تراجع "داعش" في الموصل.. تحرك اضطراري أم تكتيك حربي؟
تراجع "داعش" في الموصل.. تحرك اضطراري أم تكتيك حربي؟تراجع "داعش" في الموصل.. تحرك اضطراري أم تكتيك حربي؟

تراجع "داعش" في الموصل.. تحرك اضطراري أم تكتيك حربي؟

خلال أسابيع قليلة من 2014، تمكن تنظيم "داعش" من اجتياح عدد من المحافظات شمالي وغربي العراق والسيطرة عليها، في ظل انسحاب قوات عراقية تقدر بعشرات الآلاف من الضباط والجنود؛ ما أتاح للتنظيم الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة، بما فيها أسلحة ثقيلة.

ومنذ  17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يتراجع مسلحو "داعش" أمام القوات العراقية، التي استعادت من التنظيم السيطرة على مناطق الجانب الشرقي من مدينة الموصل، وبدأت، الأحد الماضي، عملية لاستعادة الجانب الغربي.

هذا التراجع في القدرات التنظيمية والقتالية لتنظيم "داعش"، منذ بدء عملية استعادة الموصل، انقسم بشأنه خبراء عراقيون، فمنهم من يعتقد أنه تحرك اضطراري؛ بسبب ما لحقه من خسائر فادحة، خاصة على مستوى القادة، ولا سيما بفعل غارات التحالف الدولي، ومنهم من يرجح أن "داعش" اختار تأجيل حسم المعارك، ولجأ إلى تكتيك حربي بنقل قادته المميزين وعتاده العسكري إلى الجانب الغربي من الموصل، مركز محافظة نينوى، استعدادًا للمعارك الحاسمة.

ضربات التحالف الدولي

عن وضع "داعش" الراهن، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، عايد حسين الساعاتي، إن "داعش 2017 ليس داعش 2014 من حيث القوة القتالية والإدارة؛ فالتنظيم قبل عامين كان ذو قوة خارقة؛ بفضل ما امتلكه من موارد مالية وقادة ميدانيين على مستوى عالٍ، ومقاتلين أكفاء، فرضوا سيطرتهم على أجزاء واسعة من العراق والمنطقة".

وعند مهاجمة نينوى، في 6 حزيران / يونيو 2014، كانت الموصل الهدف الأول للتنظيم؛ لعلمه أن سيطرته عليها تمكنه من السيطرة على المحافظة بالكامل؛ لما تتميز به المدينة من موقع استراتيجي وبنى تحتية وموارد استراتيجية مهمة.

وبالفعل، بعد سيطرة "داعش" على الموصل بالكامل، في 10 حزيران / يونيو 2014، تمكن خلال أيام قليلة من السيطرة على نينوى بأقضيتها الثمانية ونواحيها البالغ عددها 22 ناحية.

الساعاتي مضى قائلًا للأناضول: "داعش يقاتل بعشوائية، ولا يملك تخطيطًا ميدانيًا كالسابق، فكل مسلح من داعش يقاتل من أجل نفسه إلى أن يتم قتله أو أسره أو يتمكن من الهرب".

وهو تراجع في القدرات، حسب الأكاديمي العراقي، "لم يأت بين ليلة وضحاها، وإنما تحقق بفضل استهداف طيران التحالف الدولي لهيكل التنظيم العسكري، وتدمير بنيته التحتية، وقطع خطوط الإمداد عنه، وإنهاكه بهجمات مستمرة من محاور شتى، ومحاربة الإعلام المحلي والدولي له، وفقدان قاعدته الشعبية، وعزم العالم القضاء عليه".

ومع انطلاق عملية استعادة الموصل، التي يقطنها نحو 1.5 مليون نسمة، وعد رئيس الحكومة العراقية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيدر العبادي، باستعاده المدينة قبل نهاية 2016، لكن المعركة ما تزال مستمرة في 2017.

ووفق الساعاتي فإن "عدم الانتهاء من التوافقات السياسية المحلية والإقليمية والدولية تسبب في تأخر حسم معركة الموصل، ففي مدينة حلب السورية مثلما تم حسم الأمر سريعا باستعادة قوات النظام لمناطق المعارضة بعد حدوث توافق بين الجهات المسؤولة عن حرب دامت أكثر من 5 سنوات".

أعداد قليلة من المسلحين

"أبو هبة"، وهو أحد سكان حي "القدس" المحرر في الجانب الشرقي من الموصل، تحدث عما عاشه من أحداث خلال معارك القوات العراقية ضد "داعش"، وحسب الشاهد العراقي، فإن "عدد مسلحي داعش في الحي لم يتجاوز 17 مسلحًا جميعهم مراهقون، وكانوا خائفين ولا يعرفون ماذا يفعلون".

وأوضح أن "عناصر داعش كانوا يغيرون ملابسهم كل ساعتين، ليظهروا بمظهر جديد، على أمل أن يوهموا الأهالي بأن عدد المسلحين كبير؛ لمنع الأهالي من الانتفاضة ضدهم".

وأضاف "أبو هبة" أن "القوات العراقية عندما قررت اقتحام حي "القدس"، لم تستغرق سوى ساعتين لتطهيره بالكامل، ورفع العلم العراقي فوق مبانيه الحكومية".

وأشار إلى أن "جميع عناصر داعش، الذين يصرون على القتال، أعمارهم صغيرة جدًا، ويعرفون أن مصيرهم الموت، ولا سبيل آخر أمامهم بعد أن وقعوا في ورطة الانتماء لهذا التنظيم الإرهابي".

 استعدادا لمعارك مقبلة

على الجانب الآخر من قراءة مشهد "داعش"، ووفق الناشط المدني، إبراهيم الهاشمي، فإن مفاجأة معارك الجانب الشرقي من الموصل المحرر، الشهر الماضي، كانت "اعتماد التنظيم خلال مواجهة القوات العراقية على عناصره من المحليين، والاحتفاظ بعناصره من الأجانب، وهم الأكثر خبرة وكفاءة في القيادة والقتال.. لا، بل ونقل الأجانب إلى الجانب الغربي من المدينة مع عائلاتهم".

الهاشمي أوضح أن "التنظيم يؤجل حسم المعارك إلى إشعار آخر؛ لذا يحتفظ بعناصره البارزة للمواجهات القادمة، خاصة في الجانب الغربي من الموصل، وقضاء تلعفر (65 كلم غرب الموصل)".

وتابع أن "التنظيم، ومنذ نهاية كانون الأول / ديسمبر 2016، يخطط لمعارك أخرى يحاول الظهور فيها بمظهر جيد، ويثبت من خلالها أنه ما يزال يتمتع بالقوة".

وأضاف أن "جميع المقاتلين الذين كانوا في الأحياء الشرقية من الموصل هم وحدات عرقلة لا أكثر، ولا يستطيعون شن هجمة منظمة على القوات الأمنية".

وعن الموعد المرجح لاستعادة مدينة الموصل بالكامل من "داعش"، أجاب الهاشمي بأن "معركة الموصل تتسم بالتعقيد، ولا يمكن التنبؤ بموعد حسمها.. المدينة بحاجة إلى شهور عدة قبل إعلان خلوها من مسلحي داعش، وإلى شهور أخرى قبل الإعلان عن نينوى محافظة خالية من الإرهاب".

وفي 24 كانون الثاني / يناير الماضي، أعلنت القوات العراقية تحرير الجانب الشرقي من الموصل، بعد أكثر من 100 يوم من القتال، لكنها تكبدت خسائر بشرية ومادية لم تعلن عن حجمها.

وبعد نحو شهر من توقف القتال، انطلقت، أول من أمس الأحد، عملية استعادة الجانب الغربي، ورغم أن هذا الجانب لا يمثل سوى 40% من مساحة الموصل، إلا أنه الأكثر كثافة سكانية، ويضم 800 ألف نسمة لم يتمكنوا من الفرار، وتتميز أحياؤه القديمة بأنها ضيقة؛ ما يجعلها مناسبة لحرب الشوارع، فضلا عن أن هذا الجانب يضم مقرات ومؤسسات مهمة، مثل مقر المحافظة، والمطار المدني.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com