بالصور.. في غياب أفق لحلّ سياسي مسلحو "بوليساريو" يتأهبون للحرب
بالصور.. في غياب أفق لحلّ سياسي مسلحو "بوليساريو" يتأهبون للحرببالصور.. في غياب أفق لحلّ سياسي مسلحو "بوليساريو" يتأهبون للحرب

بالصور.. في غياب أفق لحلّ سياسي مسلحو "بوليساريو" يتأهبون للحرب

في موقع صخري في الصحراء الغربية تجري تعبئة جيل جديد من الجنود الذين لم يعرفوا الحرب قط مع تجدد التوترات في واحد من أقدم النزاعات في أفريقيا رغم سلام غير مستقر مضى عليه ربع قرن.



ويشغل جنود صحراويون شبان مواقع جديدة في الصحراء لجبهة البوليساريو التي سعت على مدى أكثر من 40 عاما الى استقلال المنطقة - في البداية عن طريق حرب عصابات ضد المغرب ثم من خلال السبل السياسية منذ إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في 1991.



 

والآن فإن مواجهة مع المغرب الذي يسيطر على أغلب أرجاء الصحراء الغربية تجدد الضغوط من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي يضمن ألا يعود مجند مثل سيدي أحمد إبراهيم للقتال كما فعل الجيل السابق من القادة من قبل.

وإبراهيم (25 عاما) في نفس عمر وقف إطلاق النار، وبدأ صبره ينفد إزاء جهود الأمم المتحدة لإنهاء المأزق القائم منذ عقود ومنع تجدد الاشتباكات في الصحراء.

وقال وهو جالس وقد وضع بندقية كلاشنيكوف على ركبتيه في موقع تتمركز فيه وحدته "انتظرت طول حياتي أن تجد الأمم المتحدة حلا... الآن المغرب يحاول اختبارنا".



 

ووضعت المواجهة المستمرة منذ أغسطس/ آب قوات المغرب وجبهة البوليساريو على مسافة 200 متر من بعضهما البعض في شريط ضيق من الأرض قرب الحدود مع موريتانيا.

ومع وجود قوات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة تفصل بين قوات الطرفين هناك، فإن هذا الوضع قد لا يتصاعد إلى حرب. لكن دبلوماسيين يسعون جاهدين من أجل تكريس السلام في المنطقة الواقعة على الطرف الغربي من منطقة الساحل التي تشهد صراعات بالفعل مع انخراط حكومات من موريتانيا ومالي إلى النيجر وتشاد في القتال ضد جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة في الغالب بمساندة غربية.

والنزاع على الصحراء الغربية الغنية بالفوسفات مستمر منذ العام 1975 عندما غادرها المستعمر الإسباني. وطالب المغرب بالمنطقة وخاض حربا استمرت 16 عاما مع جبهة البوليساريو التي أنشأت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية المعلنة من جانب واحد.

وإبراهيم مثل رفاقه الأصغر سنا لم يحارب قط لكن والده قتل في معركة سابقة مع المغرب في مكان غير بعيد عن موقعه قرب قرية تيفاريتي.



 

وقال إبراهيم الذي نشرت وحدته مدافع مضادة للطائرات ودبابات روسية الصنع متقادمة في الصحراء "الجيل الأصغر يريد إيجاد حل أيا كان الثمن".

وأثناء حديثه حلقت طائرة استطلاع للأمم المتحدة في السماء غير بعيدة عن ضوء ينبعث من كشافات إضاءة في قاعدة صغيرة لقوات حفظ السلام ويضيء ليل الصحراء.

المواجهة عند الحاجز الحدودي

منذ بدء المواجهة حشدت البوليساريو جنودا عند الحاجز الذي بناه المغرب، وهو جدار من الطين والحجارة تتم حمايته بألغام أرضية. ويفصل الخط المتعرج الذي يمتد ثلاثة آلاف كيلومتر عبر الصحراء الغربية بين المناطق التي يسيطر عليها المغرب وتلك التي تسيطر عليها البوليساريو.

واندلعت أحدث مواجهة عند الطرف الجنوبي للحاجز الحدودي واضطرت قوات الأمم المتحدة للتدخل بعد أن عبرت قوات الشرطة المغربية الحاجز إلى منطقة عازلة وردت جبهة البوليساريو بالمثل. وظلت الوحدات تواجه بعضها البعض في قرية كركرات.



 

وتأتي المواجهة في وقت حساس تجرى فيه محاولات لاستئناف الجهود الدبلوماسية.

وبالنسبة لجبهة البوليساريو فإن ما حدث في كركرات استفزاز مغربي وأسوأ انتهاك لوقف إطلاق النار الذي وقعته على أساس تفاهم على إجراء استفتاء تنظمه الأمم المتحدة على حكم ذاتي للصحراء الغربية.



 

لكن الاستفتاء لم يجر بسبب عدم اتفاق الطرفين على الشروط بما في ذلك من الذي يحق له التصويت وهل سيكون الاستفتاء على الاستقلال أو حكم ذاتي فقط.

ويقول المغرب إن العملية التي قام بها كانت تهدف فقط إلى إزالة انقاض وتمهيد الطريق إلى موريتانيا للمساعدة في مكافحة التهريب. وفي الرباط ينفي المسؤولون أي انتهاك لوقف إطلاق النار ولا يرون سوى محاولة من البوليساريو لتسجيل نقاط سياسية.

ومن جانبهم يقول قادة البوليساريو إنهم قاموا بتعبئة الجنود كإجراء دفاعي محض قرب الحاجز.

وحتى الآن لم تسفر مقترحات للأمم المتحدة عن انسحاب الطرفين عن أي شيء وتتنامى مشاعر الاحباط.



وقال إبراهيم محمد محمود الأمين العام لجبهة البوليساريو لرويترز "نحن نحترم وقف إطلاق النار. القرارات بيد القيادة السياسية... لكن كثيرين من سكان الصحراء الغربية يشعرون بعد هذا وبعد سنوات من الانتظار أن الحل الوحيد هو العودة للحرب".

 مسعى دبلوماسي جديد

ويحاول مفاوضو الأمم المتحدة منذ يوليو/ تموز إجراء جولة جديدة من المفاوضات. وتقول البوليساريو إنها مستعدة لإجراء محادثات لكن تحديد الموعد عملية معقدة.

وأصبح للجبهة زعيم جديد هو إبراهيم غالي بعد وفاة مؤسسها محمد عبد العزيز في يوليو/ تموز في حين سيحل أنطونيو غوتيريش محل بان كي مون في الأمانة العامة للأمم المتحدة اعتبارا من الأول من يناير/ كانون الثاني.

وفضلا عن ذلك يقول المغرب إن مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس لا يمكنه زيارة الرباط حتى يتم تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات أجريت في سبتمبر/ أيلول.

وفي الوقت نفسه يحشد المغرب التأييد لينضم مرة أخرى إلى الاتحاد الافريقي ويأمل في كسب تأييد الاتحاد لخطة قدمها الملك محمد السادس تمنح المنطقة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. وكان المغرب قد انسحب من الاتحاد الافريقي قبل 30 عاما احتجاجا على اعترافه بالبوليساريو.



 

وتعكس الكثير من أبعاد المأزق انقسامات داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي لم يتمكن من حمل أي من الطرفين على قبول المقترحات. وتساند فرنسا المغرب في حين تتبنى الولايات المتحدة نهجا أكثر حذرا لكنها تصف خطة الملك بأنها "ذات مصداقية وواقعية". وخارج الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن تساند فنزويلا وأنغولا جبهة البوليساريو.

وقال محمد حداد منسق الأمم المتحدة لدى الجبهة إن الكرة في ملعب المجلس. وأضاف قائلا: "يتعين على مجلس الأمن أن يأخذ في الاعتبار أنه يوجد تحد للسلام ويتعين عليهم أن يعطوا اهتماما لهذا الصراع".

وترفض الرباط إصرار الجبهة على الاستفتاء قائلة إن هذه الخطة لم تعد تذكر على وجه التحديد في قرارات الأمم المتحدة. وقال المصدر المغربي الرسمي "لماذا يجب علينا أن نعود لعام 1991؟".



وقال دبلوماسيون غربيون ومصدر بالأمم المتحدة إن خطوة المغرب في كركرات بدت وكأنها استعراض للقوة لاختبار القيادة الجديدة للبوليساريو بينما تساعدها في كسب الوقت على الصعيد الدبلوماسي.

وقال مصدر الأمم المتحدة "يريدون أن يظهروا لنا جميعا أن بإمكانهم تجاوز الحاجز وهي مبادرة خطرة... سنرى الكثير من ذلك في غياب عملية مفاوضات".

ويرفض المغرب هذه الاتهامات. وقال المصدر المغربي "البوليساريو ردت وانتهكت وقف إطلاق النار بإدخال قوات".

 وقف إطلاق النار "خيانة"

ونزح كثيرون من سكان الصحراء الغربية أثناء الصراع الطويل ويقيم بعضهم في مخيمات للاجئين عبر الحدود في جنوب الجزائر.. ويقيم نازحون آخرون في الأقاليم الجنوبية في المغرب.



وفي المخيمات الجزائرية التي عاش فيها شبان الصحراء الغربية حياتهم كلها لم يكن من شأن تحرك المغرب في كركرات وما يعتقدون أنه استجابة بطيئة للأمم المتحدة سوى تعميق نفاد صبرهم وزيادة الضغوط من أجل التوصل إلى حل.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 90 ألف لاجئ -وهو عدد تطعن الرباط في صحته- يقيمون في خيام ومبان مؤقتة منتشرة في أرجاء الصحراء قرب بلدة تندوف الجزائرية حيث يعتمد السكان على وكالات الإغاثة في إمدادات الماء والغذاء.



واحتدمت المشاعر أثناء مناظرة عقدت مؤخرا في مخيم رابوني حيث واجه اثنان من الزعماء الأكبر سنا نشطاء من الشباب. وقال حما المهدي أحد النشطاء "الأمم المتحدة لم تفعل شيئا. 16 عاما من الحرب كانت نتائجها: 25 عاما من وقف إطلاق النار لم تعطنا شيئا".



وبالنسبة للقادة الذين حاربوا المغاربة في بعض من المعارك السابقة قرب تيفاريتي تلاشت جاذبية اتفاق سياسي. وقال محمد مولود أحمد باكيفا الذي فقد إحدى عينيه في الحرب ويعيش في خيمة قرب تيفاريتي "أرسلت رسالة إلى القادة لكي أتمكن من الحصول على بندقية وأعود إلى كركرات... وقف إطلاق النار كان خيانة.. مازلنا غير أحرار بشكل كامل".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com