مشاركة الأمن والجيش بانتخابات تونس.. تسييس أم حق دستوري؟
مشاركة الأمن والجيش بانتخابات تونس.. تسييس أم حق دستوري؟مشاركة الأمن والجيش بانتخابات تونس.. تسييس أم حق دستوري؟

مشاركة الأمن والجيش بانتخابات تونس.. تسييس أم حق دستوري؟

لم تنه مصادقة البرلمان التونسي على حق عناصر الأمن من الجيش والشرطة التصويت في الانتخابات البلدية (المحلية)، المقرر إجراؤها قبل نهاية العام الجاري، الجدل الدائر حول تلك المشاركة بين من يحذر من خطورتها على استمرار التجربة الديمقراطية و"تسييس" المؤسستين الأمنيتين، وبين من يعتبرها "حقًا دستوريًا" للمنتمين إليهما لا يجب إقصاؤهم.

وصادق البرلمان التونسي، الثلاثاء، على قانون الانتخابات البلدية بموافقة 139 صوتًا وتحفظ 22، ودون رفض (من مجموع 217 مقعدًا)، فيما صادق 144 نائبًا على بند يسمح بمشاركة القوات المسلحة في الانتخاب ومعارضة 11 نائبًا وتحفظ 30.

ويسمح القانون للقوات المسلحة بـ"التصويت في الانتخابات البلدية دون سواها، ولا يمكنهم الترشح للانتخابات، ولا يشاركون في الحملات الانتخابية والاجتماعات الحزبية وكل نشاط له علاقة بالانتخابات، ويعزل كل عسكري أو أمني يشارك في الأنشطة المذكورة بقرار لمجلس الشرف أو التأديب بعد السماح له بممارسة حقه في الدفاع".

وأكد العميد المتقاعد بالجيش التونسي مختار بن نصر، أن "مركز تونس للأمن الشامل (مستقل) الذي يترأسه وجمعية قدماء معهد الدفاع الوطني (مستقل) التي تضم عسكريين متقاعدين ومدنيين من رتب عليا ووزراء دفاع ورؤساء حكومات سابقين، اجتمعوا السنة الماضية وأصدروا بيانًا يطلبون فيه تأجيل الحق الانتخابي بالنسبة للقوات المسلحة باعتبار أن التجربة الديمقراطية في تونس ما زالت تجربة ناشئة ولإبعاد القوات المسلحة عن التجاذبات السياسية".

وأضاف بن نصر أن "قدماء العسكريين وجهوا نصائح للسياسيين حول خطورة تسييس الجيش والأمن"، مشيرًا إلى أن "الفصلين الـ 18 والـ19 من الدستور ينصان على أن المؤسستين الأمنية والعسكرية عليهما القيام بواجبهما في إطار الحياد التام".

ولفت إلى "وجود مخاوف من إمكانية حضور الأمنيين والعسكريين الاجتماعات السياسية بما قد يتسبب في شق صفوف المؤسستين وعدم الانضباط وضرب الوحدة الوطنية والأمن الجمهوري"، داعيًا إلى "تشديد المراقبة في الانتخابات المقبلة".

وذكر أن "العديد من الصعوبات تعترض مشاركة العسكريين في الانتخابات ذلك أنهم يعملون في مناطق مختلفة بالبلاد وهو ما يستوجب منحهم إجازة ثلاثة أيام على الأقل لتمكينهم من الاقتراع في مناطقهم الأصلية، وهو ما سيجعل الثكنات فارغة، لذلك على المؤسسة العسكرية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمينها".

كما أن "هويات العسكريين تحمل عنوان وزارة الدفاع التونسي ولا تحمل عناوينهم الشخصية وبذلك لا يمكن معرفة الجهة التي سينتخب بها الجندي وفي ذلك صعوبة كبيرة".

بدوره، قال آمر الحرس الوطني السابق (فرقة أمنية تابعة لوزارة الداخلية)، منير الكسيكسي، إن "الجيش والأمن يمثلان عنصر حياد كبيرًا، تميزا به حتى عند الثورة فقد كانا بعيدين عن التجاذبات السياسية".

وأوضح أن "مشاركتهم (العسكر) في الانتخابات تطرح إشكالاً لوجستيًا من حيث طريقة العمل وتوقيته تزامنًا مع أيام الانتخابات ومشاركتهم فيها".

على خلاف ذلك، لا يرى الخبير في القانون الدستوري أمين محفوظ "مانعًا دستوريًا أو قانونيًا من مشاركة القوات المسلحة".

وأقر بأن "الانتخاب هو مسألة خيارات ومن حقّهم الانتخاب وحيادهم لا يمنعهم من اختيار من يمثّلهم في المجالس المحلية".

ودعا محفوظ "هيئة الانتخابات (دستورية مستقلة) إلى اتخاذ كل الإجراءات لتمكين القوات المسلحة من ممارسة حقهم الانتخابي"، معتبرًا أنه "لا خوف على تونس من هذه المشاركة".

وبين أنه "لا يوجد من الناحية الدستورية أي إشكال في مشاركتهم، وأن الفصلين الـ 18 والـ19 لا يمثلان عائقًا أمام تلك المشاركة".

واعتبر أن "إقرار حق القوات المسلحة في الانتخاب فيه تقدم بالنسبة لتونس مقارنة مع الفترة السابقة (ما قبل الثورة)".

من جهته، اعتبر رئيس جمعية آفاق للأمن الداخلي والديوانة (مستقلة)، سيف الله الهيشري، أن "القانون الذي صادق عليه البرلمان فيه عدة خروقات (تجاوزات) إذ كان من المفروض منح الأمني صفة الناخب في جميع العمليات الانتخابية المحلية والتشريعية والرئاسية، وإقرار حقه في الترشح أيضًا".

وعلى مستوى البرلمان، قال رئيس كتلة حركة النهضة في البرلمان، نور الدين البحيري، إن "الكتلة صوتت بالموافقة على إشراك الأمنيين والعسكريين في الانتخابات، والتصويت كان خيارًا جماعيًا وتشاركيًا بين الحد الأدنى من المجموعات السياسية في البرلمان".

واعتبر البحيري أن "هذا التصويت يصبّ في مصلحة البلاد وتطبيق الدستور واستكمال بناء الدولة الحديثة، وتعجيل الانتخابات البلدية".

ولم يخف البحيري مخاوفه من أن "تستغل بعض الأطراف أو أن تعمد بعض الأحزاب (لم يذكرها) التي لا تراعي المصلحة الوطنية مشاركة القوات المسلحة في الانتخابات لإرباك الأوضاع بهدف تعطيل استكمال المسار الانتقالي في تونس"، بحسب "الأناضول".

وأردف قائلاً: "ثقتنا في قواتنا المسلحة كبيرة بأن يجعلوا هذه المشاركة إضافة ايجابية لفائدة الديمقراطية ووحدة الوطن".

وبحسب تقديرات رسمية، فإن عدد قوات الأمن بتونس في الجيش والشرطة يبلغ نحو 100 ألف عنصر.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com