ليبيا تسعى لاستنساخ تجربة الجزائر في المصالحة الوطنية
ليبيا تسعى لاستنساخ تجربة الجزائر في المصالحة الوطنيةليبيا تسعى لاستنساخ تجربة الجزائر في المصالحة الوطنية

ليبيا تسعى لاستنساخ تجربة الجزائر في المصالحة الوطنية

يتوجه القادة السياسيون في ليبيا إلى الاستفادة من النموذج الجزائري في المصالحة الوطنية، الذي أنهى حربا أهلية كان الإرهاب طرفا ولاعبا مهما فيها، خلال ما عرف بـ"العشرية السوداء"، حيث أطبق العنف والاقتتال على الجزائريين خلال تسعينيات القرن الماضي، وأودى بحياة الآلاف منهم.

فالزيارة الأخيرة لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج إلى الجزائر، جعلته يفكر جدياً في استنساخ تجربتها التي نجحت في إنهاء الحرب الأهلية قبل أكثر من 16 عاما، التي أطلق عليها "الوئام المدني"، حيث شجعت الإرهابيين على تسليم أسلحتهم، مقابل الاعتراف بجرائمهم والاعتذار والعودة للحياة المدنية.

وفي هذا الصدد، أكد وزير الخارجية الليبية في حكومة الوفاق محمد سيالة، عبر مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الشؤون المغاربية الجزائري عبدالقادر امساهل، على أن"ليبيا ستركز على الاستفادة من تجربة الجزائر في الوئام الوطني، لقد تقدمنا بطلب رسمي لمعرفة أدبيات هذه التجربة والتشريعات التي سنًت للاستفادة منها، إيمانا منا بأنه لن يكون هناك حل في ليبيا إلا بين الليبيين بمصالحة حقيقية تجمعهم دون تمييز".

وأضاف الوزير الليبي، أن "التجربة الجزائرية تمت في بيئة مماثلة كثيرا، ويقال دائما إن أقرب الناس لليبيين في الطبع هم الجزائريين، وسوف نبني على هذا فيما نستطيع تطبيقه من هذه التجربة الحكيمة".

مشروع مصالحة ليبي

ومن ناحيته، علق فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني على التجربة الجزائرية، قائلاً "لقد أطلقنا مشروع المصالحة الوطنية الشاملة، ونتمنى الاستفادة من خبرة وتاريخ الجزائر في هذا الأمر كونها نجحت بامتياز في الخروج بالبلاد من ويلات الاقتتال".

وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، خلال زيارته الأخيرة للجزائر الشهر الماضي، قد حث الليبيين على ضرورة الاستفادة من التجربة الجزائرية، في مجال المصالحة الوطنية.

وقال كوبلر، إن "ذلك سيمكن الليبيين من التطلع إلى مستقبل أفضل"، مشددا على أن "هذا الأمر  لن يتم إلا من خلال وعي جميع الليبيين برهانات المستقبل وليس النخب فقط ".

تجارب مختلفة

ورأى النائب البرلماني محمد عبد الله، بأن الاختلاف بين الجزائر وليبيا كبير، مشيرا إلى أن عوامل النجاح في الجزائر ربما لن تتحقق في ليبيا لإنهاء الاقتتال القبلي أو النزاع المسلح لدوافع إرهابية وإجرامية.

وقال عبد الله لـ"إرم نيوز"، إنه "ربما نشترك مع الشقيقة الجزائر بالعديد من القواسم المشتركة، لكن الحرب في تسعينيات القرن الماضي كانت بين الإرهاب والجيش الجزائري بالمقام الأول، ونحن لدينا قتال بأوجه مختلفة لدوافع إرهابية وأخرى إجرامية، والأخطر من ذلك كله النزاعات القبلية التي تطفو للسطح بين الفينة والأخرى ".

وتساءل النائب الليبي، "كيف يمكن معالجة كل هذه الأنواع من النزاعات والحروب، وليبيا أصابها شرخ اجتماعي يصعب معاجلته، مع الأخذ بعين الاعتبار تغذية الصراع من دول مجاورة وأخرى إقليمية وقوى دولية تتكالب على ثروات البلاد وتدعم الأطراف بالسلاح والمال ضد بعضها البعض " .

واعتبر عبد الله، أن "مرجع نجاح الجزائر في تجربتها الكبيرة بالوئام المدني، هو الظروف التي هيئت لها وقد حظيت بعزلة دولية معينة، والأهم امتلاكها لمؤسسة عسكرية صلبة تصدت للإرهاب عسكريا قبل أن تتجه للحوار والسلم".

أما سارة بوعكاز الصحفية الجزائرية، فقد رأت أن برنامج المصالحة في بلادها يمكن تطبيقه في "حالات محددة"، محذرة من "الإفراط في التفاؤل".

وفي معرض تعليقها، قالت بوعكاز لـ"إرم نيوز"، إن "الاقتتال في الجزائر لم يتخذ طابعا قبليا قبل أكثر من خمسة وعشرين عاماً على اندلاعه، وهو عكس الوضع في ليبيا الذي تعد القبيلة والمناطقية محركا رئيسا لحالة العنف وعدم الاستقرار والاقتتال الذي يتواصل منذ أكثر من 5 أعوام ".

وأفادت الصحفية الليبية، بأن "التجربة الجزائرية وجدت أرضية للنجاح، تمثلت في التفات الشعبي وقبول التصالح مع الإرهاب، بالرغم من تأثر عشرات آلاف الأسر بالإرهاب بشكل مباشر أو غر مباشر"، منوهة إلى أنه "في ليبيا لا يوجد اتفاق حاسم بين الليبيين حول الخلاف الذي يسود بينهم، وهنا تكمن صعوبة المهمة"، وفق تعبيرها.

مصالحة غير منظمة

في الأثناء، يعتقد الكاتب الليبي السنوسي البسيكري، أن تجربة المصالحة الوطنية في ليبيا، لم توجه وفق توجهاتها وآلياتها الصحيحة كما هو معروف علميا أو كما هو مجرب في دول عدة مرت بظروف سياسية واجتماعية وأمنية مشابهة".

وكتب البسيكري في مقال صحفي بعنوان "المصالحة الوطنية في ليبيا"، قائلا "على الصعيد الوطني والقومي والرسمي ظلت المصالحة بندا أساسيا ضمن خطاب النخبة السياسية داخل دوائر صناعة واتخاذ القرار، لكنها لم تتحول عند هذه النخبة إلى مشروع متكامل الأركان على المستوى النظري، ومفعل على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية من خلال تبنيه كبرنامج وطني، توظف له كل الإمكانيات وتوفر له كافة ضمانات النجاح".

وأضاف الكاتب الليبي في مقاله "الصلح ليس مطلبا حقيقيا لأبرز الأطراف السياسية والعسكرية حتى اللحظة، ولا يزال رهان تلك الأطراف على تغيير المعادلة السياسية والأمنية من خلال تدافع القوة، وليس الحوار الجاد الشامل المباشر الذي يضع على الطاولة كافة نقاط النزاع الرئيسة، المتعلقة بالثروة والنفوذ وضمانات توزيعها بشكل مرض، وضمان استمرار ما يتم الاتفاق عليه".

وختم البسيكري مقاله بالقول "يبدو أن الصدمة الناجمة عن تعاظم الخسائر في مقابل الغنم المحدود، ثم تخلي الداعمين الخارجيين أو تراجعهم عن الدعم اللامحدود، هو من سيفرض مناخا قد يكون ممهدا لاتفاق متوازن يمهد لمصالحة حقيقية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com