خبير دولي: لا بديل أمام مصر سوى الاحتجاج دوليًا على "سد النهضة"
خبير دولي: لا بديل أمام مصر سوى الاحتجاج دوليًا على "سد النهضة"خبير دولي: لا بديل أمام مصر سوى الاحتجاج دوليًا على "سد النهضة"

خبير دولي: لا بديل أمام مصر سوى الاحتجاج دوليًا على "سد النهضة"

طالب خبير القانون الدولي، مساعد عبد العاطي شتيوي، مصر بالتقدم باحتجاج قانوني أمام مجلس الأمن الدولي ضد ما عدها انتهاكات إثيوبية في عملية بناء سد النهضة، الذي تخشى مصر من تأثيره على حصتها من مياه نهر النيل، الذي تعتمد عليه بنسبة 97%، بحسب الإحصاءات الرسمية للحكومة المصرية.

ويرى عبد العاطي، -الذي صدر له، مؤخرًا، كتاب بعنوان "مبادئ القانون الدولي الحاكمة لإنشاء السدود على الأنهار الدولية- في إعلان المبادئ الموقع في مارس/آذار من العام الماضي، إلزامًا لأديس أبابا بعدم تخزين المياه أمام "سد النهضة" قبل إتمام الدراسات الفنية، المخول إلى شركتين استشاريتين فرنسيتين إجراؤها، وهي الدراسات التي لم يبدأ العمل فيها بعد.

وأشار عبدالعاطي، وهو مستشار في هيئة الرقابة الإدارية، في حواره مع "إرم نيوز"، إلى أن قانون "جاستا" الذي أقره الكونغرس مخالف لنصوص الدستور الأمريكي وللقانون الدولي، بينما طالب الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي بتبني تحرك دولي قانوني وسياسي حيال "الاستفزازات الإيرانية" التي كان آخرها الإعلان "غير القانوني" عن السيطرة على مضيق هُرمز.

 وتالياً نص الحوار:

هل خسرت القاهرة معركتها مع أديس أبابا بشأن سد النهضة أم لا يزال أمامها المزيد من الخيارات؟.

لا يمكن القول بذلك، فلا يزال أمام الدولة المصرية الوقت الكافي والأوراق القانونية التي يمكن أن تستخدمها على الصعيدين الإقليمي والدولي في هذا الشأن.

وما المطلوب من القاهرة فعله في ضوء المعطيات الراهنة؟.

مصر مطالبة بالتحرك على المستويين الإقليمي (الإفريقي) والدولي، والتقدم باحتجاج قانوني إلى مجلس الأمن على الانتهاكات الإثيوبية، المتمثِّلة في مخالفة المبادئ القانونية الحاكمة لإقامة المشروعات المائية، وخاصة السدود على الأنهار الدولية، وهي المبادئ التي تشمل: الإخطار المسبق، وتقديم الدولة صاحبة المشروع للبيانات والدراسات الفنية الكاملة الخاصة بالمشروع إلى الدول المحتمل تضررها، مع التزامها بعدم البدء الفعلي في البناء إلا بعد التوافق مع تلك الدول، وهو ما جسده العرف الدولي، الذي أقرته الأمم المتحدة في اتفاقية 1997، ودخل حيز التنفيذ الفعلي في 2014.

والاحتجاج القانوني إجراء رخصه القانون الدولي؛ لإعراب الدول عن الوقائع والتصرفات التي تمثل اعتداءً على مصالحها وحقوقها، وهو في الوقت نفسه لا يؤثر على التفاوض أو دوام حسن العلاقات، فهو إجراء الهدف منه إثبات موقف كي لا يفسر الصمت على أنه إقراراً ضمنيًا بتلك الانتهاكات الإثيوبية، التي تمثل تحديًا وجوديًا للدولة المصرية، وعليه لا بد من الاعتراض المصري عليها بكل الصور القانونية المتاحة؛ حتى لا يعد بناء أديس أبابا لهذا السد بهذا الشكل سابقة واقعية وقانونية يمكن لباقي دول حوض نهر النيل الاستناد إليها في مشروعات مماثلة.

وقد سبق لإثيوبيا، الاحتجاج ضد مصر أمام الأمم المتحدة، اعتراضًا على اتفاقية 1959 المبرمة بين مصر والسودان (والتي تقرر بالحصص التاريخية للقاهرة والخرطوم) في مياه النيل في المرة الأولى، والثانية إبان بناء مصر للسد العالي.

إذن لماذا الصمت المصري إلى الآن؟.

الدولة المصرية صاحبة القرار والسلطة التقديرية في اتخاذ المناسب والملائم من وجهة نظرها، للمحافظة على المصالح العليا للبلاد.

ومصر أكدت للعالم، التزامها بالمسار التفاوضي وإعلائها مبدأ حسن الجوار واحترام مبادئ القانون الدولي في حل النزاعات بالطرق السلمية، وأنها مع التنمية في إثيوبيا بشرط عدم الإضرار بحقوقها المكتسبة في مياه النيل.

كيف ترى تأثير "إعلان المبادئ" على سير المفاوضات، لا سيما وأن بعض المتابعين اعتبروه اعترافًا مصريًا بالمشروع ولا يلزم إثيوبيا بشيء؟.

ليس صحيحًا أن إعلان المبادئ (الموقع في مارس عام 2015 من قِبل الرئيسين المصري والسوداني ورئيس الوزراء الإثيوبي) يمثل اعترافًا مصريًا بالوضع الفني الحالي لسد النهضة؛ لأن مصر رهنت بهذا الإعلان بدء تخزين المياه أمام السد بإتمام الدراسات الفنية المطلوبة، كما أن القاهرة استطاعت بكل ذكاء أن تجعل إثيوبيا توقع على هذا الإعلان، المصاغ في ضوء مبادئ القانون الدولي، بما يحمل في ثناياه الالتزامات الدولية والضوابط القانونية في بناء السدود على الأنهار الدولية.

والجانب الإثيوبي مطالب، بناءً على المبادئ العشرة الواردة في الإعلان، بعدم تخزين المياه، لحين التأكد من عدم تأثُّر مصر سلبيًا نتيجة لبناء هذا السد بهذا الشكل.

لكن أنباءً يتم تداولها عن عزم إثيوبيا بدء المرحلة الأولى من التخزين في الصيف المقبل؟.

إن صحت هذه الأنباء، فمن الضروري التنسيق بين مصر والسودان، لبحث كيفية إلزام الجانب الإثيوبي بالأحكام الواردة في إعلان المبادئ الموقعة من رأس السلطة في البلدان الثلاثة.

هل القانون الدولي قادر على إلزام أديس أبابا بعدم الإخلال بالحقوق المصرية في مياه النيل؟.

نعم؛ إذ رسخت محكمة العدل الدولية، في حكمها الصادر عام 1997 بشأن النزاع بين المجر وتشيكوسلوفاكيا حول أحد الأنهار المشتركة، مبدأً قانونيًا باعتبار اتفاقيات الأنهار الدولية شأنها شأن معاهدات الحدود تتوارثها الدول، ولها حجية في القانون الدولي، وهو ما يسري على اتفاقية 1959، التي حددت حصة مصر من مياه نهر النيل بـ 55.5 مليار متر مكعب سنويًا.

لكن 6 من دول حوض النيل تتقدمهم إثيوبيا وقعت في 2010 اتفاقية عنتيبي الإطارية التي تنكر حصة مصر والسودان من المياه؟.

الصيغة النهائية للاتفاقية مخالفة بالأساس للقانون الدولي، لأمور ثلاثة، أولها: عدم النص صراحةً على مبدأ الحقوق المكتسبة، وهو مبدأ قانوني راسخ بالنظم الداخلية للقانون الدولي، وثانيها: النص على مبدأ الإخطار المسبق دون النص على الإجراءات، أي أنه نص فارغ من مضمونه، بينما ثالثهما: أن مصر، وهي دولة المصب، الطرف الأضعف في هذه المعادلة، وهي أولى بالرعاية القانونية لاعتمادها على نهر النيل بنسبة تفوق 97 %، بخلاف سائر دول حوض النيل.

والاتفاقية بصيغتها الحالية، تمثِّل تحدياً هامًا وحقيقيًا أمام الأمن المائي المصري، ولا بد من التعامل معه بكل قوة للحفاظ على الحقوق المكتسبة لمصر في مياه النيل.

إثيوبيا تقول إن القاهرة المستفيد الأكبر من المياه النابعة من أراضيها، وإن الوقت حان لاستغلالها، ما تعليقك؟.

أديس أبابا تتعامل مع نهر النيل باعتباره جزءًا من سيادتها الخاصة، وتستند في هذا الشأن إلى مبدأ قانوني مهجور عمليًا وقضائيًا، ولا تطبيق واحد له، ويرفضه الفقه القانوني بدعوى إصداره من جانب موظف حكومي، وهو النائب العام الأمريكي، هارمون، الذي أعد مذكرة قانونية لحل النزاع بشأن نهر "ريوجراند" بين بلاده (دولة المنبع) والمكسيك (المصب)، دفع فيه بأن النهر جزء من السيادة الأمريكية، ولها أن تتعامل معه كيفما تشاء، إلا أن الولايات المتحدة نفسها عادت وتنصلت من المبدأ ذاته في نزاعها مع كندا، بشأن أحد الأنهار المشتركة التي تنبع من الأخيرة.

كما أن الثابت في القانون الدولي، أن النهر مورد طبيعي مشترك يستخدم في ضوء مبادئ العدل والإنصاف، وبالتالي المزاعم الإثيوبية لا أساس قانوني يمكنها الاستناد إليه.

في ظل "الشح المائي" الذي تعانيه مصر ظهرت دعوات من جانب خبراء في الموارد المائية بربط نهر الكونغو بنهر النيل.. ماذا يقول القانون الدولي في هذا الشأن؟.

النهر الدولي قانونًا، هو وحدة طبيعية جغرافية متميزة، وكل نهر يتباين عن الآخر، والقانون الدولي بالأعراف والمبادئ المستقرة يرفض نقل المياه خارج الأحواض إلا بتوافق الدول جميعها، وحتى في حال توافقت الأطراف المعنية، فهناك عقبات فنية وطبيعية في عملية توصيل النهرين، أعلنتها الحكومة المصرية، ممثلَّة في وزارة الري، منها أن المنطقة المقترحة لربط النهرين عند جنوب السودان، هي منطقة برك ومستنقعات، فضلًا عن كون المجرى لا يستوعب كميات أخرى من المياه، إلى جانب الأعباء المالية الطائلة المطلوبة لذلك.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com