هل تتحول فكرة "توطين الفلسطينيين في سيناء" إلى واقع؟
هل تتحول فكرة "توطين الفلسطينيين في سيناء" إلى واقع؟هل تتحول فكرة "توطين الفلسطينيين في سيناء" إلى واقع؟

هل تتحول فكرة "توطين الفلسطينيين في سيناء" إلى واقع؟

أثارت تصريحات الوزير الإسرائيلي أيوب قرّا، التي زعم فيها أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، طرح مشروع توطين الفلسطينيين في شبه جزيرة سيناء المصرية، بديلاً عن "حل الدولتين"، على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال لقائهما الأخير، جدلاً واسعاً.

ورغم نفي إسرائيل ومصر رسمياً، صحة ما زعمه الوزير قرّا، إلا أن الفكرة، أثارت مخاوف فلسطينية، بهذا الشأن، خاصة مع وجود مخططات تاريخية قديمة، لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء، وزاد من هذه المخاوف، عدم تمسك الرئيس الأمريكي، ترامب، بحل الدولتين.

وكان أيوب قرّا، وهو وزير إسرائيلي دون وزارة من الطائفة الدرزية، قال في تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن "ترامب ونتنياهو سيعتمدان خطة لإقامة دولة فلسطينية في غزة وسيناء، زاعما وجود موافقة من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي".

ونفى ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية ما سماها "مزاعم الوزير قرّا"، فيما ردت وزارة الخارجية المصرية، قائلة إن "الحديث عن توطين الفلسطينيين بسيناء عارٍ تماماً عن الصحة ولم تتطرق إليه أي محادثات سابقة".

فكرة معقدة

واعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أن التفكير بسيناء بديلاً عن الأراضي الفلسطينية "تفكير سخيف، فسيناء أرض مصرية ولا نسعى لإقامة دولة فلسطين فيها ونرفض التقارير عن هذا الشأن".

ووصف محللون سياسيون فلسطينيون، فكرة "توطين الفلسطينيين في سيناء"، بـ"المعقّدة"، و"غير الواقعية"، وأرجعوا إعادة طرحها هذا العام، إلى تراجع الزخم الإقليمي والدولي تجاه القضية الفلسطينية.

واستبعد المحللون إمكانية تطبيق هذه الفكرة على أرض الواقع في ظل الرفض الفلسطيني والمصري لها، غير أنهم لم يعتبروا ذلك "مستحيلا".

ممارسة القوة

المحلل السياسي عدنان أبو عامر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة قال إن مقترح توطين الفلسطينيين في سيناء "ليس جديداً، وسبق أن تم طرحه في عهد الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر".

واعتبر أن إعادة طرح ذلك المشروع، في هذه الظروف لاسيّما بعد وصول دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، يحمل دلالات خاصة.

وأوضح أبو عامر أن "الرئيس الأمريكي الحالي أعلن تأييده للخطوات الإسرائيلية كافة، وقد تحظى إسرائيل بمساعدة أمريكية لفرض مثل هذه الحلول".

ورغم تأكيده أن تطبيق هذه الفكرة يواجه إشكاليات كبيرة من الناحيتين "القومية والعرقية"، قال إنه قد يحدث بـ"استخدام القوة"، ودون موافقة من الطرفين الفلسطيني والمصري.

وفسر أبو عامر سيناريو "استخدام القوة"، قائلاً: "من الممكن تحقيقها من خلال -مثلا- شن عدوان شرس على القطاع، على إثره يتم تهجير سكان غزة وإزالة الحدود المصرية الفلسطينية".

كل شيء وارد

واتفق مع أبو عامر، المحلل السياسي ناجي شرّاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، في صعوبة تطبيق الفكرة.

وقال للأناضول إن "سيناء جزء من السيادة المصرية التي من الصعب أن تتنازل مصر عنها؛ الفكرة مرفوضة مصرياً وعربياً وفلسطينياً، وهي حدود متعارف عليها فلسطينياً ومصرياً".

ورأى شرّاب أن الحديث عن توطين الفلسطينيين في سيناء، يأتي في إطار فكرة إيجاد حلول للسلام الإقليمي، مضيفاً أنه "من الصعب الجزم بإمكانية تطبيق مشروع توطين اللاجئين في سيناء، من الناحية الواقعية والعقلانية.. إلا أن في السياسة كل شيء وارد".

وأشار شرّاب إلى أن "إسرائيل قد تسعى لمقايضة مصر بمساحات من سيناء تُوهب للفلسطينيين، كي تُضمّ إلى قطاع غزة لإقامة دولة فلسطينية عليها، مقابل إعطاء مصر أراضي من صحراء النقب".

ورأى أن مشروع ضم أراضٍ من سيناء إلى قطاع غزة، قد يأتي وفق آلية دولية جديدة تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط بأكملها.

وتابع شرّاب: "في القرارات الدولية، الفلسطينيون لا يملكون قبول المشاريع أو رفضها، هم فقط يخضعون لما تشرّعه الدول الكبرى"، لافتاً إلى أن مشروع التوطين، قد يكون جزءاً من مشروع السلام الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، وبداية لحل الصراع العربي- الإسرائيلي.

وأضاف: "يدخل في هذا الإطار الحديث عن تنفيذ سياسة السلام مقابل الأرض، فتتنازل مصر عن أجزاء من سيناء، مقابل أراضٍ من النقب، وفق اتفاقية سلام إقليمية شاملة".

ووفق تقرير صادر عن جهاز الإحصاء الفلسطيني، فإن قطاع غزة البالغة مساحته 360 كيلومترا مربعا فقط، من أكثر بقاع الأرض ازدحاما بالسكان، حيث يسجل لكل كيلومتر مربع 4661 فردا.

مصدر القلق

ومن هذا المنطلق، فإن الزيادة الديمغرافية للسكان في قطاع غزة، تشكّل مصدراً للقلق الإقليمي والدولي، للشكل الذي سيكون عليه القطاع في حال وصل عدد سكانه لـ4 ملايين نسمة أو يزيد، بحسب شرّاب.

ونبه شرّاب إلى أنه قد يأتي مشروع توطين اللاجئين كفكرة لتجاوز مشكلة الانفجار الديمغرافي، لاسيّما وأن توسع قطاع غزة باتجاه البحر، لحل تلك المشكلة، بحاجة إلى مليارات الدولارات.

وأردف قائلاً: "يبقى البديل المنطقي التوسع باتجاه سيناء، وكل شيء يبقى وراداً في إطار السلام الإقليمي".

ووصف رائد نعيرات، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بالضفة الغربية، إعادة طرح مشروع "توطين الفلسطينيين في سيناء" بـ"الملهاة السياسية".

وأضاف: "في ظل صعوبة تطبيق الفكرة، فإن الحديث عن هذا المشروع، يأتي في إطار إلهاء صناع القرار عن مشروع حل الدولتين".

ولفت إلى أن تداعيات تطبيق هذا المشروع تبقى مُبهمة، في ظل غياب السيناريو الواقعي لتطبيق هذا المشروع.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com