توقع محللون سياسيون أن تراهن واشنطن "جدياً" على طهران، في إمكانية القيام بدور مع ميليشيا "حزب الله" لوقف المواجهات على الجبهة اللبنانية، حيث تحاول الولايات المتحدة الضغط على تل أبيب لإيقافه.
ويرى المحللون أن أمريكا ستستمر في الضغط لإنهاء الحرب حتى تترك إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل مغادرة البيت الأبيض "أثرًا إيجابيًّا".
ويُعد رهان واشنطن على قدرة إيران بالتأثير في ميليشيا حزب الله وفقًا للمحليين، محكوماً باستغلال مساعي طهران القائمة حاليًّا عبر محادثات في نيويورك مع مسؤولين أمريكيين، لحصول إيران على بعض الحوافز والمكاسب المتعلقة بالعقوبات المفروضة عليها من الغرب.
ضغوط أمريكية
ويقول المحلل السياسي د. سعد الحامد، إن "إيران تضع أوراق اللعب، وتظهر إمكانية قدرتها في التعامل مع ميليشيا "حزب الله" للتوصل إلى نقطة تتزامن من جهة أخرى بوقف العدوان الإسرائيلي بضغوط أمريكية".
وأشار إلى أن "طهران تلوح بقدرتها وفرض تحكمها على "حزب الله" مقابل الحصول على ما تريده في الصفقة التي يَحضر بسببها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في نيويورك".
ويوضح "الحامد"، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن "الطرف الذي يهاجم هو إسرائيل وسط عدم الظهور بالشكل المتوقع من جانب "حزب الله"، ما يعكس أن الميليشيا اللبنانية تتحرك وفقًا لأيديولوجيات أو أولويات سياسية تُمْلَى عليه من طهران، تحقيقًا لمصالح إيران التي تتفاوض مع الولايات المتحدة على إمكانية التوصل إلى أي مكاسب أو حوافز أو عودة برنامجها النووي، وهذا ما يأمله "بزشكيان".
ووصف "الحامد"، ما يراه من عدم المواجهة بالقدر المنتظر من جانب ميليشيا "حزب الله" تجاه إسرائيل بـ"الصبر التكتيكي" الذي تتوافق عليه "الميليشيا" مع إيران، حتى يتم التعرف من جانب طهران على الحوافز والمكاسب المنتظرة لها من واشنطن من جهة، وفي الوقت ذاته مدى قدرة الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل لإنهاء الهجوم على لبنان.
ولاية الفقيه
ويرى "الحامد" أن إيران "تناور من أجل المكاسب التي تنتظرها من الجولة التفاوضية مع واشنطن، وتقدم نفسها في هذا الصدد للولايات المتحدة، على أنها القادرة على التحكم في حزب الله لوقف نشاطه العسكري والتوصل إلى تهدئة في المواجهة".
وهو ما يعتبر مكسبًا كبيرًا للإدارة الأمريكية بحسب حامد مع الرئيس جو بايدن الذي سيغادر البيت الأبيض قريبًا، وأيضًا مكسب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بإطالة أمد الحرب في ظل ما ينتظره من محاكمات وضغط من معارضيه والقضايا العديدة المقامة ضده، والتي وصلت إلى محكمة "العدل الدولية" نتيجة جرائمه في غزة.
واستكمل المحلل السياسي بأن "طهران" مع ذلك، لن تتخلى عن أيٍّ من أذرعها، وفي صدارتهم ميليشيا "حزب الله"، في ظل وجود الفكر الأيديولوجي المتأسس على قاعدة "ولاية الفقيه"، وحتى لا تخسر إستراتيجية تنفيذ أهدافها عبر وكلائها.
بينما ذكر الباحث في الشأن الإيراني عادل الزين، أن رهان واشنطن قائم بالفعل على قدرة إيران في أن تجعل ميليشيا "حزب الله" مهذبًا بحسب وجهة نظر الغرب، وأن يكون مصاحبًا لذلك واقع جديد في ما يشكله جنوب لبنان لإسرائيل من مخاطر، بضمانات واضحة تمنع ذلك.
ويبين "الزين" في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن إسرائيل ستستغل الحاجة التفاوضية لطهران مع واشنطن، وستدفع الأخيرة من خلال المحادثات القائمة بين أمريكا وإيران، بفرض نقطة مهمة تربط بها أي مكاسب أو حوافز تحصل عليها طهران من إدارة "بايدن"، تتعلق بعمل خريطة لتوزيع عناصر ميليشيا "حزب الله" في لبنان وأيضًا نوعية ومدى السلاح المستخدم بمعنى أن يتم نزع أي خطورة للميليشيا على الشمال.
وتابع بالقول إن إدارة "بايدن" تعمل بضغط كبير على تل أبيب لوقف العدوان على لبنان ومواجهة ميليشيا حزب الله، حتى تترك أي أثر إيجابي قبل رحيلها، في ظل اشتعال هذا العدد الكبير من الحروب والصراعات في فترة حكمها.
التحكم بالتسليح
فيما يؤكد المحلل السياسي طاهر أبو نضال، أنه رغم كون إيران صاحبة الهيمنة، وتتحكم بأمر ميليشياتها، وفي صدارتهم "حزب الله"، فإنه من الممكن أن يكون هناك مخاوف أو عدم تحكّم كامل تدركه أمريكا وإسرائيل في قدرة طهران على ذلك، لعدم تحكمها في الاستخدام التسليحي لبعض ميليشياتها.
ولفت "أبو نضال" في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، إلى أن "تملص" إيران مؤخرًا من الكثير من الوعود التي قدمتها لميليشياتها، ومنها ترك "حزب الله" بمفرده بهذا الشكل، حتى لو كان ذلك بالتنسيق، ولكن هناك عناصر قاعدية في هذه التنظيمات لها ممارسة على أسلحة وأدوات عسكرية، من الممكن أن تحمل أي انفلات، وتقوم بأي هجوم؛ ما يجعل قدرة إيران على فرض تحكمها بميليشياتها أمرًا يحمل الشك.