بعد بيان الجيش.. هل بات الطريق سالكا لإنهاء الأزمة السودانية؟

بعد بيان الجيش.. هل بات الطريق سالكا لإنهاء الأزمة السودانية؟

حرك بيان للقوات المسلحة السودانية اليوم السبت بركة العملية السياسية الساكنة منذ شهور، حيث توالى الترحيب السياسي، بينما اعتبر محللون أن الطريق بات سالكا امام أطراف الأزمة، لبلوغ محطة "الاتفاق النهائي" وتشكيل الحكومة الانتقالية.

وكان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، العقيد نبيل عبدالله، قد أعلن في وقت سابق من يوم السبت، التزام الجيش الكامل بالعملية السياسية الجارية، وتقيده الصارم والتام بما تم التوافق عليه في "الاتفاق الإطاري"، لحل أزمة البلاد، عبر تشكيل حكومة مدنية لقيادة المرحلة الانتقالية، متهما البعض بمحاولة المزايدة على مواقفه بشأن العملية السياسية ووصفها بـ"محاولات مكشوفة للتكسب السياسي".

ويأتي بيان القوات المسلحة، بعد بطء لازم العملية السياسية التي بدأت بتوقيع "اتفاق سياسي إطاري" في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وكان مأمولا أن تتوج في ظرف شهر باتفاق نهائي تُشكل بعده حكومة مدنية لقيادة الفترة الانتقالية.

وسارعت قيادات سياسية وقوى مدنية موقعة على "الاتفاق الإطاري" للترحيب بموقف القوات المسلحة، قائلة إن البيان "حمل رسائل مهمة وإيجابية".

وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني، والقيادي بقوى الحرية والتغيير، عمر الدقير، إن "البيان الصادر من مكتب الناطق الرسمي للقوات المسلحة، إيجابي يستحق الترحيب، لأنه أكّد التزام الجيش بمجريات العملية السياسية الجارية، والتقيّد الصارم والتام بما تم التوافق عليه في الاتفاق الإطاري".

وأكد الدقير خلال تدوينه على "تويتر"، "سعي الأطراف للتعجيل بالوصول إلى الاتفاق النهائي الذي يضع حدًّا للأزمة السياسية في البلاد، ويسترد مسار التحول الديمقراطي عبر سلطة مدنية تمثل ثورة ديسمبر وتعمل على تنفيذ أهدافها".

وتأتي هذه التطورات بعد الجدل المثار مؤخرا بشأن موقف القوات المسلحة من الاتفاق الإطاري وتسليم السلطة لحكومة مدنية تمهد لانتخابات عامة بنهاية المرحلة المحددة بعامين.

"البيان يؤكد كذلك رغبة الجيش الجادة في الانحياز إلى ثورة ديسمبر المجيدة والالتزام بمطالبها في الإصلاح العسكري لتشكيل جيش وطني واحد، وحماية الانتقال والتحول الديمقراطي"
المحلل السياسي حبيب فضل المولى

وكان عضو مجلس السيادة الانتقالي، الفريق شمس الدين كباشي، قال في شباط/ فبراير الماضي، إن "أطراف الاتفاق الإطاري، الحالية غير كافية لتحقيق الاستقرار"، مطالبًا بفتحه لاستيعاب قوى جديدة حتى يكون أكثر شمولا، بينما رفضت ذلك القوى المدنية وتمسكت بمشاركة الأطراف المحددة في الاتفاق فقط.

إزالة الشكوك

وقال المحلل السياسي حبيب فضل المولى، إن "بيان القوات المسلحة، اليوم، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن الجيش ماض وملتزم بما وقعه في الاتفاق الإطاري، مع الأطراف المدنية، كما يزيل الشكوك والتكهنات والشائعات التي أُطلقت مؤخرًا حول تنصل الجيش عن العملية السياسية".

وأوضح فضل المولى في حديث لـ"إرم نيوز" أن "البيان يؤكد كذلك رغبة الجيش الجادة في الانحياز إلى ثورة ديسمبر المجيدة والالتزام بمطالبها في الإصلاح العسكري لتشكيل جيش وطني واحد، وحماية الانتقال والتحول الديمقراطي، وصولا إلى انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية".

وأشار إلى أن البيان يعد بمثابة الرد على من اسماهم بـ "المتكسبين سياسياً والمنتقدين مواقف الجيش وأدواره"، كما يقطع الطريق أمام أي تراجع محتمل في المستقبل عن التحول السياسي في البلاد.

وأشار كذلك إلى أن "البيان يحمل رسائل مختلفة، داخلية لقوى الثورة فيها تصالح وتخفيف من حدة التوتر، وأخرى خارجية للمجتمع الدولي والإقليمي، بأن الجيش ليس ضد الانتقال الديمقراطي".

"العسكريون لديهم تأثير واضح على الكتلة السياسية الممانعة للاتفاق الإطاري، ما يتطلب حسم موقفهم حيالها، لتأكيد التزامهم بالمواثيق الموقعة التي تحدد أطراف العملية السياسية"
المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم

وكان الناطق باسم القوات المسلحة قال في بيانه، إن "الجيش يستمد قوته وشرعيته من صوت وهتاف الشعب السوداني، شعب واحد جيش واحد ".

مشيراً إلى أن "مزايدة البعض بمواقف القوات المسلحة، والحديث عن عدم رغبة قيادتها في إكمال مسيرة التغيير والتحول الديمقراطي، محاولات مكشوفة للتكسب السياسي والاستعطاف، وعرقلة مسيرة الانتقال، وهي لن تنطلي على فطنة وذكاء الشعب ووعي ثوار وثائرات وشباب البلاد، حراس ثورة ديسمبر المجيدة".

نزع التوتر

يرى المحلل السياسي، شوقي عبدالعظيم، أن بيان الجيش سينزع التوتر القائم بين الأطراف المختلفة في الساحة السياسية، لأنه أتى من مؤسسة القوات المسلحة وليس من قادة المجلس السيادي.

وقال عبدالعظيم لـ "إرم نيوز" إن "البيان يعزز دعم الجيش للعملية السياسية، لكنه لا يزال بحاجة إلى إجراءات وخطوات عملية مثل تحديد مواعيد معلومة لتسليم السلطة للمدنيين، وكيفية الانسحاب من المشهد السياسي، والشروط الموضوعة لذلك".

وأشار عبدالعظيم إلى أن "العسكريين لديهم تأثيرا واضحا على الكتلة السياسية الممانعة للاتفاق الإطاري، ما يتطلب حسم موقفهم حيالها، لتأكيد التزامهم بالمواثيق الموقعة التي تحدد أطراف العملية السياسية".

وأكد أن "الخيار الوحيد أمام أطراف الاتفاق الإطاري، بعد بيان الجيش، هو أن تمضي في العملية السياسية قدماً إلى الأمام، وتحدد زمن التوقيع على الاتفاق النهائي وتشكيل حكومة مدنية لقيادة المرحلة النهائية".

من جهتها قالت القوى المدنية الموقعة على "الاتفاق الإطاري" إن بيان القوات المسلحة، حمل رسائل مهمة وإيجابية، ما يعزز التزام كل أطراف العملية بالمضي فيها قدما، وتجاوز ما يعترضها من تحديات بروح وطنية ومسؤولة".

وأوضحت أن "الاتفاق الإطاري وضع أساسا سليما لأهم القضايا التي تواجه البلاد الآن، وعلى رأسها ضرورة استرداد مسار الانتقال الديمقراطي تحت قيادة سلطة مدنية كاملة، ووحدة الجيش السوداني، ونأيه عن السياسة ضمن عملية شاملة للإصلاح الأمني والعسكري، والشروع في عملية شاملة ومنصفة للعدالة والعدالة الانتقالية، وغيرها من القضايا الرئيسية التي عالجها بصورة عميقة".

وأشارت إلى أن "ذلك يضع على عاتق أطراف الاتفاق الإطاري جميعا ضرورة إكمال مناقشات المرحلة النهائية في أقرب فرصة ممكنة، بما يؤسس لمرحلة انتقالية مستقرة وناجحة تقود في نهايتها لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة".

يُنتظر أن تقود العملية السياسية إلى اتفاق نهائي بين الأطراف السودانية، خلال المرحلة المقبلة، تتشكل بعده حكومة جديدة تقود فترة انتقالية مدتها 24 شهرًا، وتنتهي بإجراء انتخابات عامة
أخبار ذات صلة
مجلس الأمن الدولي يمدد العقوبات المفروضة على السودان

ويمر السودان بتجربة انتقال هشة عقب سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير، في نيسان/أبريل 2019، بينما تقود الآلية الأممية الأفريقية، بمساعدة الآلية الرباعية التي تضم "السعودية، والإمارات، وبريطانيا، والولايات المتحدة" عملية سياسية بين الأطراف السودانية، لإنهاء الأزمة.

وانعقدت في الخرطوم، خلال الفترة من 12 وحتى 15 فبراير/شباط الماضي، ورشة "خريطة طريق الاستقرار السياسي والأمني والتنمية المستدامة في شرق السودان"، كثالث مؤتمرات المرحلة النهائية للعملية السياسية الخاصة بالقضايا الخمس المحددة في "الاتفاق الإطاري"؛ بهدف الوصول إلى اتفاق سياسي نهائي شامل وعادل.

ويُنتظر أن تقود العملية السياسية إلى اتفاق نهائي بين الأطراف السودانية، خلال المرحلة المقبلة، تتشكل بعده حكومة جديدة تقود فترة انتقالية مدتها 24 شهرًا، وتنتهي بإجراء انتخابات عامة تضع البلاد على طريق التحول الديمقراطي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com