عناق الفساد و"الإرهاب".. الصومال تستعد لانتخابات رئاسية من "الأكثر تزويرا في العالم"
عناق الفساد و"الإرهاب".. الصومال تستعد لانتخابات رئاسية من "الأكثر تزويرا في العالم"عناق الفساد و"الإرهاب".. الصومال تستعد لانتخابات رئاسية من "الأكثر تزويرا في العالم"

عناق الفساد و"الإرهاب".. الصومال تستعد لانتخابات رئاسية من "الأكثر تزويرا في العالم"

تستعد الصومال، التي تعاني من عدم وجود حكومة مركزية فاعلة منذ أكثر من 25 عامًا، هذا الأسبوع، إلى إجراء انتخابات رئاسية، وصفها مسؤولون أمميون بأنها "علامة فارقة".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن محللين ودبلوماسيين غربيين قولهم إن هذه الانتخابات تحوّلت إلى "مَعْلَم من معالم الفساد" وإنها أحد الأحداث السياسية الأكثر تزويرا واحتيالا في تاريخ الصومال، علما بأن الأخيرة صنفت على أنها الدولة الأكثر فسادًا على وجه الأرض، وفق تقرير منظمة الشفافية الدولية.

وأشارت الصحيفة إلى قيام العديد من الساسة الصوماليين بإنفاق آلاف الدولارات لشراء أصوات الناخبين، بينما يقوم مرشحون آخرون برشوة أو إكراه أشخاص "مجهولين"، على الصعيد السياسي، للترشح ضدهم من أجل إظهار الانتخابات على أنها نزيهة وعادلة.

ويقدّر مسؤولون صوماليون أن ما يقرب من 20 مليون دولار تم إنفاقها خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة لشراء أصوات الناخبين، مبينين أن أعضاء هذا البرلمان سيختارون الرئيس القادم يوم الأربعاء المقبل.

وبحسب الصحيفة، هناك العديد من القوى الخارجية، مثل تركيا والسودان، قامت بدعم مرشحين رئاسيين في الصومال، من أجل الفوز بصفقات تجارية ونشر التطرف أو التجسس على الولايات المتحدة.

الدماء والثروات

ووصف تقرير "نيويورك تايمز" العملية الانتخابية برمتها بأنها "سيئة للغاية"، ونقلت عن محللين قولهم إن ميليشيات حركة الشباب، التي تعتبر أحد المنظمات الأشد عنفًا في العالم، لم تحاول عرقلة عملية التصويت، لـ"تحسين صورتها" مقارنة بالفساد الذي يعم العملية السياسية في البلاد.

وقال مدير منظمة مكافحة الفساد الصومالية، محمد مبارك: "هذه الانتخابات رائعة بالنسبة لحركة الشباب، لأن الحكومة قد تفقد المزيد من شرعيتها وأصبحت لدى الحركة فرصة لشراء مِقعد فيها".

وعلى مدى عقود سكب العالم الدماء والثروات داخل الصومال أكثر من أي مكان آخر خارج العراق وأفغانستان، إذ أدى الخلل السياسي في الصومال إلى معاناة الشعب بشكل كبير وهذه المشاكل قد تعدت حدود الصومال نفسها.

قراصنة القرن 21

وكانت الولايات المتحدة قد عززت من تواجدها العسكري في الصومال، أخيرا، حيث ترى فيها تهديدًا أمنيًا خطيرًا، بحسب الصحيفة، التي أشارت إلى أن أمراء الحرب قاموا بتجويع شعبهم ما دفع آلاف الصوماليين إلى الفرار إلى البلدان المجاورة والعديد من بلدان العالم، فيما قتلت حركة الشباب مئات الأبرياء من ضمنهم مواطنين غربيين عبر منطقة شرق أفريقيا، ومن بين هؤلاء "قراصنة القرن الحادي والعشرين" الصوماليين الذين اختطفوا التجارة العالمية بمجموعة من الزوارق البالية، على وصف الصحيفة.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين عسكريين أمريكيين وأوروبيين وأفارقة قولهم إن "القوة العسكرية وحدها لن تحل هذه المشاكل، لكن الحل الوحيد يتمثل في تفعيل دور الحكومة الصومالية واستجماع قواها وتوفير بديل للفوضى".

وحتى قبل وصف هذه الانتخابات بـ"الفاسدة" كان الصبر قد نفد، والآن وبعد أن أصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة بشعاره المشهور "أمريكا أولاً" أصاب العديد من الدبلوماسيين وعمال الإغاثة القلق من أن يهاجمهم ترامب بعد أن قضوا سنوات عديدة وهم يحاولون مساعدة الصومال.

وكان ترامب قد أدرج الصومال ضمن الدول السبع التي تم حظر مواطنيها من الحصول على تأشيرة دخول الولايات المتحدة ويشي البعض من أن ذلك الحظر سيخفض المساعدات الإنسانية، فيما يعتقد العديد من الخبراء الصوماليين أن هذا القرار لن يؤدي إلا إلى زعزعة استقرار البلاد لاحقًا وزيادة الفوضى التي جعلت من الصومال تهديدًا إرهابيًا عالميًا.

ويقول عمال إغاثة إن هذا الوقت سيكون عصيبًا إذا ما تم خفض المساعدات التي تصل إلى الصومال وذلك لأن البلد قد يواجه مجاعة أخرى.

"دولة وهمية"

منذ العام 1991 والصومال تنتقل من أزمة إلى أخرى وذلك عندما تفككت الحكومة المركزية وأصبحت البلاد ممزقة بين زعماء العشائر وأمراء الحرب الذين أدخلوا البلاد في مجاعة.

ومنذ ذلك الحين تم الاعتراف بتوليفة مختلفة من أمراء الحرب والتكنوقراط والإسلاميين كحكومة رسمية، على الرغم من عدم سيطرتهم على مناطق كثيرة أو تقديمهم لأية خدمات أو الحفاظ على أمن البلاد.

وما تزال حركة الشباب، مصدر خطر لا يمكن إيقافه؛ ففي أواخر كانون الثاني / يناير وفي غضون ثلاثة أيام قام مقاتلو الحركة بتفجير قنبلتين كبيرتين في مقديشيو ما تتسبب في مقتل العشرات من قوات حفظ السلام التي كانت تبعد عن مكان الانفجار مئات الأميال.

وقال عبد الرحمن عبد الشكور وارسام وهو وزير سابق وأحد المرشحين لمنصب الرئاسة: "لا تملك الحكومة الصومالية أية سلطة أو دعم شعبي فهي مجرد دولة وهمية".

وقبل بضع سنوات قام العديد من الداعمين الرئيسين للصومال، كالولايات المتحدة وبريطانيا والسويد وإيطاليا، بوضع خطة لإجراء انتخابات صومالية، ويقول العديد من الدبلوماسيين الغربيين إنهم شعروا بضغط من حكومات بلادهم لإظهار الصومال بعد الأموال الكثيرة التي تم استثمارها هناك في صورة أفضل.

لكن تهديد حركة الشباب يجعل عملية إجراء انتخابات شعبية أمرًا صعبًا في العديد من المناطق الصومالية، ولذا قام الغربيون بدعم عملية تصويت محدودة تعتمد على العشائر التقليدية في الصومال.

مجتمع صالح في دولة فاسدة

وبينما يتحدث تقريبًا جميع الصوماليين لغة وثقافة وعرقًا واحدًا، إلا أن المجتمع الصومالي منقسم إلى عدد هائل من العشائر التي تعتمد على صلات النسب، وقد أصبحت هذه الانقسامات العشائرية الوحدات السياسية المعترف بها تقريبًا مثل مناطق الكونغرس.

ولا يعتبر فساد الانتخابات العشائرية أمرًا جديدًا في الصومال، فوفقًا للعديد من الباحثين عندما تم اختيار الرئيس حسن شيخ محمد في العام 2012 تلقّى زعماء العشائر مبلغ 5 آلاف دولار كرشوة لاختيار ممثل العشيرة في البرلمان.

لكن هذه المرة بدلا من أن يقوم زعماء العشائر باختيار كل الممثلين قام الدبلوماسيون الغربيون بالدفع لكي تصبح العملية الانتخابية أكثر شمولية عن طريق قيام 51 مندوبًا من كل عشيرة باختيار أعضاء البرلمان البالغ عددهم 275.

ويعتقد الدبلوماسيون الغربيون بأن وجود 51 صوتًا بدلاً من صوت واحد من شأنه أن يجعل عملية الرشوة أكثر صعوبة، لكنهم الآن يقولون إنهم كانوا مخطئين.

من يد ليد

وقال عبد الرزاق فرتاج وهو مسؤول حكومي صومالي سابق إن نظام الانتخابات الجديد أدى إلى تضخم الفساد.

وأضاف أن كل مرحلة كانت ملتوية ولم تسر بشكل سليم بل وصل ثمن بعض المقاعد البرلمانية مليون دولار.

وتابع فرتاج: "صمم المجتمع الدولي على إجراء انتخابات بأية طريقة، وهذه هي النتيجة فقد أصبح الوضع مثيرًا للشفقة".

في الأشهر الأربعة الأخيرة انتهت العشائر من المؤتمرات الحزبية الخاصة بهم وحلف كل من أعضاء البرلمان وأعضاء مجلس الشيوخ اليمين الدستورية.

لكن هناك أكثر من 10 مشايخ صوماليين قالوا في مقابلات إنهم دفعوا أو تلقّوا رشاوى.

وقالوا إنهم قد يتعرضون للقتل إذا كشفوا عن الطريقة التي تتم بها عمليات الرشوة.

ويقول الدبلوماسيون الغربيون إنهم قد صمموا نوعا من إجراءات التفتيش مشابهة لتلك المستخدمة في تأمين المطارات وذلك لفحص كل الأعضاء البرلمانيين الذين سيدلون بأصواتهم للتأكد من عدم حملهم هواتف محمولة أثناء تواجدهم أمام صندوق الاقتراع.

والسبب في منع الهواتف المحمولة هو أنه يمكن لأحد الأعضاء تصوير ورقته الانتخابية للحصول على مزيد من الأموال.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com