logo
العالم العربي

لبنانيون عائدون من السودان.. يروون تجربة الهروب من الرصاص

لبنانيون عائدون من السودان.. يروون تجربة الهروب من الرصاص
26 أبريل 2023، 12:43 م

حاول حسان عطية أن يهدئ من روع طفله الصغير "أمير"، البالغ سنة ونصف، بالقول إن دوي الرصاص والقذائف العابرة فوق مكان إقامتهما في "الطايف الخرطوم"،  ليس سوى أصوات مفرقعات وألعاب نارية.

قد تكون هذه المبررات تتالت هي الأخرى على مسامع الأب في طفولته، خلال الحروب المتوالدة التي عاشها لبنان.



ويروي العائدون والناجون من الحرب في السودان قصصًا من الرعب، لم تقتصر فقط على الخوف من الموت الداهم، وإنما كذلك من حصار النار الذي استجلب انقطاعًا في المواد الأولية الأساسية، من غذاء ودواء إلى حليب الأطفال، والانقطاع المتزامن للماء والكهرباء والمحروقات.

كان حسان وعائلته الصغيرة يستعدون لقضاء عطلة عيد الفطر في لبنان، قبل اندلاع شرارة الحرب.



ويروي المهندس اللبناني الذي قصد  السودان للعمل بفعل ضيق الفرص في وطنه، لـ "إرم نيوز"، أنه كان في موقع عمله حين بدأ يسمع إطلاق الرصاص "وكأنه تسونامي حقيقي، أقفل الجيش الشوارع واستحال على الناس الوصول إلى بيوتها، وعلق العمال في الورش.. لم نكن نتوقع أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة".

ويتابع حسان: "كان همي الأساسي الوصول إلى عائلتي، لأن منزلنا يقع في شارع يشكل نقطة تماس بين الجيشين المتقاتلين.. عشنا في ظروف صعبة مع انقطاع الماء والكهرباء وكل ما هو أساسي وحيوي وصولًا إلى حليب الأطفال، وهذا الأمر تخطى القدرة على التحمل مع وجود طفل في العائلة".

قرر حسان إجلاء عائلته من "الطايف الخرطوم" رغم المخاطر، بعد أن فرغت من قاطنيها، لصعوبة ظروفها وموقعها، وكانت الوجهة منطقة "الكلاكلة" التي كانت تعتبر أكثر أمانًا.

بعد محطة " الكلاكلة"، بدأ حسان ولبنانيون آخرون التواصل فيما بينهم، ومن ثم مع السلطات اللبنانية في سبيل إجلائهم، حتى نضجت الظروف واكتملت الإستعدادات لذلك، إذ استعان لبنان في عمليات الإجلاء التي لم تنجز بعد بشكل نهائي بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وفق وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب.

قطع حسان وعائلته ردحًا من الطريق المؤدي إلى بر الأمان باتجاه بورت سودان بوسيلة "التوك التوك" بعد انقطاع سيارته من مادة البنزين.

ومن " كلاكلة" إلى فندق سلام روتانا كانت الرحلة بالغة الخطورة، فكيف إذا تمت عبر "التوك التوك"؟

يقول حسان لـ"إرم نيوز" لقد "جازفنا بأرواحنا ووصلنا إلى فندق سلام روتانا، بعدها تجمعنا في قافلة من اثنين  وخمسين شخصًا إلى بورت سودان التي تبعد نحو 950 كلم، من ضمنها 350 كلم كان يسودها الخطر، مررنا على حواجز أقامها الجيشان المتقاتلان، ولم يتعرض لنا أحد من الجانبين بأية إساءة".



وشكلت بورت سودان نقطة العودة إلى لبنان على متن سفينة حربية سعودية، نقلت اللبنانيين إلى جدة، حيث استقبلوا بحفاوة، وتم تأمين عودتهم إلى بيروت على دفعتين، الدفعة الأخيرة وصلت فجر اليوم الأربعاء، وكان في عدادها حسان عطية وزوجته وطفلهما "أمير".

عاد حسان بذاكرة قد تكون أشبعت بصور الحرب وأصواتها،  بنسختها السودانية هذه المرة، ولم يفلح في درئها عن مسامع وأنظار طفله كما يحاول اللبنانيون الذين تكبدوا ويلات الحروب أن يعدوا به أولادهم وأحفادهم.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC