوشي.

وأشار إلى أن محاولة اغتيال عبد الرحمن السويحلي والسراج والناكوع في طرابلس، تشير إلى تدهور العلاقات الليبية الليبية بين الفرقاء، واحتقان الوضع في طرابلس.

بوادر انفراج

من جانبه، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية عبد الرحمن السويحلي "نحن نتفق تمامًا مع ما تقوم به تونس و نثمّن مجهوداتها الرامية إلى إيجاد حلَ للنزاع الدائر في ليبيا".

وأضاف "نحن مستعدون اليوم و أكثر من أي وقت لتوحيد الصف الليبي و القبول بالتعايش مع الآخر باعتباره الخيار الوحيد لتحقيق السلام و تحقيق الاستقرار الذي أصبح حلم الشعب الليبي.".

وشدّد السويحلي خلال زيارته الأخيرة إلى تونس، على أهمية الدعم الإقليمي و دوره في دفع المبادرة التونسية لتحقيقها في أقرب الآجال، داعيًا دول الجوار وكلّ من تربطه مصلحة بليبيا إلى دعوة الفرقاء الليبيين لتقديم كل التنازلات الممكنة والقبول بالحوار الوطني من أجل مستقبل ليبيا.

وأكد في تصريح صحفي، وجود مؤشرات و بوادر انفراج في الأزمة الليبية، من خلال مبادرة تونس، التي تمثل أكبر دليل على قبول الليبيين لمبدأ الاستقرار و تحقيق السلام من أجل التفرغ لإعادة إعمار ليبيا و تثبيت مؤسساتها من جديد و الانطلاق نحو بناء الدولة المدنية الجديدة.

فرص النجاح وعلامات الفشل

ولئن أشار غازي معلّى إلى وجود فرص نجاح للمبادرة، فإنّ مصطفى عبد الكبير أكد أنّها ستفشل نظرًا للتعقيدات التي يتّسم بها الوضع الليبي.

واعتبر معلّى أنّ شعور الليبيين بضرورة إيجاد الحلول لإيقاف الأزمة الليبية سيساهم في حلحلة الوضع، كما أنّ خبرة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، في التعامل مع مثل هذه الأوضاع، ومعرفته بالداخل الليبي، إلى جانب بقائه على مسافة من جميع الأطراف، يمنحه ثقة جميع الأطراف، وهو ما يمنح المبادرة فرصة النجاح، ولو بنسبة ضعيفة، أمام تعقّد النسيج الداخلي الليبي.

في المقابل أشار عبد الكبير إلى أنّ من بين علامات الفشل المحتمل للمبادرة "هناك موقفان يصدران من تونس، بالتوازي، أما من ليبيا فعديد المواقف، وهو ما يعقّد الوضع."، مستدركًا أنّ السويحلي الذي يمثل طرفًا سياسيًّا في ليبيا، وهو الوجه الخلفي للسرّاج "يمكن أن يمثل دعمًا وعنصرًا مساعدًا للمبادرة لترقيع بعض الأخطاء التي ارتكبتها الرئاسة والخارجية التونسيتان".

وكشف عبد الكبير أنّه تمّ الإعلان عن المبادرة التونسية "إنقاذًا لمبادرة كوبلر التي ثبت فشلها، والدليل على ذلك أنّ النقطة الأولى في الاتفاق الذي حصل بين وزراء خارجية تونس والجزائر ومصر تتمثل في أنّ المبادرة هي مكمّلة لحوار الصخيرات، وأساسًا تعديل الفقرة 12".

وشدّد على أنّ حلّ الوضع الليبي "يتطلب إرادة دولية، غائبة حاليًّا، فهي لا تريد الحلّ النهائي للأزمة، لأنّ الجميع يعمل وفق أجندات ومصالح، فالسلاح ينتشر أكثر فأكثر، والإرهاب يتزايد خاصة وأنّ معركة سرت لم تنته كما يجب، والوضع في طرابلس جدّ متأزّم، وفيه الكثير من المطبّات".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com