"القواعد العسكرية" تفسد شهر العسل بين  مصر وروسيا
"القواعد العسكرية" تفسد شهر العسل بين مصر وروسيا"القواعد العسكرية" تفسد شهر العسل بين مصر وروسيا

"القواعد العسكرية" تفسد شهر العسل بين مصر وروسيا

لم يعد ما تشهده العلاقات بين موسكو والقاهرة في الأشهر القليلة الماضية يندرج تحت مجرد بند "عودة الدفء" أو التقارب المتسارع في خطواته، وإنما بوادر تحالف استراتيجي يعيد تشكيل خارطة نفوذ القوى الدولية والإقليمية في الشرق الأوسط.



ووصل الأمر ذروته بإعلان الخارجية المصرية عن توجيه دعوة مكتوبة إلى الرئيس فلاديمير بوتين لزيارة مصر قريباً، لكن فجأة ظهر على السطح ما عكر صفو هذا التحالف المرتقب من خلال التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى صحيفة روسكايا جازيتي وقال فيه: "روسيا تسعى إلى إقامة قاعدة عسكرية بحرية على الأراضي المصرية لأن هذا يتيح لنا تقييم الأوضاع في منطقة البحر الأبيض المتوسط".


هذا التصريح كان وقعه مدوياً في القاهرة، فقد وضع القيادة المصرية في حرج بالغ -دون قصد بالطبع- وأصبح لسان حالها يقول: "لا يا من ستصبح حليفي!" وعلى الفور سارعت الخارجية المصرية إلى الإعلان عن أنها تجري اتصالات مكثفة مع موسكو لبيان أبعاد هذا التصريح المفاجئ.

ولم تمض سوى ساعات حتى كان المتحدث الرسمي باسم الوزارة السفير بدر عبد العاطي يؤكد أن تصريح لافروف تم فهمه بصورة غير دقيقة وأن مصر لم تتباحث مع روسيا في هذا الأمر.

ودخل المتحدث الرسمي للقوات المسلحة على الخط ليؤكد على تمسك مصر بسياسة رفض إقامة قواعد عسكرية أجنبية على التراب الوطني، وعاد عبد العاطي ليؤكد أن لافروف كان يقصد حصول بلاده على تسهيلات استثنائية لدى عبور قطعها الحربية قناة السويس وهو الامتياز الذي يحظى به الأمريكيون وحدهم الآن.

الانزعاج المصري من هكذا تصريح له أسبابه، ففكرة إقامة قواعد عسكرية للروس على الموانئ المصرية تفسد أحد أهم ملامح شرعية ثورة 30 يونيو وهو استقلال القرار الوطني.

كما أنها تعطي تنظيم الإخوان ورقة جديدة يستخدمها في التشهير بالنظام القائم وهو ما بدأ أنصار الجماعة يروجون له بالفعل، فضلاً عن أن أحد الاتهامات "الجنائية" القادمة لمرسي هو الاتفاق سراً مع واشنطن على إقامة قواعد عسكرية أمريكية في رأس بناس على البحر الأحمر، فكيف يأتي نظام 30 يونيو ويفعل ما اتهم به الرئيس المعزول؟

أيضاً لا ننسى أن أحد دعائم السيادة الوطنية منذ ثورة يوليو 1952 هو رفض قواعد عسكرية أجنبية مهما كانت الضغوط حتى بات الأمر يشكل ما يشبه واحداً من ثوابت العقيدة القتالية للجيش المصري والرؤية الإستراتيجية لقادته.

واللافت أن محاولة استرضاء المصريين لم تأت من جانب سيرغي لافروف حتى الآن وإنما عبر نائبه ميخائيل بوجدانوف حيث لم ينف في لقائه بالسفير المصري بموسكو محمد البدري تصريحات لافروف وإنما حرص على التأكيد على احترام بلاده للسيادة المصرية وتفهمها لرفض المصريين قواعد عسكرية أجنبية.

والسؤال الآن: ماذا كان يدور في ذهن لافروف وهو يدلي بهذ التصريح؟ المؤكد أن ثعلب الدبلوماسية الروسية المحنك لم يقدم على ذلك اعتباطاً، وهو على يقين من حساسية المصريين وحذرهم تجاه هذا الملف.

وبالتالي، فالرسالة التي ينطوي عليها التصريح موجهة على الأرجح إلى خصمه اللدود ممثلاً في واشنطن على خلفية معركة النفوذ التي اشتعلت بين الطرفين في الشرق الأوسط مؤخراً، لا سيما وهو يعلم أن إنشاء قاعدة عسكرية في مصر هو "الحلم الأمريكي المستحيل" منذ تولي مبارك الحكم قبل ثلاثين عاماً.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com