هل حالت روسيا دون نجاح السياسات الإسرائيلية إزاء سوريا؟
هل حالت روسيا دون نجاح السياسات الإسرائيلية إزاء سوريا؟هل حالت روسيا دون نجاح السياسات الإسرائيلية إزاء سوريا؟

هل حالت روسيا دون نجاح السياسات الإسرائيلية إزاء سوريا؟

ارتبط التعاطي الإسرائيلي مع الحرب الدائرة في سوريا طوال عام 2016 بالوجود الروسي، وبالنظم الدفاعية المتطورة التي نصبتها موسكو هناك، الأمر الذي شكل قيدًا وعائقًا نسبيًا أمام تنفيذها لسياساتها العسكرية بحرية تامة، رغم أنها نفذت في أحيان كثيرة تلك السياسات بناء على تنسيق علني مع موسكو، وفي أحيان أخرى مستغلة الموقف الروسي الغريب إزاء حلفاء موسكو على الأرض.

وعملت إسرائيل في سوريا بناء على خطوط حمراء كانت المؤسسة العسكرية قد أعلنتها في شباط/ فبراير 2016، وقالت وقتها إن تجاوز تلك الخطوط الحمراء سيدفعها للتدخل في الحرب السورية.

وقالت إٍرائيل إنها لن تسمح بالمساس بالأراضي الواقعة تحت سيادتها، ولن تسمح بنقل أسلحة تحدث خللًا في توازن القوى الاستراتيجي مع حزب الله والجيش السوري، ولن تسمح أيضًا بتهريب أسلحة كيميائية إلى حزب الله في لبنان.

وفعّلت إسرائيل سياستها إزاء سوريا طوال العام الذي يوشك أن ينتهي، بناء على هذه الخطوط الحمراء وبحرية شبه كاملة وحققت أهدافا عديدة، منها قصف مواقع تابعة للجيش السوري، كما نجحت في اغتيال الرجل الثاني في ميليشيا حزب الله مصطفى بدر الدين في 13 أيار/مايو 2016 داخل سوريا.

سياسة روسية جديدة

وترددت روايات بشأن طلب موسكو من الرئيس السوري بشار الأسد، توجيه قواته لإسقاط المقاتلات الإسرائيلية، التي تنفذ من حين إلى آخر غارات ضد أهداف تابعة للجيش السوري النظامي، ضمن سياسة روسية جديدة ورسالة يوصلها الرئيس الروسي لإسرائيل تهدف إلى أن "سوريا ليست ساحة لعب للمقاتلات الإسرائيلية".

وتم تفسير الموقف الروسي على أنه مرتبط بالدعوة التي كان الرئيس فلاديمير بوتين، قد وجهها لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ولرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لعقد اجتماع في موسكو بهدف إحياء المفاوضات السياسية، وما بدت وأنها إهانة وجهها نتنياهو للرئيس الروسي حين قبل الدعوة قبل أن يعلن رفضها.

وزاد على ذلك تحذير وجهته وزارة الدفاع الروسية في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 ، بأن توجيه أية ضربات صاروخية أو جوية أمريكية، تستهدف المناطق الواقعة تحت سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد، ستشكل خطرًا مباشرًا على العسكريين الروس.

وأكدت الوزارة على لسان الناطق باسمها إيغور كوناشينكوف على أن "مدى صواريخ منظومة "S- 300" المنصوبة في قاعدتي حميميم وطرطوس العسكريتين، قد يفاجئ أي جسم طائر مجهول الهوية، وأن العاملين على النظام الدفاعي الصاروخي الروسي لن يكون لديهم الوقت الكافي لتحديد هوية الطائرات أو مصدر الغارات والرد سيكون فوريا".

وأجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو اتصالات عديدة بالرئيس الروسي وفتح معه الملف، وطالبه بعودة التنسيق بين الجانبين مثلما كان عليه الحال منذ تدخل روسيا في الحرب أواخر أيلول/ سبتمبر 2015.

العمل بدون تنسيق

وقعت اشتباكات يوم 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 ، بين قوة استطلاع إسرائيلية تابعة للواء النخبة "جولاني"، وبين عناصر مسلحة تابعة لتنظيم داعش، تعمل في القسم السوري من الجولان المحتل، وانتهت الواقعة بمقتل أربعة مسلحين، قالت إسرائيل إنهم ينتمون لميليشيات "خالد بن الوليد".

وتطرق وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان وقتها لإمكانية شن غارات داخل الأراضي السورية، من دون التنسيق مع القوات الروسية العاملة هناك، بعد أقل من شهرين على توقف هذا التنسيق.

وهدد بأن بلاده تحتفظ بحق الرد على أي تهديد يمثله تنظيم داعش في القسم السوري من الجولان، وقال إن الجيش الإسرائيلي لن يتردد في توجيه ضربات لهذا التنظيم داخل العمق السوري، سواء بالتنسيق مع القوات الروسية في سوريا أو بدون هذا التنسيق".

وأدلى نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، بتصريحات في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2016، تطرق خلالها لمنظومة العلاقات بين موسكو وتل أبيب، مشيرا إلى أن العلاقات الروسية – الإسرائيلية اليوم في أفضل حالاتها، وقال إن الرئيس بوتين "يمتلك علاقة قوية ومتدفقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".

انعقاد الحكومة الإسرائيلية بالجولان المحتل

شهد يوم 17 نيسان/ أبريل 2016 حدثا استثنائيا، تمثل في انعقاد الحكومة الإسرائيلية في إحدى المستوطنات بهضبة الجولان المحتلة، وذلك لإعلان رفضها للتقارير التي تحدثت عن اتفاق أمريكي – روسي محتمل لتضمين بند الانسحاب الإسرائيلي من الجولان في أية تسوية بشأن إنهاء الحرب الأهلية في سوريا.

وخلال الانعقاد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه "آن الأوان أن يعترف المجتمع الدولي بحقيقتين، الأولى هي أن خط الحدود بين سوريا وإسرائيل لن يتغير مهما تغيرت الأوضاع في سوريا، وأن حكومة إسرائيل لا تكترث بما سيحدث من تغيير هناك، والثانية هي أنه آن الأوان لأن يعترف المجتمع الدولي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان"، على حد قوله.

وأكد نتنياهو على أن إسرائيل "لن تبرح هضبة الجولان إلى الأبد"، مضيفاً أنه اختار عقد الاجتماع الأسبوعي لحكومته في الجولان لكي يوجه رسالة واضحة إلى الجميع بأن إسرائيل باقية في الجولان ولن تغادرها.

ورد الأمين العام لجامعة الدول العربية وقتها نبيل العربي في كلمته أمام اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، بهدف بحث التصعيد الإسرائيلي تجاه الجولان السوري المحتل، بأن "فرض إسرائيل لقوانينها وسلطاتها وإدارتها في مرتفعات الجولان السورية المحتلة إجراءات لاغية وباطلة وغير ذي أثر قانوني".

الدخول من بوابة المساعدات

وأقرت إسرائيل رسميًا للمرة الأولى في حزيران/ يونيو 2016، بإدخال مساعدات غذائية وطبية إلى فصائل متناحرة في سوريا، فيما علق معارضون للخطوة بقولهم إن الصراع بين هذه الفصائل من أجل السيطرة على الأرض وعلى نيل المساعدات الإسرائيلية يعمق الخلافات بين هذه الفصائل ويشكل سببًا إضافيًا للتوتر، وأن الجيش السوري الحر يحصل في الغالب على تلك المساعدات.

وتبيّن أن تلك المساعدات تدخل تحت غطاء منظمة الإغاثة اليهودية الأمريكية "عاماليا"، وهي منظمة تعرف نفسها على أنها غير ربحية، لكنها في الغالب تقوم بدور محدد لصالح إسرائيل ربما لا يستثنى منه الدور الاستخباراتي.

وبحث جيش الاحتلال الإسرائيلي أواخر تموز/ يوليو 2016 طلبًا قدمته تلك المنظمة بشأن السماح لها بتوسيع أنشطتها في الأراضي السورية، ولا سيما في منطقة القنيطرة، وشمل الطلب تحويل الأنشطة إلى الشق العلني، بعد أن أصبح الحديث يجري عن أمر واقع.

وأعلنت المنظمة في آب/ أغسطس 2016 نجاحها في إدخال كميات كبيرة للغاية من الغذاء والمساعدات اللوجيستية بشكل يومي إلى القسم السوري من الجولان، وأقرت بأن الجيش السوري الحر هو من يتسلم تلك المساعدات، ولفتت إلى أن تلك المساعدات تدخل بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي وأن شراء البضائع يتم داخل إسرائيل ما يسهم في انتعاشته.

وأعلن جيش الاحتلال في تشرين الأول/ أكتوبر أنه دشن وحدة جديدة تختص بإدخال المساعدات إلى الأراضي السورية وجلب عشرات السوريين إلى إسرائيل.

واعتبرت تلك الوحدة الجديدة ضمن اختصاصات منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية بالأراضي المحتلة اللواء يوآف مردخاي، وتبين أن اسمها "وحدة الدعم لسوريا" وأنها تضم مئات العناصر، التي يفترض أن تقوم بنقل المساعدات الإنسانية إلى المواطنين السوريين.

سياسات خاطئة؟

وبدأت أوساط سياسية إسرائيلية منتصف الشهر الجاري مطالبة حكومة نتنياهو بتغيير السياسات الإسرائيلية تجاه الحرب السورية، معتبرة أن تلك السياسات تسير في مسار خاطئ، معتدة بتصريح أدلى به  رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي السابق بني غانتس، جاء فيه أن "إسرائيل ستجد نفسها يوما ما مضطرة لمحاسبة الذات فيما يتعلق بموقفها من الحرب الأهلية في سوريا".

ودعا عضو الكنيست الإسرائيلي عوفير شيلح، رئيس الكتلة النيابية لحزب "هناك مستقبل" الوسطي الليبرالي في 16 كانون الأول/ ديسمبر 2016 حكومة نتنياهو إلى لعب دور في رسم مستقبل سوريا، وعدم تجاهل التطورات التي تحدث هناك، محذرا من خطورة تجاهل تلك الحكومة للأوضاع في سوريا أو لأية تسوية مستقبلية، معتبرا أن حالة اللامبالاة تلك تضر بمصالح الدولة العبرية.

ووصف النائب الإسرائيلي، طريقة تعاطي حكومة نتنياهو مع الأوضاع في سوريا بأنها "تعاني من ورطة منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية"، مضيفا أن "عدم لعب إسرائيل لأي دور للحفاظ على مصالحها في سوريا أمر خطير"، وأن "الورطة الإسرائيلية فيما يتعلق في سوريا بدأت منذ بدء الحرب الأهلية قبل 6 سنوات".

واعتبر شيلح أن مصلحة إسرائيل تتمثل في "خلق وضع يمنع منظمة حزب الله والميليشيات الشيعية الأخرى من فتح جبهة في الجولان، والتصدي للمحاولات الإيرانية للسيطرة على منطقة المثلث الحدودي بين سوريا والأردن وإسرائيل".

وطالب حكومة نتنياهو بالمشاركة في أية خطوات دولية تتعلق بسوريا، وبالتحول إلى لاعب أساس في جميع التطورات المقبلة هناك.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com