الدب الروسي يستعيد "الجبهة المصرية" و"العم سام" يتراجع
الدب الروسي يستعيد "الجبهة المصرية" و"العم سام" يتراجعالدب الروسي يستعيد "الجبهة المصرية" و"العم سام" يتراجع

الدب الروسي يستعيد "الجبهة المصرية" و"العم سام" يتراجع

عندما تولى فلاديمير بوتين الرئاسة رسمياً في روسيا عام 2000، لم يتردد في وصف انهيار الاتحاد السوفيتي بأنه "أسوأ كارثة جيو- إستراتيجية في القرن العشرين" وعندما انعقد مؤتمر الأمن الدولي بميونخ 2007، أفصح الرجل عن نواياه أكثر قائلاً: "موسكو غير راضية عن سياسة واشنطن إزاء أهداف روسيا القديمة وترفض سياسة الانفراد الأمريكي بتقرير مصير العالم".



كان الضابط القادم من جهاز الاستخبارات ذائع الصيت "كي جي بي" يتملكه الغضب إزاء تدهور نفوذ بلاده ويرنو لاستعادة مجدها القديم، لكنه كان واقعياً أيضاً ويعرف أن أوروبا الشرقية لم تعد منطقة نفوذ تقليدي للدب الروسي كما كان الحال أيام حلف وارسو، وبالتالي عليه أن يركز أكثر على استعادة ما أمكنه في منطقة نفوذ أخرى قديمة لا تقل أهمية، إن لم تكن تزيد، وهي الشرق الأوسط وفي القلب منه مصر.

والمتابع لتفاعلات العلاقة بين القاهرة وموسكو مؤخراً يدرك أنها لم تعد مجرد ورقة تلوح بها مصر لواشنطن رداً على قطع الولايات المتحدة للمساعدات العسكرية، وإنما تتبلور سريعاً ملامح "تحالف استراتيجي" بين البلدين يتجاوز فكرة معاقبة طرف ثالث أو تهديده.

ولعل هذا بالضبط ما كان يقصده المتحدث باسم الخارجية الروسية في معرض تعليقه على زيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين سيرجي لافروف وسيرجي شويجو إلى القاهرة 13 نوفمبر الحالي حين قال إن بلاده تحرص على "علاقة صداقة طويلة الأمد مع مصر" فموسكو لن تقبل أن تكون مجرد أداة في يد القاهرة لإثارة القلق الأمريكي، ثم حين تزول مظاهر التوتر مع واشنطن، ينتهي الدور الروسي بلا مكاسب تذكر.

على هذه الخلفية، باتت موسكو قبلة تتوجه إليها ما يسمى بوفود الدبلوماسية الشعبية المصرية وتتبارى محطات التلفزة المصرية في استضافة سفيرها في القاهرة، بينما أصبح بوتين أكثر زعيم غير عربي يحظى بشعبية في بلاد الفراعنة على خلفية دعمه الهائل لثورة 30 يونيو في مقابل الرفض الشعبي المتصاعد لسياسات أوباما ودعمه اللامحدود للإخوان وهم في الحكم.

وأصبح المصريون يترقبون زيارة الرئيس الروسي للقاهرة في ظل تقارير شبه مؤكدة على أنها ستحدث قبل نهاية العام الحالي ولا شك أنها ستحظى باستقبال شعبي حافل، بينما يقترب الجانبان من التوقيع على صفقة سلاح روسية وشيكة للقاهرة.

والسؤال الآن ماذا يريد الطرفان من "تحالف استراتيجي" محتمل على غرار الستينيات؟ المؤكد أن موسكو تريد الوصول إلى موانئ مصر على البحر المتوسط بعد تزايد احتمالات فقدان قاعدتها العسكرية الوحيدة عليه في ميناء طرطوس السوري، وهو ما أشار إليه موقع "روسيا اليوم" حين ألمح إلى احتمال أن تتناول المحادثات إمكانية إقامة قاعدة بحرية روسية في ميناء بورسعيد أو السويس، وإن كان هذا يصطدم بالحساسية المصرية التقليدية إزاء إقامة قواعد أجنبية عسكرية على التراب الوطني.

أيضاً تطمح روسيا إلى أن تكون شريكاً - إن لم تكن بديلاً - لواشنطن في توريد السلاح للجيش المصري كما تأمل أن تكون القاهرة "بوابتها الجديدة " لاستعادة نفوذها في المنطقة خصوصاً بعد وصول التوتر بين الرياض وواشنطن إلى مستويات غير مسبوقة ونجاح الروس في تجنيب حلفائهم في دمشق ضربة أمريكية قاضية.

على الجانب الآخر، يريد المصريون التأكيد على استقلال القرار الوطني - بعد الثورة - وانتهاء عصر التبعية للبيت الأبيض إلى الأبد، فضلاً عن بدء أولى خطوات سياسة "تنويع مصادر السلاح"، ورسالتهم في ذلك إلى واشنطن: لا نريد عداوة بيننا، لكننا أيضاً لا نقبل بالهيمنة، كل ما نتطلع إليه علاقة قوامها الندية والاحترام المتبادل.. وهو ما عبر عنه وزير الخارجية المصري نبيل فهمي في أكثر من مناسبة وبأكثر من صيغة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com